دائماً ما كانت هناك خطوط صدع دائمة في العلاقة بين الجارتين صاحبتي التاريخ المشترك الذي يعود إلى أكثر من ألف عام روسيا وأوكرانيا، بدءاً من تأسيس أول دولة سلافيّة "كييف روس" وصولاً إلى أزمتي شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس الذي يضم دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين.
أحداث تاريخية سببت كره الأوكرانيين للروس
خطوط الصدع هذه التي تسببت بها العديد من الأحداث التاريخية، أدت إلى حالة من الكره يعيشها جزء من الشعب الأوكراني تجاه الحكومة الروسية.
فيما يلي، لمحة عن 3 من أبرز تلك الأحداث وأسبابها وعلاقة الاتحاد السوفييتي أو روسيا الاتحادية بها. وبالطبع ليست هذه هي الأحداث الوحيدة، وإنما نبرز هنا 3 من أبرزها فقط.
مجاعة هولودومور بسبب سياسة "المزارع الجماعية"
خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عُرفت أوكرانيا بلقب "سلة الخبز لأوروبا" ولاحقاً للاتحاد السوفييتي، إذ جعلت تربتها الغنية وحقولها الشاسعة مكاناً مثالياً لزراعة الحبوب التي ساعدت في إطعام القارة بأكملها.
وفي أوائل الثلاثينيات حدثت المجاعة الأوكرانية، المعروفة باسم هولودومور، وهي مزيج من الكلمات الأوكرانية لـ"المجاعة" و"إلحاق الموت".
وفقاً لما ذكره موقع History التاريخي الأمريكي، لم تكن تلك المجاعة سببها الآفة أو الجفاف، وإنما حدثت هذه عندما أراد جوزيف ستالين
أن يستولي على الأراضي الخاصة للعمل فيها بشكل جماعي بمجموعات تديرها الدولة، ليتم إعادة توزيع أي شيء يتم إنتاجه على تلك الأراضي عبر الاتحاد السوفييتي ومعاقبة الأوكرانيين ذوي العقلية الاستقلالية الذين شكلوا تهديداً لسلطته الاستبدادية وهو ما عرف حينها باسم سياسة "المزارع الجماعية".
المجاعة الأوكرانية وفقاً لأحد التقديرات، أودت بحياة 3.9 مليون شخص، أي نحو 13% من السكان، على الرغم من أنه من المستحيل تحديد الرقم الحقيقي، بسبب الجهود السوفييتية لإخفاء المجاعة وخسائرها.
يقول أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس ومؤلف كتاب 2018، المجاعة الجماعية: تاريخ ومستقبل المجاعة: "كانت المجاعة الأوكرانية حالة واضحة لمجاعة من صنع الإنسان، وهي مزيج من المجاعة التي تسببت فيها السياسات الاجتماعية والاقتصادية الكارثية والتي تستهدف مجموعة سكانية معينة للقمع أو العقاب".
في حين يقول موقع The Conversation إن العديد من القرارات السياسية للنظام السوفييتي في عهد جوزيف ستالين، مثل منع المزارعين الأوكرانيين من السفر بحثاً عن الطعام، ومعاقبة أي شخص يأخذ المنتجات من المزارع الجماعية.
فيما يدعي بعض المؤرخين أن تحركات ستالين تمت لسحق حركة الاستقلال الأوكرانية، واستهدفت على وجه التحديد الأوكرانيين العرقيين، وعلى هذا النحو، يصف بعض العلماء المجاعة بأنها إبادة جماعية.
في النهاية عندما انهار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، أصبحت أوكرانيا دولة مستقلة، وظلت المجاعة الكبرى جزءاً مؤلماً من الهوية المشتركة للأوكرانيين سببت كرهاً عميقاً للروس.
أما الحكومة الروسية التي حلت محل الاتحاد السوفييتي فاعترفت بحدوث مجاعة في أوكرانيا، لكنها نفت أنها كانت إبادة جماعية.
انفجار تشرنوبل النووي
يعدُّ انفجار مفاعل تشرنوبل النووي أكبر كارثة نووية شهدها العالم في التاريخ، حيث وصل الدخان الناتج من النيران المشتعلة إلى ارتفاع كيلومتر، بينما حملت الرياح هذا الدخان السام إلى سماء أكثر من 12 دولة، وهو أحد الأسباب الأخرى التي تركت الشعب الأوكراني يكره الحكومة السوفييتية، التي لو لم تتأخر في اعترافها بالكارثة لكانت قد حدَّت بشكل كبير من التبعات الكارثية.
ووقعت هذه الحادثة النووية الإشعاعية الكارثية بالمفاعل رقم 4 في محطة تشرنوبل للطاقة النووية في 26 أبريل/نيسان 1986، قرب مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا والتي كانت حينذاك واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.
أثر السترونشيوم المشع والسيزيوم والبلوتونيوم بشكل رئيسي على أوكرانيا وبيلاروسيا المجاورة، وكذلك أجزاء من روسيا وأوروبا.
تختلف تقديرات أعداد الوفيات المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن الكارثة من عشرات آلاف الوفيات المباشرة، إضافة إلى نحو 93000 حالة وفاة إضافية بالسرطان في جميع أنحاء العالم.
سعت السلطات السوفييتية في البداية للتستر على الكارثة ولم تعترف على الفور بالانفجار، مما شوه صورة الزعيم السوفييتي الإصلاحي ميخائيل غورباتشوف وسياساته "الجلاسنوست".
ضمّ روسيا لأوكرانيا الغربيّة التي كانت جزءاً من بولندا
أدت انتفاضات جيش القوزاق الأوكرانيين ضد اللوردات ومُلاك الأراضي البولنديين في منتصف القرن السابع عشر إلى انفصال تحالف القوزاق في أوكرانيا الشرقية مع موسكو عن تحالف الاتحاد البولندي الليتواني، وتعهدوا بالولاء للقيصر في عام 1654.
ظلت أوكرانيا الغربية جزءاً من تحالف بولندا-ليتوانيا لمدة 150 عاماً أخرى، حتى تم تقسيم بولندا للمرة الأخيرة عام 1795 ومحوها من خريطة أوروبا.
نهضت بولندا مرة أخرى بعد الحرب العالمية الأولى وخاضت حرباً إقليمية مع روسيا السوفييتية بين عامي 1919 و1922، واستعادت جزءاً كبيراً من أوكرانيا الغربية.
ولكن خلال الحرب العالمية الثانية استغل الاتحاد السوفييتي احتلال ألمانيا النازية لأوكرانيا وبولندا، فقام خلال الحرب وفقاً لما ذكرته وكالة أسوشييتد برس الأمريكية، بضم العديد من مناطق غرب أوكرانيا التي كانت تابعة لبولندا، وضمها إلى الاتحاد السوفييتي ولاحقاً إلى أوكرانيا، وهو السبب الذي زاد من كراهية سكان غرب أوكرانيا للحكومة السوفييتية.