إحداها تقدّر بملياريْ دولار وأُرسلت بالبريد.. أهم 3 حُليّ في مجوهرات التاج البريطاني “مسروقة”!

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/09 الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/15 الساعة 14:40 بتوقيت غرينتش
مجوهرات التاج البريطاني تملكها العائلة الملكية، وتتألف من تيجان وصولجانات، وتُحفظ في برج لندن/ Getty Images

قبل إعلان خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية، عن عمر يناهز 96 عاماً، غرّد حساب بعنوان Africa Archives على تويتر قائلاً: "تمتلك الملكة أكبر ألماسة مقطوعة في العالم، تُعرف باسم النجم العظيم لإفريقيا. وهذه الجوهرة، التي تزن 530 قيراطاً، سُرقت من جنوب إفريقيا في عام 1905 بعد استخراجها. وتُقدّر قيمتها بـ400 مليون دولار".

وتابع الحساب يقول، في تغريدةٍ أخرى: "يزعم البريطانيون أنها أُعطيت لهم كرمزٍ للصداقة والسلام، لكن الألماسة أُخذت خلال فترة الاستعمار. ثم استبدل البريطانيون اسم النجم العظيم لإفريقيا، باسم رئيس المنجم توماس كولينان".

هذه الألماسة هي جزءٌ من مجوهرات التاج البريطاني التي تملكها العائلة الملكية البريطانية، ويتألف معظمها من تيجان وصولجانات وبعض الأدوات الأخرى المُستخدمة أثناء حفلات التتويج والمناسبات الخاصة. 

تُحفظ مجوهرات التاج البريطاني داخل بيت المجوهرات في برج لندن، لكنها معروضة أمام الجمهور بشكلٍ دائم، ومحروسة جيداً من السرقات والحرائق. ففي عام 1671، تعرّضت هذه المجوهرات لمحاولة سرقة شهيرة، بعدما تمكن الكولونيل توماس بلود، وهو مغامر أيرلندي، من سرقة التاج والكرة الملكية، قبل أن يُلقى القبض عليه ويعفو عنه الملك تشارلز الثاني لاحقاً. 

لا يُمكن تقدير القيمة الحقيقية لـ مجوهرات التاج البريطاني، لكن الأكيد أن الذهب والألماس والأحجار الكريمة المُستخدمة فيها تبلغ قيمتها آلاف، لا بل ملايين الجنيهات الإسترلينية، لا سيما أنها مصنوعة بطريقةٍ دقيقة وهي ذات قيمة تاريخية كبيرة لا يُمكن تعويضها. 

تعالوا نُلقِ نظرة على جميع الحقائق المتعلّقة بتاريخ الألماس، بما في ذلك اكتشافه وشراؤه ونقله. 

ألماس كولينان

في 26 يناير/كانون الثاني 1905، تم اكتشاف ألماسة تزن نحو 3 آلاف قيراط داخل منجم Premier في مقاطعة ترانسفال بجنوب إفريقيا. أُطلق على الألماسة اسم كولينان تيمناً باسم رئيس المنجم، توماس كولينان. وقد وُلد كولينان في جنوب إفريقيا، وفقاً لكتابٍ يروي سيرة كولينان للمؤلف نايجل هليمي، بعنوان Thomas Major Cullinan: A biography.

وفقاً للموسوعة البريطانية Britannica، تمّ شراء ألماسة كولينان الأصلية غير المصقولة بعد ذلك "من قِبل حكومة ترانسفال وتقديمها في عام 1907 إلى العاهل البريطاني الحاكم، الملك إدوارد السابع".

لكن في سيرة هيلمي عن كولينان، فقد كتب أن الألماسة الأصلية غير المصقولة "أُرسلت" إلى لندن في أبريل/نيسان 1905 و"قُدّمت رسمياً إلى الملك إدوارد السابع" في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1907″. 

