كان الحمار الإسباني أداة تعذيب شهيرة تظهر مدى بشاعة أفكار التعذيب التي ابتكرها البشر، أداة التعذيب هذه كانت تشبه الحمار، إذ تصنع من الخشب بشكل مثلث على سيقان خشبية، ويجبر الضحايا على امتطائها على الزاوية المدببة، ويعتقد أنها أحد ابتكارات محاكم التفتيش الإسبانية، لذلك عرف باسم "الحمار الإسباني".
تاريخ الحمار الإسباني الوحشي!
يعتقد أن ابتكار الحمار الإسباني يعود إلى فترة محاكم التفتيش الإسبانية واستخدم خلال فرض التحول القسري للمسيحية، وإجبار المسلمين واليهود على اعتناق الكاثوليكية، كما ذكر موقع History of Yesterday التاريخي.
كان الضحايا يُجرَّدون من ملابسهم ويُقيَّدون قبل وضعهم فوق الحصان الخشبي، وكان كثيراً ما يتم ربطهم بأوزان ثقيلة لزيادة الألم، وكانوا يظلون على الجهاز إلى أن يصبحوا غير قادرين على تحمُّل الألم الشديد، أو أن ينزفوا. وظل امتطاء هذا "الحمار الإسباني" مستخدماً لقرون لاحقة في التعذيب، إذ استخدمه جنود الحرب الأهلية الأمريكية، واستخدمه اليسوعيون بعد اكتشاف الأمريكتين.
استخدام الحمار الإسباني للتعذيب على مر القرون
مع أنَّ الحمار الإسباني كان يهدف للتسبُّب بالألم وليس الموت، إلا أن الكثير من الضحايا فقدوا أرواحهم بسببه، فمع وجود قطعة مدببة من الخشب بين ساقيهم، كانت الأعضاء التناسلية للضحية تتشوه دائماً تقريباً. كان العجان والصفن ينشطران عادةً، خصوصاً حين يُجَرُّ الضحايا من إحدى جهات الحصان الخشبي إلى الأخرى، فيما عانى بعض الضحايا تعيسو الحظ الآخرون من انكسار العصعص.
ومع أنَّ الحمار الإسباني استُخدِمَ لأول مرة في العصور الوسطى، فإنَّه للأسف لم يبقَ في الماضي السحيق، فوفقاً لكتاب "Execution" (إعدام) لجيفري أبوت، استمر الجيش الإسباني بلا هوادة في استخدام الجهاز حتى القرن التاسع عشر، وكان يُستخدَم في العموم لتأديب وضبط الجنود، بل زُعِمَ أنَّ بعض الضحايا بدأوا ينشطرون إلى نصفين بعد ربط أوزان أثقل وأثقل بكواحلهم.
كما استخدم البريطانيون الحمار الإسباني كذلك، بل أضافوا رأس حصان وذيلاً معنقداً منحوتين إلى الجهاز، ما حوَّله إلى وسيلة للعقاب وصورة من صور الترفيه للمتفرجين، لكن في نهاية المطاف، تخلى البريطانيون عن هذه الممارسة بسبب الخطر الكبير للوفاة.
ووفقاً لكتاب "The History of Torture" (تاريخ التعذيب)، فإنَّه بالنظر إلى أنَّ الإصابات المُتكبَّدة قد حوَّلت في كثير من الأحيان الجنود إلى عاجزين أو غير صالحين للمشاركة في المعارك، تم في النهاية وقف العقاب.
ثم جلب اليسوعيون الأداة إلى العالم الجديد في الأمريكتين، إذ كان من أولى حالات الاستخدام المُسجَّلة هي على يد اليسوعيين في كندا الحالية. ووفقاً لكتاب "The Jesuit Relations" (العلاقات اليسوعية)، الذي أرَّخ للحملات التبشيرية للرهبنة المسيحية في المستعمرات الفرنسية في أرجاء أمريكا الشمالية، عانى الكثير من المجرمين من هذا التعذيب في فبراير/شباط 1646.
جاء في الكتاب: "في ليلة ثلاثاء المرافع وحتى أربعاء الرماد، بدأ بعض الرجال.. في الشجار. طارد جان لو بلان الرجل الآخر وكاد يضربه حتى الموت في هذا المكان باستخدام هراوة.. وحُكِمَ على جان لو بلان من جانب السلطة المدنية بتقديم تعويض وامتطاء الحامل".
ويأتي في تفاصيل رواية أخرى: "في يوم الخامس عشر، وُضِعَ خادم ببيت السيد كويار، وهو مُجدِّف علني، على الحامل. وقد اعترف بخطئه، قائلاً إنَّه قد استحقَّ العقاب، وجاء من تلقاء نفسه للاعتراف، في تلك الليلة أو اليوم التالي".
عانى الكثيرون لأيام فوق الجهاز الوحشي، إذ كان المحظوظون يسيرون بشكل مختلف لأسابيع، في حين أُصيبَ آخرون بالعقم، أو أصبحوا عاجزين بصفة دائمة، أو سقطوا ميتين نتيجة النزف أو الإعياء.
