يقول المثل "الحاجة أم الاختراع"، وفي فترة الحرب العالمية الثانية كانت الحاجة للقوة لمعظم القوى المتصارعة قد بلغت ذروتها، وعلى ذلك النحو تم اختراع العديد من الأسلحة التي غيّرت مجرى الحرب.
تعمل تلك الأسلحة بمبدأ بسيط: إنها مصممة بشكل أساسي لقتل أو إصابة الأشخاص وإعطابهم، أمّا كيفية فعل ذلك فعادة ما تكون الأمور واضحةً إلى حدٍّ ما، ولكن في بعض الأسلحة يكون الأمر أقرب إلى الغرابة والجنون، من ذلك 10 أسلحة غريبة في الحرب العالمية الثانية، نقلها موقع Business Insider الأمريكي في أحد تقاريره، لن تصدّق بأنها بالفعل.
1- قاذفة ألغام جوية محمولة على السفن
كانت قاذفة مقذوفات Unrotated Projectile سلاحاً مضاداً للطائرات قصير المدى، تم تطويره من قِبل البحرية الملكية، لتكملة المدفع الجوي "بوم بوم"، وذلك بسبب نقص الأسلحة المضادة للطائرات قريبة المدى.
كانت المهمة الأساسية لهذا السلاح هو حماية السفن البريطانية من طائرات العدو، فقد كانت مقذوفات Unrotated Projectile تُطلَق من على متن السفن، وتنفجر عند الوصول إلى ارتفاع 1000 قدم (305 أمتار تقريباً)، بعدها تقوم بنثر ألغامٍ مُزوّدة بمظلات عبر أسلاك تمتد 400 قدم (122 متراً تقريباً).
كانت الفكرة العامة هي إنشاء حقل ألغام جوي تصبح طائرات العدو فيه محاصرة في فوضى الأسلاك، ما يؤدي إلى سحب الألغام إلى بدنها وإسقاط الطائرة. لكنَّ الألغام والأسلاك والمظلات كانت كلها مرئية بسهولة، ولم يواجه طيارو العدو مشكلة في التحليق أعلى أو أسفل "حقل الألغام الجوي".
تشير بعض المصادر إلى أنّ هذا السلاح الغريب فشل فشلاً ذريعاً في مهمته، وعلى العكس من ذلك، كان Unrotated Projectile سلاحاً ضاراً لمبتكريه أكثر من فائدته.
إذ أصبحت الألغام غير المنفجرة في الجو بعد ذلك تحت رحمة الرياح، وكثيراً ما كانت تنجرف عائدةً باتجاه السفن البريطانية التي أطلقتها، ومن المحتمَل تماماً أن يكون هذا السلاح أصاب أو قتل بريطانيين أكثر مما أصاب أو قتل من الأعداء بسبب الحوادث وعمليات الإطلاق وغيرها.
2- Panjandurm
ابتكر الجيش البريطاني أداة تشبه العربة تُسمَّى Panjandurm (المُتجبِّر) من أجل إيجاد طريقة لخرق الدفاعات الألمانية الخرسانية في منطقة نورماندي، وبحسب قاموس Merriam-Webster، فإنَّ هذا الاسم صاغه أحد كُتَّاب المسرحيات البريطانيين في القرن الثامن عشر من مصطلح لا معنى له.
في الحقيقة كان Panjandurm واحداً من أكبر الإخفاقات العسكرية في مجال الأسلحة وأكثرها جنوناً وتسبباً للفوضى في التاريخ العسكري الحديث.
من الناحية النظرية، أُعِدّ سلاح Panjandurm ليُطلَق بسرعة هائلة، من أجل الاصطدام بالجدار الخرساني، فيخلّف فيه حفرة كبيرة تكفي لعبور دبابة. اعتقد الجميع أنها ستكون الطريقة الأسرع والأكثر فعالية لاقتحام الثغور الألمانية، وإنقاذ حياة عدد لا يحصى من الجنود المحاصرين بالألغام والموانع الأرضية، ونيران المدافع الرشاشة.
وبالرغم من أنّ تعليمات استخدامه كانت بسيطة جداً، فما عليك سوى تثبيت مجموعة من الصواريخ على عجلتين ضخمتين متصلتين بمحور يشبه الأسطوانة ومليءٍ بالمتفجرات، ثم توجيهها نحو الألمان النازيين، ثم أطلق الصواريخ وابتعد قدر المستطاع! لكن تم فقدان السيطرة على السلاح خلال الاختبارات مراراً وانحرفت عن مسارها المقصود.