لاحقاً في عام 1908، قُطّع الألماس وصُقل إلى 9 أحجار كبيرة وحوالي 100 حجرٍ أصغر. جميع تلك الأحجار صارت جزءاً من مجوهرات التاج البريطاني.

كانت نجمة إفريقيا العظيمة أكبر حجرٍ تمّ تقطيعه من ألماسة كولينان، بوزنٍ يصل إلى  530.2 قيراط، وهي أكبر ألماسة مقطوعة في العالم. وفقاً للسجلات التاريخية، تُعرف أيضاً باسم Cullinan I أو First Star of Africa أو ببساطة Star of Africa. ليس من الواضح متى نشأ كل اسم من هذه الأسماء.

صحيح أن الملكة كانت تمتلك نجمة إفريقيا العظيمة. لكن الألماس، وهو جزء من مجوهرات التاج البريطاني، هو أيضاً جزء من صولجان السيادة، والذي يُشار إليه أحياناً باسم الصولجان الإمبراطوري أو الصولجان الملكي.

نجمة إفريقيا الصغرى يبلغ وزنها 317.4 قيراط، ومعروفة أيضاً باسم كولينان 2، من ألماس كولينان، وهي جزءٌ من تاج "إمبريال ستيت" المملوك لبريطانيا ومن ضمن مجوهرات التاج البريطاني.

التقديرات متباينة حول قيمة نجمة إفريقيا العظيمة، وتتراوح بين 400 مليون دولار (كأقلّ تقدير) وملياريْ دولار! ومع ذلك، نعم، فهي أكبر ألماسة من نوعها في العالم.

الملكة إليزابيث تحمل الصولجان الذي يحتوي على نجمة إفريقيا العظيمة/ Getty Images
الملكة إليزابيث تحمل الصولجان الذي يحتوي على نجمة إفريقيا العظيمة/ Getty Images

هل "سُرق" الألماس؟

تحتاج هذه المعلومة إلى بعض السياق. وكما أشرنا سابقاً، فإن السجلات البريطانية التاريخية تُشير إلى أن حكومة ترانسفال في جنوب إفريقيا اشترت الألماس الأصلي ثم قدّمته إلى الملكية البريطانية. لكن الحديث عن السرقة ليس أمراً جديداً، بل هو تاريخي.

ففي عام 1995 مثلاً، نشرت صحيفة "برمينغهام بوست" بياناً لزعماء "البلدة السوداء" في جنوب إفريقيا، حمل عنوان "رد الجميل لنجمة إفريقيا العظيمة"، وجاء فيه:

"دعا زعماء البلدة السوداء في جنوب إفريقيا الملكة يوم أمس إلى إعادة الألماس الذي لا يُقدّر بثمن "نجمة إفريقيا العظيمة"، والذي تمّ ترصيعه في مجوهرات التاج الملكي الصولجان".

وجاء في المقال أن المنظمة الشعبية الآزانية (أزابو) تزعم أن الألماس "سُرق من كنوز التربة الآزانية (الإفريقية)". فيما قال المتحدث باسم المنظمة: "يجب تذكير الملكة بأن الألماس ينتمي إلى السود في هذا البلد، ولهم وحدهم". 

متحدثة باسم قصر باكنغهام ردّت حينها على تلك الاتهامات بأن "نجمة إفريقيا العظيمة اشترتها جمهورية ترانسفال من منجم Premier، وقُدّمت إلى الملك إدوارد السابع كهدية في عام 1907".

ووفقاً لوكالة Associated Press، فإن القطعة الأبرز من مجوهرات التاج البريطاني أُرسلت من جنوب إفريقيا إلى لندن بالبريد!

الصولجان الملكي، الذي يحتوي على نجمة إفريقيا، يبلغ وزنه 516 قيراطاً، وهو مقطوع من ألماسة كولينان البالغ وزنها 3 آلاف و106 قراريط؛ وهي أكبر ألماسة تم العثور عليها على الإطلاق. 

