نظر الإغريق إلى الحرب على أنها شر ضروري لدى البشر. سواء كانت مناوشات حدودية صغيرة بين دول المجاورة، أو حصاراً مطولاً أو حروباً أهلية أو معارك واسعة النطاق في البر والبحر، فإن المكافآت الهائلة للحرب كانت تفوق التكاليف المادية والأرواح وتحثهم على تقديس شؤون وطقوس الحروب.
ورغم أنه كانت هناك فترات من السلام، فإن الدوافع القوية للتوسع الإقليمي والغنائم الحربية والانتقام ضمِنت مشاركة الإغريق بانتظام في الحروب محلياً وخارجياً، لذا كانت طقوس التحضير ضرورية في كل مرة، بل ساهمت في اتخاذ قرار شن الحرب أمو تأجيلها.
كان الدين والطقوس من السمات المهمة لحياة الإغريق، وقبل الشروع في الحملة كان لابد من تحديد إرادة الآلهة التي آمنوا بها.
من هذه التحضيرات طقوس الأضحية الإغريقية المسماة سفاغيا.
تم تطبيق هذا الطقس- أو ما اعتبروه الاستراتيجية الأولى في المعارك- بالفعل قبل اندلاع أي قتال على الإطلاق.
والكلمة الإغريقية "سفاغيا" مشتقة من الفعل σφάζειν، "ثقب الحلق"، إذ لم تُنحر حناجر ضحايا القرابين، بل كانت تثُقب بالسيوف والأدوات الخاصة بها.
الفرق الرئيسي بين الذبائح الحيوانية العادية وsphagia في سياق المعركة هو أنه في هذه الحالة لم يتم طهي الحيوان الأضحية الحربية أو أكله بعد قتله.
وكشفت مجموعة من الآثار الفخارية من أوائل القرن الخامس قبل الميلاد بعض تفاصيل هذه الممارسة، حسب موقع World History.
رسمت هذه الأواني في الجزء العلوي منها مشهداً من هذه الأضحية، لتعطي فكرة عن الشكل الذي قد يبدو عليه الأمر.
ما هي الأضحية الإغريقية؟
كان يُطلب من المحارب الإمساك بذبيحة وتثبيت ساقيه؛ لمنعه من المقاومة وسحب رأسه إلى الوراء بإحدى يديه، ثم طعن الحلق باليد الأخرى.
ونظراً إلى أن الرجال كانوا يقودون المعارك ويقاتلون فيها حصراً، كان الشرط أن تكون الاضحية ذكراً أيضاً.
تمت هذه الطقوس في ساحة المعركة نفسها، أمام الجيش وعلى مرأى من العدو، الذين كانوا على الأرجح يقدمون أضحياتهم الخاصة.
وكان قائد الحرب يراقب الطريقة التي يتدفق بها الدم من الجرح؛ لتكوين فكرة عن كيفية سير المعركة.
فإذا ثبت أن العلامات غير مواتية، فقد يؤخر الهجوم، وهو ما حدث على سبيل المثال بمعركة بلاتيا في العام 479 قبل الميلاد.
وحسب موسوعة Britannica، قدَّم الإغريق للآلهة والقوى الكونية (وضمنها الرياح وأرواح الموتى)، وأحياناً كانوا يذبحون أضحية بشرية.
وعكس الأضحيات المقدمة للآلهة في المناسبات السعيدة، تم تقطيع الضحية، سواء كان إنساناً أو حيواناً، إلى أشلاء ثم حرقه أو رميه في نهر.
وحسب مجلة Ancient World، بدأت هذه الطقوس قبل الحروب الفارسية بفترة وجيزة.