عُرفت عمليات التجميل في الحضارات القديمة ومن قبل الميلاد حسب المخطوطات والآثار التي تركها القدماء في العصور والحضارات المختلفة، سواء في الحضارة الفرعونية بمصر، أو في الهند وروما؛ حيث رُمّمت الأنوف لأغراض جمالية، أو في حضارات أحدث مثل الإمبراطورية العثمانية حيث أجريت عمليات تجميل لتعديل كسور الوجه.
عمليات التجميل في الحضارات القديمة
1. مصر 1200 قبل الميلاد: عمليات بعد الوفاة
أول جراحة تجميلية لم تكن على كائنات حية، لكنها كانت مهمة للمصريين القدماء الذين يُحنّطون؛ حيث كانوا يعتقدون أن ملامح الوجه هي السمة الجسدية الوحيدة التي تظل على حالها في الحياة الآخرة، لكن التحنيط كان يجفف الجسم لدرجة أن الوجه غالباً يفقد ملامحه، لذلك أجروا عمليات تجميلية للجثث بعد وفاتها وتحللها.
إذ كان رمسيس الثاني معروفاً بأنفه المُطال، حتى يُعرف بأنه ملك في الآخرة، وللحفاظ على هذه السمة، أُدخلت العظام والبذور تحت جلد أنفه عن طريق الجراحة بعد جفاف التحنيط، لاستعادة شكله الأصلي وزيادة حجمه.
2. الهند، 600 قبل الميلاد: ترميم الأنف
في عصر كان فيه قطع أنف الزاني أو المحتال عقوبة شائعة، سعى أحد الأطباء للتشجيع على التسامح والحد من التقريع العلني للمذنبين، وكتب ساسروتا عن العديد من العمليات الجراحية التصحيحية، مثل جراحة الأذن، في نصوص ساسروتا سامهيتا، لكنه ركز على ترميم الأنف.
كانت طريقته تعتمد على قطع سديلة جلد من الخد لتغطية المنطقة المشوهة ثم إدخال قصبتين أو أنبوبين، لإغلاق فتحتي الأنف، وفرك الأنف الجديد بمسحوق كاشط، ولفه بقطعة قماش نظيفة حتى يبدأ تعافيه. واستخدم الجراحون الهنود في وقت لاحق سديلة جلدية من الجبهة، ويلفونها لتغطية الأنف المشوه، كما أشار موقع Mental Floss الأمريكي.
3. روما، القرن الأول قبل الميلاد-القرن الخامس الميلادي: تعديل الجسم
اشتهر الرومان بتقديسهم للجسد المثالي لدرجة العبادة، وكانوا ينظرون إلى التشوهات الخلقية والإصابات بامتعاض واستهزاء. ووصف أولوس كورنيليوس سيلسوس، في كتابه دي ري ميديسينا (14-37 م)، العمليات الجراحية التي تخفي ندوباً على الظهر، وتقليل التثدي (زيادة دهون وأنسجة الثدي لدى الذكور)، وإصلاح تشوهات الأعضاء التناسلية، واستخدام السديلة الجلدية لإصلاح إصابات الأنف وشحمة الأذن، وقد ظل كتاب سيلسوس الدليل المرجعي الأساسي للجراحة التجميلية على مدار الـ 1700 عام التالية.
4. روما، 129-216 ميلادياً: تعديل الجفن وعمليات تجميل الأنف
أدى الهوس المتزايد بالجسم خلال فترة غالينوس إلى مزيد من التقدم في الجراحة التجميلية، وكانت عملية رأب الجفن (تعديل الجفون) تستخدم لإصلاح تدلي الجفنين أو حَوَل العينين، ويوجد ما يثبت أيضاً أن غالينوس أجرى عمليات تجميل الأنف على الأثرياء، وهي المرة الأولى التي توصف فيها جراحة تجميلية كاملة.
لكن لسوء الحظ، لم يتبق سوى 20 نصاً من نصوص غالينوس الـ 600، وبالتالي فالتقنيات التي استخدمها غير معروفة، ولم تُذكر جراحته التجميلية إلا باختصار.
5. صقلية 1415: من الطريقة الهندية إلى الطريقة الإيطالية
خلافاً لقانون الكنيسة، استخدم الجراح برانكا دي برانكا "الطريقة الهندية" لترميم أنف رجل فقده في مبارزة، وقام ابنه أنطونيو برانكا بتحسين الطريقة، باستخدام قطعة من الجلد من أعلى الذراع لاستعادة الأنف.
