بغض النظر عما يشاع عن وحشية جيوش المغول؛ لا يمكن أن ننكر أن جنكيز خان كان واحداً من أعظم القادة في تاريخ البشرية؛ فقد استطاع أن يشكل أكبر إمبراطورية عرفها العالم، وضم لملكه أجزاءً شاسعة من الصين وأواسط آسيا.
لكن بعيداً عن كون جنكيز خان، الذي يعني اسمه "قاهر العالم"، محارباً بارعاً وحاكماً عبقرياً استطاع تأسيس إمبراطوريته من الصفر، فقد كان الرجل مزواجاً كذلك، فكان لديه 6 زوجات فضلاً عن قرابة 500 محظية، وأنجب الكثير من البنات اللواتي كن جزءاً من خططه العسكرية التوسعية، كما أنجب الكثير من الذكور الذين يشكل أحفادهم اليوم نسبة لا يستهان بها من تعداد البشر في الكرة الأرضية. تعالوا نتعرف أكثر على هذا الجانب من حياة جنكيز خان..
النساء في حياة جنكيز خان
من الواضح أن القائد المغولي العظيم كان مولعاً بالنساء، فقد تزوج 6 مرات كما سبق أن ذكرنا، وكان لديه المئات من المحظيات.
وكان لجنكيز خان معايير صارمة في اختيار نسائه؛ فقد احتفظ لنفسه بأجمل النساء على طول وعرض الإمبراطورية التي حكمها، وكان يشترط أن تكون محظياته ذوات أنف صغير، وشعر طويل، وصوت جميل.
ووفقاً لموقع History of Yesterday، فقد كان جنكيز خان يقيّم جمال المحظيات بالنقاط، والنساء اللواتي يحصلن على نقاط أقل، وفقاً لمعاييره الجمالية، فكان يتركهن لمساعديه. كما اشتهر عنه أنه كان يعاشر بنات وزوجات أعدائه المهزومين من الحكام والملوك.
واعتقد جنوده أن قائدهم يملك براعة جنسية غير عادية؛ فقد كان يعاشر عدة نساء في الليلة الواحدة، وسواء كان ذاك الاعتقاد السائد صحيحاً أم لا، إلا أنه مما لا شك فيه أن أحداً آخر لم يستطع إنجاب هذا العدد الهائل من الأطفال كما فعل جنكيز خان.
مع ذلك اشتهر أبناؤه وأحفاده أيضاً بإنجاب الكثير من الأطفال، خاصة أنهم حكموا آسيا من بعده لعدة قرون، ومكنتهم سلطتهم من الحصول على المزيد من النساء، وبالتالي المزيد من الأبناء.
فعلى سبيل المثال، كان لدى توشي، نجل جنكيز، 40 ابناً، فيما كان لحفيد جنكيز، كوبلاي خان، 22 ابناً شرعياً، وكان يضيف 30 عذراء إلى حريمه كل عام. أما بابور، وهو سليل مباشر لجنكيز خان، ومؤسس إمبراطورية موغال في الهند، فقد كان لديه 6 زوجات و18 ابناً شرعياً.
0.5% من سكان الأرض مرتبطون وراثياً بجنكيز خان
كثرة زوجات جنكيز خان جعلته جداً للكثير من الأحفاد؛ إذ يقدر علماء الوراثة أن 16 مليون ذكر على وجه الكرة الأرضية (أي 0.5% من سكان الأرض الذكور) مرتبطون وراثياً بجنكيز خان؛ ما يعني أنه أنجب مئات الأطفال في حياته. لكن كيف توصل العلماء إلى هذه النتيجة؟
في دراسة علم الوراثة التاريخي المنشورة في المجلة الأمريكية لعلم الوراثة البشرية، التي نُشرت عام 2003، ركز علماء الوراثة على كروموسومات Y، وهي الكروموسومات التي يورثها الآباء لأبنائهم الذكور.
ونتيجة التطور في علم الوراثة، بات العلماء قادرين على تتبع الذكور المرتبطين جينياً مع بعضهم، والمرتبطين جينياً بسلف أو جد واحد.
ووجدت الدراسة أن 16 مليون ذكر في آسيا مرتبطون جينياً بكروموسوم واحد، وهؤلاء موجودون في المنطقة الجغرافية حيث كانت تقع الإمبراطورية المغولية سابقاً، ويعود تاريخ الكروموسوم الذي يربطهم إلى فترة حكم جنكيز خان، الذي كان الرجل الوحيد القادر على إنجاب عدد هائل من الأطفال آنذاك؛ بسبب السلطات الكبيرة التي امتلكها.
