سابقاً، كان علم القراصنة أحمر اللون والذي يعني أنه لن يتم منح أي رحمة بمجرد صعود القراصنة وبدء المعركة، ولكن لاحقاً تحّول إلى راية سوداء مرسوم عليها جمجمة بيضاء أسفلها عظمتان متقاطعتان يطلق عليه اسم "جولي روغر" والذي يرمز إلى الخوف والموت الذي أحدثه هؤلاء اللصوص عند اقترابهم من أي سفينة.
وعلى الرغم من أنَّ راية "جولي روغر" باتت حالياً شعاراً معروفاً ويُستخدم أيضاً بشكل شائع لتحذير الناس من المواد السامة أو الأماكن الخطرة، لا أحد يعرف بالضبط مصدر نشأتها.
إليكم التاريخ الطويل لراية "جولي روغر" المرفوعة على سفن القراصنة التي تجوب أعالي البحار.
قصة علم القراصنة جولي روغر
وفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي، فقد ورد أول ظهور لعَلم القراصنة كما نعرفه اليوم- راية سوداء مرسوم عليها جمجمة بيضاء أسفلها عظمتان متقاطعتان- في أوائل القرن الـ18، ومع ذلك، يعتبر تاريخ هذه الأعلام أقدم من ذلك بكثير.
فوفقاً لمجلة Heritage Daily، ربما نشأ تصميم الجمجمة والعظمتين المتقاطعتين مع القراصنة الأمازيغ، الذين سيطروا على بحار شمال إفريقيا بدايةً من القرن الـ16.
هل كان علم القراصنة أحمر اللون؟
في حين ورد أنَّ الأعلام والرايات المستخدمة كانت خضراء اللون، إذ تصف الروايات الفرنسية في أواخر القرن الـ17 تلك الجمجمة والعظمتين المتقاطعتين، لكن على أعلام حمراء كان يحملها القراصنة على الأرض.
في الواقع، كانت هذه الرايات عاملاً مشتركاً في الحملات الإرهابية للقراصنة.
ويليام كيد، أحد أشهر قراصنة القرن الـ17 والمعروف أيضاً باسم "القبطان كيد"، كان يرفع علماً فرنسياً عند اقترابه من السفن، ثم يُغيّره بعلم أحمر، وهو ما يعني المطالبة بالاستسلام، وفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
وكان القراصنة يرفعون الأعلام الحمراء لإيصال رسالة مفادها أنَّهم على استعداد للقتال حتى الموت، وقد استخدم القراصنة في بعض الأحيان علماً أسود، وهو ما يعني أنَّهم سيتركون الربع أو سيأخذون رهائن وفقاً لما ذكرته مجلة Scientific American.
من أين جاء اسم جولي روغر؟
ربما جاء اسم "جولي روغر" من استخدام العلم الأحمر، فوفقاً لموقع Portsmouth Historic Dockyard، يعتقد البعض أنَّ اسم "Jolly Roger" مشتق من المصطلح الفرنسي "joli rouge"، ويعني "أحمر جميل".
ومع ذلك، أشار آخرون إلى أنَّ الاسم جاء من المصطلح الإنجليزي "أولد روغر"، الذي يشير في اللهجة القديمة إلى "الشيطان".
أياً كان مصدر الاسم، انتشر علم "جولي روغر" انتشاراً سريعاً بين القراصنة.
لكن على الرغم من أنَّ العناصر الأساسية لتصميم العلم كانت نفسها بالنسبة للعديد من القراصنة، ظهرت أحياناً بعض الاختلافات في الأعلام المستخدمة.
الأنواع المختلفة من أعلام "جولي روغر"
بغض النظر عن أصل نشأته، بدأ استخدام علم "جولي روغر" كما نعرفه اليوم- الجمجمة البيضاء والعظمتان المتقاطعتان- في بداية القرن الـ18، خلال ما يسمى بالعصر الذهبي للقرصنة.
جاءت إحدى أقدم الإشارات لهذا العلم من عام 1700، حيث وصف قبطان بريطاني راية رفعها قرصان يُدعى إيمانويل وين.
ووفقاً لما كتبه القبطان بعد مطاردة وين، كان هذا العلم مرسوماً عليه جمجمة وعظام متقاطعة وساعة رملية.
أشار أيضاً القبطان تشارلز جونسون إلى هذه الأعلام وأطلق عليها اسم "أعلام جولي روغر"، وذلك في كتابه "A General History of the Pyrates" المنشور عام 1724.
ذكر جونسون استخدام اثنين من القراصنة- على وجه التحديد- لهذا العَلم وهما: بارثولوميو روبرتس وفرانسيس سبريغز.
كتب جونسون كيف رفع روبرتس، وهو قرصان من ويلز، راية سوداء أثناء محاولة ترهيب سفينة فرنسية.
ويوضح جونسون أنَّ القرصان الإنجليزي، فرانسيس سبريغز، وطاقمه صنعوا راية سوداء أطلقوا عليها اسم "جولي روغر" بعد السيطرة على سفينته.
رسم الكاتب أيضاً صورة مُلَّونة لعلم "جولي روغر"، الذي رفعه سبريغز، واصفاً إياه بعلم أسود يتوسطه هيكل عظمي أبيض يمسك بإحدى يديه سهماً مصوباً نحو قلب دامٍ ويحمل في اليد الأخرى ساعة رملية.
على الرغم من استخدام العديد من القراصنة لهذه الأعلام، كانوا في كثير من الأحيان يضيفون عناصر مختلفة إلى هذا التصميم الأساسي.
في حين تشير الروايات المعاصرة إلى وجود ساعات رملية وقلوب تنزف دماً وهياكل عظمية وسيوف مرسومة على أعلام قراصنة القرن الـ18.
بغض النظر عن المواصفات المحدّدة للتصميم، كانت هذه الأعلام ترسل رسالة واضحة تقشعر لها الأبدان إلى السفن القريبة.
لكن على الرغم من انتهاء العصر الذهبي للقرصنة، ظلت راية "جولي روغر" باقية تبعث نفس الرسالة حتى يومنا هذا.