قبل أن تصبح "أبشع امرأة في العالم"، وُلدت ماري آن بيفان بضواحي لندن في أواخر القرن التاسع عشر، وعاشت طفولتها وشبابها بشكلٍ عادي. في شبابها، لم تكن تختلف عن بنات جيلها، لا بل كانت توصف بالجاذبية. تغيّر ذلك وقُلبت حياتها رأساً على عقب، عندما وصلت إلى الـ32 من عمرها.
حينها أصابها مرض نادر، من شأنه أن يؤدّي إلى تشوّهٍ خلقي، بدأ يظهر عليها تدريجياً، حدث تشوّه في يديها وقدميها، لدرجةٍ أنه أصبح من الصعب التعرّف إليها.
سنتعرّف في هذه السطور على مأساة ماري آن بيفان، التي لُقّبت بـ"أبشع امرأة في العالم"، واضطرّت إلى استغلال تشوّهها في عروضٍ بهلوانية، بعدما توفّي زوجها واحتاجت إلى المال لإعالة أطفالها.
ماري آن بيفان قبل أن تكون "أبشع امرأة في العالم"
وُلدت ماري آن ويبستر يوم 20 ديسمبر/كانون الأول عام 1874، ضمن عائلة كبيرة تعيش عند الحواف الشرقية لمدينة لندن. ولم تكن خلال طفولتها مختلفة عن أشقائها السبعة، ففي العام 1894 أنهت دراستها في التمريض وتزوّجت في العام 1903 من المزارع توماس بيفان.
استقرّت مع زوجها وعاشا حياة سعيدة، أنجبا خلالها 4 أولاد، إلى أن توفي الزوج فجأة في العام 1914. بعد وقتٍ قصير من الوفاة بدأت تظهر عليها علامات متلازمة "ضخامة الأطراف" (بالإنجليزية: Acromegaly) التي تُصيب الفرد بسبب فرط إفراز هرمون النموّ في الغدة النخامية.
وتعدّ متلازمة ضخامة الأطراف، أو تضخّم الأطراف، من أندر أمراض الغدد النخامية، ويمكن علاجها إذا اكتُشفت في سنّ مبكرة بما يكفي، ولكن في ظلّ محدودية الطب في مطلع القرن العشرين لم يكن لدى ماري آن طريقة لعلاج حالتها، أو الحدّ من انتشار المتلازمة.
وتدريجياً بدأت ملامحها تتغيّر حتى وجدت نفسها بعد مدّة قصيرة في ملامح مختلفة تماماً عمّا كانت عليه، لدرجةٍ أصبح من الصعب التعرّف عليها.
كيف استغلّت ماري آن بيفان مرضها؟
نتيجةً لمرضها، صارت يدا ماري آن بيفان وقدماها أكبر بكثير من حجم الأطراف الأخرى، كما برزت جبهتها وفكّها إلى الأمام، وكبر أنفها كثيراً. وبسبب تغيّر ملامحها صار من الصعب الاحتفاظ بعملها كممرّضة؛ لذلك ومن أجل إعالة أطفالها لجأت إلى وظائف غريبة.
وتركتها هذه الحالة المرضية النادرة في حالة تشوّهٍ خلقي إلى الأبد، وبعد سنوات ادّعى عامل في إحدى ساحات المهرجانات والتسلية، أن مزارعاً -كانت تعمل لديه ماري آن- أخبرها بأنها لا تصلح إلا للمشاركة في مسابقة أبشع امرأة.
تأثرت ماري بكلمات المزارع، وبعد وقت قصير دخلت بالفعل مسابقة "أبشع امرأة"، وفازت على 250 متسابقة. اجتذب تحقيقها للقب اهتمام أصحاب عروض الترفيه الجانبية، ونظراً إلى أن الأطباء أكدوا لها أن حالتها ستسوء قرّرت استغلالها من أجل إعالة أطفالها.
وبعد وقت قصير أصبح لديها عمل دائم مع مهرجان احتفالي متنقل، وظهرت في ساحات التسلية والترفيه في أنحاء الجزر البريطانية.
لاحقاً في العام 1920، استجابت ماري آن لإعلان منشور في صحيفة لندنية يقول: "مطلوب أقبح امرأة. أن تكون بدون شيء مُنفر، أو مبتورة الأطراف، أو مشوهة، نضمن لمقدّمة الطلب الناجحة دفع راتب جيد وعقداً طويل الأجل. أرسلي صورة حديثة".
دُعيت ماري آن بيفان للانضمام إلى العرض الجانبي في متنزه دريم لاند، الذي كان أحد أكبر أماكن مقدّمي عروض الترفيه الجانبية في العالم، بعد إرسال صورتها التي التقطتها خصيصاً لهذا الإعلان، وقدمت عرضها إلى جانب عروض أخرى بارزة وشهيرة.
دُعي زوار دريم لاند لمشاهدة جسدها الذي يزن حوالي 76 كلغ، وطولها البالغ 170 سم، ومقاس حذائها الـ45، ويديها 25 سنتم. تحمّلت ماري سخرية الناس وتعاملهم المهين معها بكلّ هدوء، حتى إنها عرضت صورتها على بطاقة بريدية للبيع، من أجل الحصول على مال كافٍ لتعليم أطفالها.
مع مرور السنوات واصلت ماري آن بيفان اجتذاب الناس، ونجحت في هدفها الأساسي بأن تُعيل أطفالها، لا بل أكثر من ذلك، فقد حققت خلال عامين فقط من تقديم العروض في نيويورك 20 ألف جنيه إسترليني (ما يعادل قيمته اليوم 1.6 مليون دولار).
وجدت الحبّ لكن السخرية لم تتوقف
حظيت ماري آن بصداقات من داخل عالم عروض الترفيه ومن خارجه، بل ووجدت وقتاً للحب أيضاً، فخلال عرضٍ في قاعة ماديسون سكوير جاردن عام 1929، دخلت في علاقة مع حارس زرافة يُدعى آندرو، حتى إنها وافقت على دخول صالون تجميل في نيويورك، حيث اهتمّت بأظافرها وشعرها، كما وضعت الماكياج.
حتى في هذا الوضع وجدت من يسخر منها ويتنمّر على مظهرها، فقد ذكرت صحيفة في أحد أعدادها، أنه ولدى خروجها من صالون التزيين علّق بعض الأشخاص: "أحمر الشفاه والمساحيق كانت في غير محلّها على وجه ماري آن، كما لو أنها ستائر دانتيل على فتحات بارجة حربية".
ومع ذلك، وبمجرد أن نظرت ماري آن إلى انعكاس وجهها في المرآة قالت ببساطة: "أظن أنني سأعود إلى العمل".
استمرت بيفان في العمل في شبه جزيرة كوني آيلاند، جنوب بروكلين في الولايات المتحدة، باقي سنوات حياتها، حتى توفيت في النهاية عن عمر 59 عاماً، في 26 ديسمبر/كانون الأول 1933، ودُفنت في مقابر بروكلي وليدي ويل جنوب شرق لندن كما أوصت أولادها.
وعلى مدى سنوات طويلة، بقيت ماري آن بيفان ذكرى غامضة غير معروفة إلا لهواة تاريخ عروض الترفيه، حتى استُخدمت صورتها في العام 2000 بطريقةٍ ساخرة في بطاقة لشركة Hallmark للطباعة، التي توقفت عن إصدار البطاقة بعد الاعتراضات الكثيرة التي وردتها حول إهانتها لماري آن بعد وفاتها.