3- كلاب انتحارية
غزت قوات مشاة هتلر عام 1942 روسيا السوفييتية باستخدام دبابات "Panzer" (بانزر) الألمانية.
سعى الروس، الذين كانوا يستخدمون الكلاب العسكرية منذ عام 1924، لتحويل جنودهم من الكلاب إلى ألغام مضادة للدبابات من خلال ربط المتفجرات حول أجساد الكلاب.
عمد السوفييت إلى تجويع هذه الكلاب لأيام قبل إطلاق سراحها تجاه الدبابات السوفييتية التي ثُبِّتت على خزانات وقودها قطع من اللحم.
وكانت الكلاب مُدرِّبة أيضاً على سحب فتيل التفجير بأسنانها بمجرد أن تصبح تحت الدبابة. لكنَّ معظم الكلاب لم تكن قادرة على فهم أو تنفيذ المهمة، فيما كانت مشاهد وأصوات وروائح المعركة مشتعلة من حولها.
لذا تمّ تدريب هذه الكلاب على سماع أصوات الرصاص والقذائف لتكون بذلك مؤهلة أمام طلقات العدو الذي قد يستهدفها أثناء مهمتها الانتحارية.
لكن هذه المهمة لم تكن ناجحة بشكلٍ كبير، فقد كانت الكلاب في العادة تستدير وتركض عائدةً باتجاه راعيها السوفييت، فما تلبث أن يُطلَق عليها النار وتُقتَل بمجرد رؤيتها.
4- فئران مفخخة
لم تكن الكلاب هي الحيوانات تعيسة الحظ الوحيدة التي وقعت ضحية أسلحة الحرب التجريبية.
فوفقاً لمجلة Military History، استخدم الفرع التنفيذي للعمليات الخاصة في الجيش البريطاني أيضاً الفئران النافقة المحشوة بالمتفجرات الصغيرة.
كانت الفكرة بسيطة: حوالي 100 جرذ نافق، تم تقطيعها إلى شرائح مفتوحة، وتمّ حشوها بالمتفجرات وخياطتها مرة أخرى.
كانت الخطة هي مهاجمة الإمدادات الألمانية من الفحم باستخدام تلك الفئران المفخخة، التي ستنفجر حينئذ بمجرد جرفها إلى مشواة في قاعدة عسكرية أو إلى محرك بخاري.
أو عند اكتشاف الفأر النافق، فسيقوم شخص ما برميه في المرجل، مما قد يؤدي إلى انفجار هائل. ومع ذلك لم تُستخدَم الفئران بالشكل المتوقع؛ لأنَّ الألمان اكتشفوا الحيلة. لكن وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، فإنَّها تسببت ببعض الاضطرابات. وأفادت الصحيفة بأنَّ سجلات من الفرع التنفيذي للعمليات الخاصة أظهرت أنَّ اكتشاف الألمان للحيلة أدَّى إلى عمليات بحث مكثفة عن مزيد من الفئران المفخخة.
5- أكبر مدفع يُستخدَم في معركة على الإطلاق
في ثلاثينيات القرن العشرين، شيّدت فرنسا سلسلة من التحصينات وأسمتها خط ماجينو لحماية البلاد من الغزو من ناحية الشرق، وكانت هذه التحصينات قوية للغاية تحتوي على ملاجئ عميقة تحت الأرض وأبراج متقابلة على أحدث طراز وملاجئ للمشاة ومتاريس ومدفعية ومركبات مضادة للدبابات وكان لا يوجد لدى ألمانيا سلاحٌ قوي ليقتحم كل هذا، فلجأ هتلر لعائلة كروب المشهورة بإنتاج الذخائر الحية لإيجاد الحل.
طلب الزعيم النازي أدولف هتلر، الذي كان متحمساً لغزو فرنسا، من عائلة كروب صناعة سلاحاً جديداً يمكنه بسهولة اختراق التحصينات الخرسانية لـ"خط ماغينو" الفرنسي، العائق المادي الكبير الوحيد الذي يحول بينه وبين بقية أوروبا الغربية.
بدأت شركة الصلب والأسلحة الألمانية التابعة لعائلة كروب في صناعة المدفع.
في عام 1941، أي بعد سنة من اجتياح هتلر لفرنسا، وتمّ استكمل صناعة مدفع "جوستاف".