زوجات جنكيز خان
على الرغم من كثرة المحظيات في حياة جنكيز خان، وعلى الرغم من حالات الاغتصاب التي تعرضت لها نساء أعدائه، إلا أنه على الجانب الآخر أظهر الحب والاحترام لزوجاته.
كانت زوجته الأولى، بورتي، واحدة من المفضلات لديه، وتزوجها عندما كان في الـ16 من عمره، بينما كان سنها 10 سنوات فقط.
في ذلك الوقت كان من الشائع في سهول المغول اختطاف نساء القبائل الأخرى، وبعد فترة من زواج جنكيز خان وبورتي، قامت قبيلة ميركيت المنافسة باختطاف زوجة جنكيز خان.
احتجزت القبيلة المنافسة لقبيلة جنكيز زوجته بورتي لمدة 8 أشهر، تعرضت خلالها للاغتصاب عدة مرات، لكن جنكيز الشاب استطاع أخيراً إنقاذ زوجته من أيدي خاطفيها، وأنجبت له صبياً بعد فترة وجيزة من إنقاذها، وقد اعترف جنكيز خان بذلك الصبي ابناً شرعياً له، على الرغم من الاعتقاد السائد بأنه ليس ابنه حقاً.
وقد كان جنكيز خان يحترم رأي بوتي ويستشيرها في كثير من الأمور، وأصبحت إلى جانبه الإمبراطورة الكبرى للإمبراطورية المغولية.
كذلك أغرم جنكيز خان بزوجته الثانية، خولان، التي رافقته في العديد من الحملات العسكرية، كما تزوج أميرتين من التتار بعد أن قتل والديهما في إحدى معاركه، ووصل عدد زوجاته في نهاية الأمر إلى 6 زوجات، لكل منهن منطقة حكم مستقلة.
بنات جنكيز خان
عندما نتحدث عن النساء في حياة جنكيز خان لا يجب إغفال ذكر بناته اللواتي كان لهن دور رئيس في تحالفاته العسكرية، وفي توسّع مملكته.
اتبع جنكيز خان استراتيجية تقتضي بتزويج بناته من حكام القبائل المجاورة، ومن ثم إرسال هؤلاء الحكام للقتال في الصفوف الأمامية في معاركه التوسعية، وبالتأكيد غالباً ما يكون الموت هو مصير أصهار جنكيز خان، وبالنسبة للإمبراطور المغولي كانت تلك هي النتيجة المرجوة تماماً.
فبعد موت الأصهار تستلم بنات جنكيز خان الحكم مكان أزواجهن، وبذلك يعزز القائد المغولي حكمه من خلالهن، ووفقاً لما ورد في موقع The Tyee فإن الأب كان شديد الوضوح مع بناته قبل تزويجهن، فقد كن يعرفن أنهن في مهمة عسكرية في المقام الأول.
أساطير حول نهاية جنكيز خان
تقول الأسطورة إن نهاية جنكيز خان كانت بسبب الإخصاء على يد إحدى الأميرات اللواتي احتجزهن كغنيمة حرب.
ففي عام 1226 عاد جنكيز خان من بلاد فارس لسحق تمرد التانغوت في الصين؛ إذ تمكنت العائلة المالكة التانغوتية من استعادة استقلالها بينما كان جنكيز بعيداً.
وخلال الليلة التي سبقت المعركة الحاسمة عام 1227، حلم جنكيز بدم أحمر على الثلج الأبيض، وقد فُسّر له الحلم على أن الدم يعني دماء أمير تانغوت، والثلج هو ابنة الأمير.
وفي اليوم التالي، هزم المغول الصينيين وقتلوا الأمير، بينما أخذ جنكيز خان ابنة الأمير الجميلة إلى خيمته، وبينما كان يستعد لاغتصابها سحبت خنجراً مخفياً من شعرها وقامت بخصيه، ثم انتحرت الأميرة بالقفز في نهر أطلق عليه الناس اسم نهر خاتون جول (نهر الأميرة). لكن يشكك العديد من المؤرخين بهذه الرواية التي لا يعتقد أنها صحيحة بالغالب.