يُقال إن رئيس المناجم توماس كولينان هو من أرسلها إلى الملك إدوارد السابع من جنوب إفريقيا، في أوائل القرن العشرين، عن طريق الطرود البريدية. مع الإشارة في بعض المراجع إلى أن الإرسال جاء بعد ضغوطات تعرّض لها. 

تاج الملك إدواردالسابع/ وكيبيديا
تاج الملك إدواردالسابع/ وكيبيديا

أهم 3 حُليّ في مجوهرات التاج البريطاني "مسروقة"!

ليست "نجمة إفريقيا العظيمة" فقط؛ بل إن "ألماسة كوهينور" و"الياقوتة الحمراء"، الموجودتين أيضاً في التاج الملكي البريطاني، هناك مزاعم بأنهما مسروقتان كذلك. 

"ألماسة كوهينور" (Kohinoor) هي ألماسة تاريخية تزن 105 قراريط، ومرصّعة في تاج بلاتيني صُنع خصيصاً لتتويج الملك جورج السادس عام 1937، ومعروض في برج لندن. ووفقاً لصحيفة Daily Mail البريطانية، فإن التاج البلاتيني، الذي لا يُقدّر بثمن، سيوضع على رأس كاميلا عندما يصبح الأمير تشارلز ملكاً.

ومنذ إعلان وفاة الملكة، يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول 2022، بدأ المئات من مستخدمي تويتر في الهند بتجديد مطالبتهم بإعادة ألماسة كوهينور إلى البلاد. وقد استمرّ هاشتاغ #Kohinoor بالتصدّر مع أكثر من 21 ألف تغريدة. 

وألماسة كوهينور هي واحدة من أكبر الألماس وأكثرها إثارة للجدل في العالم. يُقال إن عمرها نحو 5000 سنة، وإنها تحمل لعنةً تُصيب أي رجلٍ يرتديها، سلَّمها صبيٌّ من أمراء الهند -يُدعَى دولييب سينغ- إلى شركة الهند الشرقية عام 1849، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

ضغطت الهند من خلال مجموعة من نجوم بوليوود ورجال الأعمال على الحكومة البريطانية عام 2015 لإعادة الجوهرة "المسروقة"، بناءً على الأساس القانوني ذاته الذي بموجبه أُعيدَت الأعمال الفنية التي استولى عليها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.

وضغط رؤساء الحكومة البريطانية المتتابعون، لتتراجع الهند عن طلبها الذي دام 70 عاماً مضت. لكن دراسةً جديدة للكاتبين ويليام دالريمبل وأنيتا أناند وجدت أنه، حتى الملكة فيكتوريا نفسها كان "يغمُرها شعورٌ بالذنب" إزاء الطريقة التي حصلت بها بريطانيا على الألماسة.

العلاقة المحكوم عليها بالفشل بين الملكة وسينغ، الأمير البالغ من العمر 10 أعوام، والذي استولى البريطانيون على مملكته، هي واحدة من أكثر القصص الدرامية التي يَصعُب نسيانها عن تلك الألماسة المتألقة التي يبلغ وزنها 105 قراريط (21 غراماً)، وهي القصص التي رواها كتاب "Koh-i-Noor"، الذي صدر في المملكة المتحدة عام 2016. 

وتبرز ألماسة كوهينور، التي تزين تيجان ملوك وملكات بريطانيا منذ عام 1850، في كلّ مناسبة خاصة أو عامة ويعود الحديث معها مرة أخرى عن السرقة. 

وبحسب تقرير سابق لصحيفة الشرق الأوسط الدولية، فإن 4 دول -من بينها الهند- تتنازع على ملكية الألماسة. ففي عام 1976، أكدت باكستان ملكيتها للألماسة، حيث قالت: إنه "وفقاً للاعتقاد بأن الألماسة قد سُلمت في عام 1849 من قبل الحاكم السيخي إلى الحكومة البريطانية في لاهور، التي هي الآن جزء من باكستان".

