يعتبره البعض أنه الوقت الذي يتداخل فيه عالم الأموات بالعالم الحقيقي، فيما يعده آخرون فرصة للاحتفال؛ من خلال ارتداء ملابس غريبة ومشاهدة أفلام مخيفة آخر الليل، فما هو عيد الهالوين، وما القصة التي جعلته عيداً للرعب؟
ما هو عيد الهالوين؟
يُحتفل بعيد الهالوين في اليوم الأخير من شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، وعادة ما يحتفل به الناس في الدول الغربية والمسيحيون في الدول العربية.
ونشأ تقليد الهالوين من مهرجان "سمحين" وهو تقليد ديني للكاثوليك البريطانيين وبعض من أجزاء أوروبا، أما الهدف منه فكان بث الرعب في الأرواح الشريرة التي تظهر بعد نهاية فصل الصيف.
إذ كانت الحضارة السلتية في بريطانيا في ذلك الوقت، تعتبر أن نهاية الصيف، هو الوقت الذي يتداخل فيه عالم الأموات بالعالم الحقيقي، الأمر الذي يدفع الأرواح الشريرة للخروج من قبورها لمشاركة البشر الأحياء حياتهم.
وعاش السلتيون الذين يُشار إلى شعوبهم باسم الكلت قبل 2000 عام، في المنطقة التي تُعرف الآن بأيرلندا والمملكة المتحدة وشمال فرنسا، وكانوا يحتفلون بعامهم الجديد في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، وهو اليوم الذي يشهد نهاية الصيف والحصاد وبداية الشتاء والبرد القاتم، وهو وقت من العام كان غالباً مرتبطاً لديهم بموت الإنسان.
واعتقد السلتيون أنه في الليلة التي سبقت عامهم الجديد هي ليلة تفصل بين عالم الأحياء والأموات، فكانوا يقيمون حفل "سمحين" لاعتقادهم أنّ أشباح الموتى عادت إلى الأرض.
ووفقاً لما ذكره موقع History التاريخي الأمريكي، فقد كانوا خلال "سمحين" يشعلون النيران ويرتدون الأزياء المخيفة لدرء هذه الأشباح، ولكن بمرور الوقت، تطور إلى يوم يرتدي الناس فيه ملابس مخيفة وغريبة، ويضعون الفوانيس أمام المنازل وداخل حبات اليقطين.
وللاحتفال بعيد "سمحين" كان السلتيون يقومون ببناء نار مقدسة ضخمة، ويقومون من خلالها بحرق بعض المحاصيل والحيوانات كنوع من التضحية للآلهة السلتية، كما كانوا يرتدون ملابس تتكون عادة من رؤوس وجلود الحيوانات.
تاريخ الهالوين وقصة دمجه مع احتفالين رومانيين
بحلول عام 43 بعد الميلاد، غزت الإمبراطورية الرومانية غالبية أراضي الستليين، وعلى مدار 400 عام من حكمهم، تم دمج تقليدين من أصل روماني مع الاحتفال السلتي "سمحين".
الاحتفال الأول كان "فيراليا" الذي كان يحتفل من خلاله الرومان بذكرى وفاة الموتى في أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
أما الثاني، فكان يوم تكريم "بومونا" وهي آلهة الفاكهة والأشجار الرومانية، والتي كان يرمز إليها بـ"التفاحة" وربما هي السبب وراء صنع حلوى التفاح التي تقدم للأطفال خلال الهالوين.
المسيحيّة أعطت مهرجان "سمحين" الوثني طابعاً دينياً لتسمح به!
في 13 مايو/أيار عام 609، كرس البابا بونيفاس الرابع معبد البانثيون في روما والذي يعتبر معبد كل الآلهة من أجل تكريم جميع الشهداء المسيحيين، وأنشأ "عيد الشهداء الكاثوليكي" في الكنيسة الغربية.
فيما قام البابا غريغوريوس الثالث فيما بعد بتوسيع المهرجان ليشمل جميع القديسين وكذلك جميع الشهداء، ونقل الاحتفال من 13 مايو/أيار إلى 1 نوفمبر/تشرين الثاني.
وبحلول القرن التاسع، انتشر تأثير المسيحية في أراضي الحضارة السلتية التاريخية، حيث امتزج تدريجياً مع الطقوس القديمة وحلت محلها.
وفي عام 1000 بعد الميلاد، جعلت الكنيسة يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني يوم جميع الأرواح، وهو يوم لتكريم الموتى، فيما يُعتقد على نطاق واسع اليوم أن الكنيسة كانت تحاول استبدال مهرجان "سمحين" الوثني للموتى بعطلة ذات صلة تسمح بها الكنيسة وتحمل طابعاً دينياً، إذ كان المتشددون كانوا لا يوافقون على جذور العطلة الوثنية، وفقاً لما ذكرته مجلة Country Living الأمريكية.
