لا شكَّ في أنّ للشوكولاتة سحراً لا يقاوم من نواح متعددة، فطعمها الحلو المميز يجعلها من أكثر أنواع الحلوى استهلاكاً في العالم، وفوائدها الصحيّة الغنية عن التعريف تجعلها مناسبة تماماً للأشخاص "النكديين"، أما سحرها الإضافي فيكمن بكونها هدية رومانسيّة تعبّر عن الحب والاحترام سواء للحبيب أو للصديق.
أما الخبر السيئ الذي بحوزتنا، فهو أنّ الشوكولاتة ليست صديقة للبيئة، وتتسبب في أضرار تفوق قدرة كوكبنا على تحملها، ولكن هل يقع العاتق علينا نحن المغرمين بالشوكولاتة؟ أم هناك طرف آخر يتحمل المسؤولية؟
أضرار الشوكولاتة على البيئة
تعمل صناعة الشوكولاتة على تقليص مساحات الغابات المطيرة، وتزيد بشكل كبير من انبعاث مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهي أحد الأشياء التي تساهم في تغير المناخ العالمي.
في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يستهلك الناس، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي The World Economic Forum، نحو 454 ألف طن بشكل سنوي، وهو نصف معدل استهلاك الشوكولاتة في سويسرا والذي يصل إلى نحو 900 ألف طن، فيما يتوقع أن يكون استهلاك العالم للشوكولاتة سنوياً نحو 7.7 مليون طن.
إزالة الغابات
نعم، إنتاج الشوكولاتة أحد أسباب إزالة الغابات، في حين تقول المنظمات البيئية إن المستهلكين يمكنهم المساعدة من خلال اختيار الشوكولاتة المنتجة بشكل مستدام.
وتعتبر مزارع حبوب الكاكاو أكبر مسبب لإزالة الغابات حول العالم، لكن أماكن زراعة الكاكاو تزدهر بالقرب من خط الاستواء.
وتقدر مؤسسة الكاكاو العالمية، وهي منظمة دولية غير ربحية تدافع عن استدامة الكاكاو، أن كوت ديفوار وغانا تنتجان ثلثي إمدادات الكاكاو في العالم.
كما توضح المؤسسة أن كوت ديفوار فقدت 25% من غاباتها الأولية بين عامي 2002 و 2019، بينما فقدت غانا 8% من غاباتها الأولية خلال تلك الفترة أيضاً.
في حين قال إيثان بوديانسكي، مدير البيئة بمؤسسة الكاكاو العالمية: "لقد كان الكاكاو محركاً رئيسياً لإزالة الغابات".
وأضاف وفقاً لموقع Verifythis، أنّه "من أجل مواكبة الطلب الضخم على الكاكاو وتوسيع محاصيله، قام المزارعون بقطع أشجار الأنواع الأخرى، واستمر هذا المسار حتى الآن".
ثاني أكسيد الكربون
تقول البوسنية أديسا أزابجيك، وهي أستاذة هندسة كيميائية تعمل في جامعة مانشستر منذ 2006، إن المملكة المتحدة تحتل المركز الرابع عالمياً في استهلاك الشوكولاتة، وتتسبب وحدها بنحو مليوني طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بسبب صناعة الشوكولاتة، وهو ما يقرب من الناتج الكربوني لمدينة بريطانية بأكملها.
وأضافت لموقع Popular Science: "تبدأ المشاكل مباشرة من لحظة حصاد الكاكاو الذي يزرع حول خط الاستواء في ظروف مناخية صعبة، بشكل رئيسي في غرب إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبيّة، لذلك يجب على هذا المنتج السفر لمسافة طويلة حتى يصل إلى بريطانيا، وبالتالي تبدأ من هنا تأثيرات شحنه في إطلاق ثاني أكسيد كربون".
كما أكدت في دراسة أجرتها المهندسة ذاتها ونشرتها في 2018 بمجلة Food Research International، أن إنتاج قطعة شوكولاتة واحدة يتطلب نحو 1000 لتر من الماء.
عمالة أطفال تصل إلى حد الرق
في العقود القليلة الماضية، كشفت العديد من المنظمات والصحفيين عن الاستخدام الواسع لعمالة الأطفال والذي يصل إلى حد العبودية في مزارع الكاكاو بإفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية.
ويواجه الأطفال العاملون في مزارع الكاكاو بالبرازيل انتهاكات لا تختلف شيئاً عما يواجهه الأطفال في إفريقيا، وفقاً لما ذكره مشروع التمكين الغذائي العالمي Food Empowerment Project.
ووصف المشروع معاملة الأطفال هناك بما تسميه منظمة العمل الدولية بـ"أسوأ أشكال عمل الأطفال"؛ لكون معظم هؤلاء الأطفال لا يرى أهله إلا بعد سنوات، لأنه من المحتمل أن يكون هناك من باعه للعمل في المزارع لعدد سنوات محدد، وهو تماماً ما يحدث في حالات الرق.
كما أن الأطفال هناك يستخدمون آلات خطرة في العمل مثل المناشير لإزالة الغابات، ويتسلقون الأشجار رفقة منجل لقطع ثمار الكاكاو، إضافة إلى استخدام سكاكين ثقيلة وخطيرة تنتهك قوانين العمل الدولية واتفاقية الأمم المتحدة بشأن القضاء على هذه الظاهرة.
إضافة إلى أنّ الأطفال الذين يعملون في مزارع الكاكاو، يتعرضون للمواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة، فضلاً عن أنّ جل هؤلاء الأطفال لا يذهبون إلى المدارس.في حين أفادت آبي ميلز، مديرة الحملات في المنتدى الدولي لحقوق العمال، بأنّ كثيراً من الأطفال في إفريقيا يُجبرون على العمل بدون أجر، لاسيما في ساحل العاج، وهو ما أكده أحد الصحفيين الذين زاروا مزارع الكاكاو في أثناء إنتاج الفيلم الوثائقي Invisible Hands، حيث وجد حوادث الاتجار بالأطفال في جميع المزارع التي زارها.