كما ادّعت كل من إيران وأفغانستان كذلك حقوق ملكية الألماسة، من واقع الاستشهاد بالوقائع التاريخية عندما كانت الألماسة على أراضيهما.

وتعود أصول تلك الألماسة إلى غولكوندا في ولاية أندرابراديش الهندية الجنوبية. وانتقلت بين مختلف السلاطين القدماء في دلهي. وهناك سجلات قديمة تقول إن تلك الألماسة زينت تاج الملك المغولي القديم شاه جهان.

ألماسة كوهينور على التاج البلاتيني/ Getty Images
ألماسة كوهينور على التاج البلاتيني/ Getty Images

ولقد غزا الملك الفارسي نادر شاه الإمبراطورية المغولية عام 1739، ومن ثم استولى على الألماسة الشهيرة. وتقول الأساطير إن الملك نادر شاه هو من أطلق على الألماسة اسمها الحالي "كوه-ي–نور"، وتعني في اللغة الفارسية "جبل النور".

اغتيل الملك نادر شاه عام 1747 وتفككت إمبراطوريته. وبعد وفاته، استولى أحد جنرالاته على الألماسة كوهينور، ويدعى الجنرال أحمد شاه دوراني، الذي منح الألماسة إلى الملك السيخي رانجيت سينغ، ملك البنجاب، الذي ساعد الجنرال بدوره على استعادة عرش أفغانستان.

وفي عام 1849، غزت القوات البريطانية البنجاب وأبرمت إثر ذلك معاهدة لاهور، التي تنص في أحد بنودها على تسليم ألماسة كوهينور إلى ملكة إنجلترا. رتب اللورد دالهوزي في عام 1851 مراسم تقديم ألماسة كوهينور إلى الملكة فيكتوريا بواسطة دوليب سينغ خليفة الملك رانجيت سينغ. 

وكان تقديم الألماسة الكبيرة في احتفالية مهيبة نظمت في هايد بارك بالعاصمة لندن. ومن ذلك الحين، استقر الأمر بتلك الألماسة في بريطانيا.

ووفقاً للقصر الملكي البريطاني، تم استخراج ألماسة كوهينور من مناجم جولكوندا في وسط جنوب الهند قبل "تسليمها إلى الملوك البريطانيين في عام 1849".

حصن جولكوندا أصل ألماس كوهينور/ Shutterstock
حصن جولكوندا أصل ألماس كوهينور/ Shutterstock

الياقوتة الحمراء في مجوهرات التاج أصلها من غرناطة

تتصدر الياقوتة الحمراء التاج الملكي البريطاني؛ وهي في الحقيقة إحدى جواهر الأمير أبي سعيد محمد السادس بن إسماعيل الساعدي الخزرجي الأنصاري، أحد ملوك غرناطة بني الأحمر. 

قتله بيدرو الرهيب، ملك اشبيلية، غدراً بعد استضافته للحصول على مجوهراته. لكن أحد إخوة بيدرو الخائن تمرّد عليه، واستنجد بالأمير الإنجليزي إدوارد أوف وودستوك المعروف باسم "الأمير الأسود"، الذي قدّم المساعدة العسكرية المطلوبة مشترطاً الحصول على "الياقوتة الحمراء".

فكان له ما أراد بعد معركة "ناجيرا" التي دارت عام 1367 في إسبانيا. ومنذ ذلك الحين استقرت هذه الجوهرة ضمن ممتلكات ملوك بريطانيا، وظهرت في مناسبات تاريخية، حتى استقرت أخيراً وسط التاج الذي صيغ لتتويج الملكة فيكتوريا، وارتدته الملكة إليزابيث في عدة مناسبات رسمية. 

الياقوتة الحمراء تتصدر التاج الملكي/ Getty Images
الياقوتة الحمراء تتصدر التاج الملكي/ Getty Images
تحميل المزيد