ليتم الاحتفال باليوم السابق من عيد جميع الأرواح بشكل مشابه
لـ"سمحين"، بحيث يتم الاحتفال بنيران كبيرة ومسيرات وارتداء أزياء مثل القديسين والملائكة والشياطين.
كان يُطلق على الاحتفال اسم Alholowmesse والذي يعني بالإنجليزية الوسطى "عيد جميع القديسين"، قبل أن يتجول مع مرور الوقت إلى اسم All-Hallows، وأخيراً Halloween.
وصول الهالوين إلى أمريكا والدول الغربية الأخرى
مع مرور الوقت، بدأ الاحتفال بالهالوين ينتقل تدريجياً من بريطانيا وأراضي السلتية التاريخية إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى، ولكنه بداية كان محدوداً للغاية بسبب أنظمة المعتقدات البروتستانتية الصارمة هناك.
ومع تداخل معتقدات وعادات المجموعات العرقية الأوروبية المختلفة والهنود الأمريكيين، بدأت تظهر نسخة أمريكية مميزة من الهالوين.
تضمنت الاحتفالات الأولى "حفلات مسرحية"، وهي فعاليات عامة أقيمت للاحتفال بالحصاد، وكان الجيران يتبادلون القصص عن الموتى، ويرقصون ويغنون ويسردون قصص الأشباح.
أما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فغرقت أمريكا بالمهاجرين الجدد، فساعد هؤلاء المهاجرون الجدد، وخاصة ملايين الأيرلنديين الفارين من مجاعة البطاطس الأيرلندية، في الترويج للاحتفال بعيد الهالوين.
وبحلول عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، أصبح عيد الهالوين عطلة علمانية يحتفل فيها بالدول الغربية على العموم وفي بعض المناطق العربية ذات الأغلبية المسيحية.
ارتباط الهالوين بثمرة القرع أو اليقطين
يفسر موقع التراث الإنجليزي English Heritage أنه في القرن التاسع عشر، غادر الكثير من الناس إنجلترا وإيرلندا للذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعيش فيها، وأخذوا معهم تقاليد الهالوين لتنتشر هناك.
وأضاف الموقع أنه نظراً لوجود الكثير من اليقطين في أمريكا على عكس اللفت، ولأنّها طرية وسهلة النحت، استبدلوا نحت اللفت بحفر اليقطين ووضع الفوانيس داخلها.
في حين تقول أسطورة ثانية إن شخصاً يدعى جاك، كان كسولاً ولا يحب أن يعمل، وكان "يسكر"، ويقطع الطريق، وهذا بسبب وسوسة الشيطان له، ورغم ذلك فإنه كان ذكياً.
وعندما أراد جاك التوبة استدرجه الشيطان وأقنعه أن يصعد على قمة الشجرة، وفعلاً تسلق جاك الشجرة وصعد إلى أعلى، وحفر جاك صليباً في جذع الشجرة، ففزع الشيطان وبقي عالقاً على قمة الشجرة، وعندما توفي جاك لم يسمح له بالدخول إلى الجنة بسبب أعماله، ولم يجد له مكاناً في جهنم، وحكم على جاك بالتشرد الأبدي وحتى لا يهيم في الظلام أُعطي قبساً من نار جهنم.
استبدل القبس بجزرة، ثم استبدله الأمريكيون بثمرة القرع، وتعتبر ثمرة اليقطين من أبرز رموز هذا الاحتفال اليوم، ويعود ذلك لأن هذه الثمرة كانت في موسم حصادها في الولايات المتحدة في فصل الخريف، الأمر الذي دفع الأشخاص لاستخدامها في الاحتفال، وحفر الثمرة وتحويلها لأشكال مخيفة.
الهالوين فرصة سانحة لصنّاع السينما
وبمرور الوقت، كان الهالوين بقصصه المخيفة مشروعاً دسماً ومربحاً لصناع السينما، فبدأوا بفكرة إنتاج أفلام عن الهالوين ذاته مثل فيلم "Halloween" الكلاسيكي عام 1979 من إخراج جون كاربنتر وبطولة دونالد بليزانس ونيك كاسل والذي يتحدث عن صبي صغير يُدعى مايكل مايرز يقتل أخته البالغة من العمر 17 عاماً ويلتزم بالسجن.
لكنه كان هرب في ليلة عيد الهالوين وبحث عن منزله القديم من أجل قتل هدف جديد من عائلته.
إضافة إلى إنتاج مئات الأفلام الأخرى التي يصدر منها العشرات في كل عام في يوم الهالوين.
قد يهمك أيضاً: مناسبة للعائلات والأطفال.. أفضل 6 أفلام هالوين متوفرة على نتفليكس