في محاولة لتمييز أنفسهم عن غيرهم أو لتعزيز انتمائهم لطبقة معينة أو حتى للإشارة إلى ميول دينية معينة، استخدم الناس الأوشام لأهداف مختلفة عبر التاريخ.
وحتى سبعينيات القرن التاسع عشر، قام السكان الأصليون النيوزيلنديون المعروفون بإسم الماوري، بنقش الوشوم البارزة العميقة على وجوههم بالكامل. لكن هذه الوشوم لم تكن باستخدام الحبر والألوان ولكن تم نقش رسوماتها على شكل أخاديد عميقة باستخدام أدوات حادة قاطعة.
خلقت هذه العملية المؤلمة أوشاماً بارزة جعلت رجال الماوري يبدون شرسين في المعركة وجذابين للنساء وميَّزتهم عن غيرهم من القبائل.
اختارت الشعوب ذات البشرة الداكنة الوشوم البارزة لأنها أكثر وضوحاً
الوشوم البارزة هي تعديل دائم لنسيج ومظهر سطح الجلد وطبقة الأدمة عن طريق قطع أو حرق الجلد أو خدشه أو إزالته أو تغييره كيميائياً وفقاً للتصميمات أو الرموز أو الأنماط المرغوبة. والنتيجة هي جرح يؤدي عند الالتئام إلى ظهور ندبات أو أشكال بارزة تتشكل على سطح الجلد من كميات متزايدة من الكولاجين.
الجدير بالذكر أن الفكرة لم تنشأ من الرغبة في إيذاء الجسم، ولكن كبديل للوشم العادي. كما أن لها جذوراً عميقة في تاريخ غرب إفريقيا كممارسة لها أبعاد ثقافية تشير إلى هوية الشخص أو المكانة داخل المجتمع أو الانتقال إلى مرحلة البلوغ أو الانتماء القبلي أو الارتباط الروحي.
إضافة إلى ذلك، عادةً ما يختار الأشخاص ذوو البشرة الداكنة الوشوم البارزة، لأن الندبات تكون أكثر وضوحاً من الحبر والألوان.
ووفقاً لموقع National Geographic، تنتشر الوشوم البارزة عادة في المجتمعات التي يوجد فيها كثير من الميلانين في الجلد بحيث يصعب رؤية الوشم العادي.
الوشوم البارزة تعود لـ8 آلاف سنة قبل الميلاد
إن استخدام الوشوم البارزة مُوغل في القدم كما أثبتت العديد من الاكتشافات الأثرية. فقد تم العثور على أقدم دليل على الوشوم البارزة بموقع أثري في عين غزال بالأردن، على تمثالين مقطوعي الرأس من تماثيل آلهة الخصوبة من العصر الحجري القديم يعودان لـ8 آلاف سنة قبل الميلاد، مع خطوط خدوش سميكة تلتف حول الأرداف والبطن.
كما تم العثور على لوحة صخرية في صحراء الجزائر تعود لنحو 7 آلاف سنة قبل الميلاد لإلهة عليها وشوم بارزة في منطقة الصدر والبطن والفخذين والكتفين.
إضافة إلى العديد من التماثيل واللوحات من غرب ووسط إفريقيا والتي تُظهر وجود الوشوم البارزة على الأجسام.
كما تم استخدام الوشم البارز في إفريقيا وأستراليا وبابوا (غينيا الجديدة) وأمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وأمريكا الشمالية لتأكيد الأدوار الاجتماعية والسياسية؛ وتعزيز الانجذاب الجنسي والهوية الجماعية والثقافية. كما تم استخدامه كجزء من الطقوس الطبية والشفائية، إضافة إلى إظهار القدرة على تحمُّل الألم.
وعلى الرغم من أن هذه الممارسة تم حظرها من قِبل الحكومات المحلية في معظم البلدان، فإنها لا تزال تمارَس بين المجموعات الصغيرة وفي مناطق أقل ظهوراً بالجسم.
طرق مختلفة استُخدمت للحصول على الوشوم البارزة
هناك العديد من الطرق للحصول على الوشوم البارزة، مثل قص الجلد وفرك الحبر عليه وسلخه أو كشطه، للحصول على أنماط أو تصميمات الوشم المرغوبة، نذكر منها ما يلي:
قطع الجلد أو قصّه
قص الجلد هو شكل من أشكال رسم الوشوم البارزة والذي يتضمن قطع سطح الجلد بأداة حادة، مثل عظم حاد، أو مشرط طبي صغير، أو شفرة.
يبلغ عمق الجروح عادةً نحو 1.5 ملم؛ الجروح العميقة تزيد من حجم الندوب وتجعلها أكثر وضوحاً.
إبراز الندبات
يؤدي الحفاظ على الجرح المفتوح عن طريق إعادة جرح الجلد المتماثل للشفاء إلى ظهور ندبة أكثر وضوحاً؛ لكنه سيؤخر عملية الشفاء وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
وللحصول على ندبات أكثر وضوحاً، قد يقوم البعض بإدخال مواد، مثل الرماد أو الطين، في الشقوق المفتوحة أو المناطق المقطوعة من الجلد، ثم السماح للندوب بالشفاء وهذه المواد بداخلها.
وقد يستخدم الحبر الذي لا يمحى أو أي صبغة أخرى، حيث يوضع على الجرح ويتم فركه لترك ندبة ملونة.
سلخ الجلد
سلخ الجلد هو طريقة شائعة تستخدم لخلق مناطق واسعة من الوشوم البارزة.
يتم خدش الخطوط العريضة للمنطقة المعينة للوشم، ثم يتم رفع سطح الجلد لرفعه وإزالته في أقسام مختلفة باستخدام أداة حادة. ثم يمكن تعبئة المواد الخاملة تحت الجلد المرتفع ويترك حتى يتشافى وهذه المواد بداخله.
مخاطر الوشوم البارزة
كما هو الحال مع معظم تعديلات الجسم الدائمة، ارتبط الوشم البارز بمخاطر صحية.
قد يستغرق الوشم عاماً للشفاء تماماً، وقد يستغرق وقتاً أطول في حالة سلخ الجلد أو تعبئته بمواد أخرى. وهذا يتطلب عناية فائقة ومستمرة بالجرح والندبات؛ حتى لا تلتهب أو تصاب بالبكتيريا والجراثيم.
قد تتسبب الوشوم البارزة بالتهابات جلدية شديدة والإصابة بالعدوى المنقولة بالدم مثل التهاب الكبد والأمراض المنقولة بالدم، والعوامل البكتيرية التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الدم القاتل.