كان المدفع بمثابة وحش عملاق؛ لأنه كان كبيراً وثقيلاً، وتم تقسيم السلاح ونقله على متن 25 سيارة شحن إلى مكان الانتشار؛ حيث تم تجميعه بواسطة 250 رجلاً في 3 أيام، وتم حفر السدود في نفس المكان بواسطة 4000 رجل كانوا يعملون على مدار الساعة.
أطلق المدفع المؤلف من 4 طوابق بارتفاع 155 قدم (47 متراً تقريباً) ووزن 1350 طناً، قذائف بوزن 4500 كغم تقريباً من ماسورته العملاقة البالغ طولها 98 قدماً (44.5 متر تقريباً).
لم يكن حجم المدفع هو مصدر قوته فقط، بل أيضاً مكمن سقوطه، فلم يكن بالإمكان نقل المدفع الضخم إلّا عبر نظام السكك الحديدية، وكان هدفاً سهلاً لقاذفات الحلفاء التي تحلق فوقه. وقد أُلغي المشروع في غضون سنة، بعد تجريبه على الجبهة السوفييتية.
6- مظليون دُمى
كان الخداع والحيلة جزءاً أساسياً من استراتيجيات المعارك خلال الحرب العالمية الثانية، ابتكر الأمريكيون جيش الأشباح كخدعة كبيرة في إنزال النورماندي، من جهته نفذ سلاح الجو الملكي والقوات الجوية الخاصة البريطانية عملية خداع كجزء من عملية إنزال النورماندي في يونيو/حزيران 1944؛ لتضليل الألمان وإبعادهم عن مناطق الإسقاط الحقيقية لقوات الحلفاء.
ووفقاً لمتحف سلاح الجو النيوزيلندي، فإنَّه من أجل تنفيذ ذلك، قام سلاح الجو البريطاني بإسقاط نحو 400 تمثال دمية مظلية خارج مناطق الإنزال في نورماندي وشمال فرنسا.
وبحسب المتحف، كان طول هذه الأشكال أقل من نصف متر، وكانت تحتوي على متفجرات صغيرة لتدمير الدمية، وكانت مرفقة بصانع ضوضاء يُقلِّد صوت فورة إطلاق النار.
وقِيِلَ للجنود البريطانيين الحقيقيين الذين أُسقِطوا مع الدمى بأن يسمحوا لبعض القوات الألمانية بالهرب كي تتمكَّن من الإبلاغ عن مشاهد إسقاط هائل للقوات المظلية.
ووفقاً للمتحف، بدا أنَّ العملية، التي مُنِحَت الاسم الكودي "تايتانك"، تحقق نجاحاً بعدما كشفت السجلات الألمانية أنَّ القوات وُجِّهَت إلى منطقة إسقاط الدمى.
وقامت الولايات المتحدة هي الأخرى بنسختها الخاصة من إسقاط الدمى.
7- مدفع V-3
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، استخدمت ألمانيا بنجاح القنابل الطائرة في-1 (V-1) والصاروخ الباليستي في-2 (V-2)، والذي يصنف كأول صاروخ باليستي عرفه التاريخ، وذلك لقصف العاصمة البريطانية لندن حيث ألحقت هذه الأسلحة المتطورة والفريدة من نوعها خلال تلك الفترة خسائر مادية وبشرية فادحة بالبريطانيين.
ولمواصلة هدفه بتدمير العاصمة البريطانية ابتكر هتلر المدفع V-3 في صيف 1944
كان هذا السلاح مُصمَّماً لإطلاق 300 قذيفة طولها 9 أقدام (2.7 متر تقريباً) على شكل سهم كل ساعة. وكان من المفترض أن تكون القذيفة قادرة على بلوغ لندن من مسافة أكثر من 100 ميل (161 كم تقريباً) من بلدة ميموييك الفرنسية.
لكن حين أصبح المدفع جاهزاً للعمل أخيراً، كانت سرعة القذيفة 3280 قدماً/الثانية (1 كم/الثانية تقريباً) فقط، وهو ما قُدِّرَ بأنَّه يمثل نحو نصف ما كان مطلوباً لبلوغ لندن.