وعلى الرغم من أنها تركت ندوباً أقل، تطلَّبَت الطريقة تثبيت الذراع خلف الرأس لمدة 20 يوماً، وهو وضعٌ غير مريح على الإطلاق، أصبحت طريقة أنطونيو تُعرَف بـ"الطريقة الإيطالية".
6. الإمبراطورية العثمانية 1465: معالجة كسور الوجه
نشر الطبيب والجراح العثماني شرف الدين صابونجي أوغلي كتاب "الطب الإمبراطوري" في سنِّ الثمانين، وتحدث أوغلي عن علاج كسور الوجه لتجنب التشوه أثناء شفائها، بالإضافة إلى كون كتابه أول نص مصور عن جراحة الأطفال، فقد تضمَّن العديد من طرق الجراحة التجميلية لسيلسوس وغالينوس.
7. أوروبا القرنان السابع عشر والثامن عشر: جراحة تجميل الأنف المبكرة
في العام 1794، شهد اثنان من الجراحين البريطانيين المقيمين في الهند إجراء "تجميل الأنف الهندي" على سجين سابق قُطع أنفه كعقوبة، وبعد وقتٍ قصير من بدء هذا الإجراء في أوروبا، نشر طبيب العيون النمساوي كارل فرديناند فون غريفي كتاب "عملية تجميل الأنف".
كان هذا هو أول استخدام لكلمة "تجميل" في إشارة إلى الجراحة الترميمية، وأول استخدام معروف لمصطلح "تجميل الأنف"، وقد استخدم فون غريفي الطريقة الهندية للعديد من المرضى، وطور طريقة لإنشاء أنف على ذراع المريض، قبل زرعها في الوجه. ومثل طريقة تاغلياكوزي إعادة بناء الأنف، يمكن لهذا الأنف أن يصبح أفضل إذا نُفِخَ بقوة.
الطب في الحضارات القديمة
يوماً بعد يوم تنكشف أدلة جديدة تبرهن على أن الطب في عصر "ما قبل التاريخ" كان أكثر تطوراً مما نتخيل، فقد علم الإنسان البدائي أنه عرضة للإصابة بأمراض معينة، وحاول استكشاف أدوية لتلك الأمراض، وعلى الرغم من أنه أخفق في كثير من الحالات، فإنه وُفِّق في استخدام بعض الأعشاب للاستشفاء.
إذ تدلنا اكتشافات تعود لـ49 ألف سنة مضت اكتُشفت مؤخراً في إسبانيا، على أن إنسان "النياندرتال" -البدائي الذي استوطن أوروبا وأجزاء من آسيا منذ نحو 350 ألف عام- كان يستخدم عشبة تدعى "Yarrow" كدواء مُنبه، واستخدم البابونج كدواء مُهدّئ للأعصاب ومضاد للالتهاب.
كما عرف الإنسان البدائي في تلك العصور أهمية تجبير العظام المكسورة فعمد إلى صنع جبائر من الطين المجفف واستخدم ضمادات من الأعشاب لوضعها على الجروح ومنعها من الالتهاب، حتى إن الأسنان كانت تُحفر في ذلك الوقت للتخلص من الآلام الناتجة عن الخراجات.
كما عالج القدماء مشاكل الهضم بحكمة باستخدام الأعشاب المناسبة، وعرفوا أن لحاء الصفصاف- المصدر الطبيعي للأسبرين الذي نستخدمه اليوم- يُستخدم للقضاء على الألم والحمى، ومن المثير للاهتمام معرفة أن 25% من الأعشاب المستخدمة لعلاج الأمراض اليوم كانت مستخدمة للأهداف ذاتها في العلاج التقليدي بعصور ما قبل التاريخ.
أيضاً؛ تظهر بعض الأدلة أن الأطباء في مصر القديمة ركزوا أحياناً على مداواة جزء واحد من جسم الإنسان، وقد سُجل هذا الشكل المبكر من التخصص الطبي في عام 450 قبل الميلاد على يد المؤرخ والرحالة هيرودوت.
خلال مناقشة الطب المصري، كتب المؤرخ الإغريقي هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد: "كل طبيب هو معالج لمرض واحد لا أكثر.. بعضهم للعيون، وبعضهم للأسنان، وبعضهم لما يتعلق بالبطن". وكانت لهؤلاء المتخصصين أسماء محددة، إذ عُرف أطباء الأسنان باسم "أطباء السن"، فيما عُرف أطباء القولون بما يُترجم حرفياً إلى "رعاة الشرج"، حسب موقع History البريطاني.
قد يهمك أيضاً: مشاهدة الأشكال القبيحة أثناء الحمل تجعلها تنجب أطفالاً قبيحين! أشهر الخرافات عن المرأة