تاريخ البشر مع أبشع أدوات التعذيب
أشار موقع All That's Interesting الأمريكي، إلى ظهور نسخة من وسيلة التعذيب بالحمار الإسباني تُدعى "ركوب السياج" خلال الحقبة الاستعمارية الأمريكية، إذ كان المجرمون تعيسو الحظ يُجبَرون على امتطاء سياج يحمله رجلان قويان يطوفان بهم في المدينة، أضافت هذه الوسيلة الخزي إلى الألم، وكثيراً ما كانت تصاحبها تغطية الجسد بالقطران والريش، بل كان هناك حامل عام بارتفاع يتجاوز 3 أمتار ونصف في مدينة نيويورك.
ووفقاً لكتاب "Torture and Democracy" (التعذيب والديمقراطية)، أَمَرَ بول ريفير نفسه في سبتمبر/أيلول 1776 بأن يمتطي اثنان من جنود الجيش القاري الحامل بعد الإمساك بهما وهما يلعبان الأوراق يوم السبت.
واستخدم جنود الاتحاد هذا الجهاز الوحشي خلال الحرب الأهلية الأمريكية أيضاً. فكما وثَّق الجندي المولود في ولاية مسيسيبي ميلتون أسبري ريان، كانت حتى المخالفات البسيطة من جانب أسرى الكونفيدرالية تُعاقَب بالركوب القسري على حمار إسباني مؤقت بارتفاع يتجاوز 4 أمتار ونصف، يُطلَق عليه "بغل مورغان".
في حين أصبح الحمار الإسباني لحسن الحظ من بقايا الأزمنة الماضية، فمن شبه المؤكد أنَّه شوَّه وقتل الآلاف على مرِّ القرون.
لكن ابتكار هذا الحمار الإسباني ليس أسوأ ما ابتكره البشر للتعذيب، فهناك أحصنة أخرى أو أدوات تعذيب استخدمت لإيقاع أقسى ألم، خصوصاً أدوات التعذيب المستخدمة لتشويه الأعضاء التناسلية.
ففي العصور الوسطى أيضاً، كانت الخيانة العظمى من أخطر الجرائم في إنجلترا، لذا كانت عقوبتها شنيعة للغاية، ولم يكن من الكافي قطع رأس المتهم بالخيانة وإنهاء حياته، إنما كان يتم سحله من قدميه في البداية بوساطة حصان، وفي وقت لاحق من هذه العقوبة يتم استخراج أمعائه وربطها بالحصان، الذي يستمر في جر المتهم الذي ينزف حتى الموت.
أيضاً؛ خلال العصور الوسطى وفي أوروبا أيضاً، كان السجناء الذين يُعدمون شنقاً محظوظين حقاً، لأن أرواحهم ترحل بسلام بعد الموت اختناقاً، إذ كان آخرون يعذبون قبل هذا الموت الذي يرحمهم من الألم، إذ كان السجين يُشنق حتى يصبح على حافة الموت، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يفك الجلادون الحبل حول رقبته، وما إن يعتقد أنه قد نجا من الموت لتوّه حتى يبدأ الرعب الحقيقي.
وكان يتم إخصاء السجين وتُلقى أعضاؤه التناسلية في النار، وأحياناً تُستخرج أمعاؤه لتلقى في النار أيضاً، وأخيراً يتم قطع رأسه. وعلى الرغم من أن روح السجين تغادر جسده في المرحلة الأخيرة من التعذيب، فإن هذا لا يعني أن الجلادين قد انتهوا بعد، فبعد موت السجين يقومون بتقطيع جسده إلى أربع قطع على الأقل، ويقومون بوضع مزيج من التوابل المغلية؛ وذلك لمنع الطيور من الاقتراب منها في أثناء عرضها أمام الناس بالساحات العامة لتكون عبرة مروعة للبقية.
وعلى الرغم من أنه يُعتقد أن تلك الطريقة الوحشية في الإعدام كانت مقتصرة على إنجلترا، فإنها في الحقيقة كانت تُمارَس فعلياً في جميع أنحاء أوروبا. وقد كان ويليام والاس أحد أشهر ضحايا هذا النوع من التعذيب، إذ كانت محاربته في سبيل منح الشعب الاسكتلندي الحرية من الإنجليز تعتبر خيانة كبرى. وقد تم تصوير حياة والاس في فيلم Braveheart عام 1995، حيث يموت البطل شنقاً بالفيلم، لكن في الحقيقة كانت طريقة إعدامه أكثر وحشية.
كذلك؛ كان الخازوق إحدى أشهر أدوات التعذيب التي تشوه الأعضاء التناسلية. ربما لم يكن هناك مؤيد أكبر للخازوق من فلاد المخوزق، الذي حكم والاشيا (رومانيا الحالية) في القرن الرابع عشر الميلادي، إذ كان مُصراً للغاية على تعذيب أعدائه بأكثر الطرق وحشية قبل إزهاق أرواحهم، ويقدَّر أنه قتل 80 ألف شخص من أعدائه باستخدام الخازوق.
فقد كان الجلادون يشحذون أسياخاً طويلة ويمررونها في جسد ضحاياهم، حيث يُدخلونها في الأعضاء التناسلية للضحايا ثم يُخرجونها من رؤوسهم أو حلوقهم أو أكتافهم. وقد يستمر عذاب الضحية قبل الموت لمدة تتراوح بين ساعات وأيام.
قد يهمك أيضاً: داخل قدر من الزيت المغلى أو سحقاً تحت أقدام الفيلة.. أكثر طرق الإعدام وحشية في أوروبا القديمة