كان هتلر قد منح الإذن بتصنيع 50 مدفعاً من هذا النوع، لكنَّ قوات الحلفاء كانت قد قصفت ودمَّرت مدفع V-3 قبل أن يمكن تنفيذ الخطط الأصلية له، بالرغم من بذل ألمانيا قصارى جهدها لإخفاء الذخيرة تحت أكوام القش.
وفي النهاية، نسختان مصغرتان فقط من المدفع (إن كان بالإمكان أن تُطلِق على مدفع طوله 46 متراً تقريباً وصف نسخة مصغرة) أصبحتا جاهزتين للعمل، ولم تُطلَق إلا بضع قذائف فقط ولم يُعرَف تأثيرها.
8- ماسورة كروملاوف المنحنية
لحل معضلة إطلاق النار أثناء الاحتماء، صنع الألمان وصلة ماسورة منحنية، من شأنها أن تسمح للجنود بإطلاق نيران أسلحتهم على مسافات قريبة.
سُمِّيَت الأداة "كروملاوف"، وهو ملحق أسطواني مثني لبندقية Sturmgewehr 44 الهجومية.
ووفقاً لمتحف الحرب الإمبراطوري، فقد منحت هذه الأداة الجندي القدرة على إطلاق نيران سلاحه من داخل الدبابة.
لكن تبيَّن أنَّ هذه الأداة غير عملية إلى حدٍّ كبير. فغالباً ما كانت الرصاصات تنشطر إلى نصفين قبل خروجها من الماسورة بسبب الانحناء، وتعرَّضت الوصلة ذاتها للتشوه نتيجة الضغط الهائل بعد إطلاق بضع مئات من الطلقات.
لم يُشاهد "كروملاوف" بشكل شائع في ساحة المعركة خلال الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، كانت فكرته منطقية، ولا يزال المصممون العسكريون يلعبون بالمفهوم حتى اليوم.
9- مركبة تدمير صغيرة تشبه الدبابة
تُعد حاملة الألغام المجنزرة "جالوت" من أكثر الأسلحة فتكاً خلال الحرب العالمية، وهي دبابات صغيرة جدا في الحجم أطلقت عليها القوات الأمريكية اسم "الخنافس"، وهي مزودة بزوج من الموتورات الكهربائية ويتم توجيهها عن طريق "عصا التحكم".
كانت الدبابة الصغيرة تعمل بمحركين كهربائيين، استُبدِلا لاحقاً بمحركين يعملان بحرق الوقود، وكانت قادرة على حمل أكثر من 45.5 كغم تقريباً من المتفجرات شديدة الانفجار.
كان الهدف من "جالوت" أن تنسلَّ تحت دبابات الحلفاء وتزرع حمولتها المتفجِّرة في الجزء السفلي الضعيف بها. لكن اتضح أنَّها عرضة لمشكلات انقطاع الأسلاك، وجرى لاحقاً طرح نماذج يُتحكَّم بها لاسلكياً. صنع الألمان 7500 من مركبات "جالوت" خلال الحرب، وهو ما يشير إلى أنَّها حققت بعض النجاح.
لكنَّ النجاح الحقيقي للمركبة "جالوت" تمثَّل في أنَّها مهَّدت الطريق أمام الأسلحة ذات التحكم اللاسلكي، التي تحولت لتصبح في عصرنا الحديث الشكل الجديد للحرب.
10- المنطاد الورقي المفخخ فوغو
كان لليابان نصيبٌ من الأسلحة الغريبة التي دخلت الخدمة في الحرب العالمية الثانية، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1945، أطلقت اليابان الآلاف من المناطيد المفخخة الورقية المصنوعة من لحاء شجر التوت.
كان قُطر المنطاد الياباني يبلغ 33 قدماً (10 أمتار تقريباً) وبإمكانه حمل 454 كغم تقريباً.
كان يتم إطلاق المناطيد المفخخة في تيار المحيط الهادي النفاث، الذي يحمل بهدوء هذه الابتكارات الكبيرة من اليابان إلى الولايات المتحدة دون طيار. وأفادت الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية بأنَّ الرحلة كانت تستغرق عدة أيام.
وعلى الرغم من إطلاق الآلاف من هذه الابتكارات، تبيَّن أنَّ المناطيد المفخخة غير فعالة، ناهيكم عن تطلُّبها لموارد كثيرة. فوفقاً لمؤسسة التراث الذري الأمريكية، كان تجهيز المنطاد الواحد يستغرق 30 دقيقة إلى ساعة، ويتطلَّب 30 رجلاً لإتمامه.