من توليد الطاقة ورفع الأحمال إلى آلة لتعذيب السجناء.. ما لا تعرفه عن تاريخ أجهزة الجري

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/15 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/15 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش

تعتبر أجهزة المشي بلا شك أحد أشهر أجهزة القلب والأوعية الدموية التي من المحتمل أن تجدها في صالة الألعاب الرياضية أو النادي الصحي وفي المنازل حتى.

بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة على أساس منتظم أو حتى بشكل غير متكرر، يعتبر جهاز المشي جزءاً لا يتجزأ من نظام التمرين لسهولة استخدامه وتوفره في أغلب الأمكنة.

لكن في حال كنت تكره جهاز المشي لسبب لا تستطيع تحديده وتشعر بالضيق في كل مرة تقف عليه، فقد تكون محقاً في كرهك له، خاصة أنه في الأساس قد تم اختراعه كآلة تعذيب السجناء في بريطانيا وأطلق عليه "آلة التعذيب الأبدي".

رافقنا في رحلة تاريخية مشوقة للقرن الأول بعد الميلاد عندما ابتكر الرومان أول جهاز للمشي وكيف خدم عبر العصور لأهداف عملية وطبية ورياضية مختلفة وصولاً ليومنا هذا.

أجهزة المشي

استخدم كرافعة في أعمال البناء في القرن الأول للميلاد

قد يكون الأمر مفاجئاً، لكن أصول جهاز المشي ليست متجذرة في أي شكل من أشكال التمارين الترفيهية أو الرياضية.

في الواقع، لقد تطورت الفكرة من عالم الهندسة والبناء. فعلى مدار التاريخ، كان جهاز المشي في معظم أشكاله يحمل ارتباطاً قوياً بالعمل اليدوي.

في القرن الأول الميلادي، استخدم الرومان أول نموذج مبدئي لجهاز المشي، والمعروف باسم عجلة المشي أو رافعة polyspaston (اللاتينية "رافعة بالبكرات"). كان هذا الجهاز الذي يعمل بالطاقة البشرية عبارة عن عجلة كبيرة متصلة برافعة وكان الرجال يمشون باستمرار داخلها؛ مما يحاكي حركة الهامستر في عجلته، كما يشير موقع Lifefitness.

تؤدي حركة العجلة إلى قيام الرافعة المرفقة برفع أشياء ثقيلة. نظراً لقطر العجلة الفعلية، كانت قدرة الرفع للرافعة ذات العجلة أكثر كفاءة بحوالي 60 مرة من طرق البناء التي تعمل بالطاقة البشرية البحتة التي استخدمها المصريون القدماء سابقاً لبناء الأهرامات. لقد كان حقاً إنجازاً هندسياً فعالاً.

استخدام الخيول وحيوانات أخرى على أجهزة المشي لتوليد الطاقة

في حين أن عجلة المشي التي تعمل بالطاقة البشرية ظلت قطعة أساسية من الآلات حتى القرن الثالث عشر، إلا أن شكلها كان لا يزال يشبه إلى حد كبير العجلة المائية.

لكن في القرن التاسع عشر، وُضعت الخيول على جهاز المشي لتشغيل الآلات الثابتة عندما لم تكن مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والمياه متاحة. وفي بعض الأحيان، تم استخدامها لتشغيل القوارب، خاصة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. تميز هذا النموذج لجهاز المشي بحزام أفقي يشبه إلى حد كبير النماذج التي نعرفها اليوم.

ثم تم تعديل جهاز الجري في وقت لاحق في أوائل القرن التاسع عشر للاستخدام المنزلي اليومي. وقد تم تصميم نماذج أصغر للكلاب والأغنام والماعز لتشغيل آلات خض الزبد وحجر الطحن وطواحين التهوية وفصل القشدة.

جهاز المشي "آلة للتعذيب" 

النموذج التالي لتصميم جهاز الجري كان في عام 1817 والذي خدم هدفاً أكثر غرابة مما سبق، التعذيب والقضاء على الكسل!

بعد أن انتشر الكسل الواضح بين السجناء في القرن التاسع عشر، استوحى المهندس ويليام كيوبت من عجلة المشي فكرة لحل مشكلة الكسل باختراع آلة مشي للسجناء. وقد رأى كيوبت اختراعه الجديد كوسيلة لإصلاح المجرمين من خلال منحهم طعماً للعمل الحقيقي.

كانت الآلة عبارة عن درجات كبيرة تشبه جهاز StairMaster اليوم. كان السجناء يتشبثون بشكل أساسي بحواجز وعليهم تسلق الدرج الذي من شأنه أن يدور العجلة. ويكفي أن يكون هناك سجين واحد على الأقل لا يزال يتسلق، لاستمرار العجلة في التحرك، كما يشير موقع New York Times.

بينما كانت الولايات المتحدة تفضل في ذلك الوقت عقاب السجناء بأداء أعمال يدوية وظيفية، استخدمت السجون البريطانية أجهزة المشي لمعاقبة السجناء وردعهم عن ارتكاب الجرائم مرة أخرى.

ويوضح موقع BBC البريطاني، أن السجناء كانوا يمشون حوالي ست ساعات يومياً، ويتسلقون ما يصل إلى 14000 درجة ويحرقون بذلك أكثر من 2000 سعرة حرارية.

طور ويليام نسخة من آلة المشي للتعذيب التي يمكن استخدامها لضخ المياه وطحن الذرة، ورغم أنها أصبحت تخدم غرضاً وظيفياً غير التعذيب إلا أنها كانت لا تزال مهمة شاقة وعقوبة جسدية للسجناء.

استمر استخدام جهاز المشي في سجون أمريكا وبريطانيا وأسكتلندا حتى أواخر القرن التاسع عشر، عندما تم الاستغناء عنه لكونه شديد القسوة. 

جهاز المشي كأداة طبية 

أجهزة المشي

كان لأجهزة المشي استخدامات طبية أيضاً على مر السنين. فقد كان أحد الأغراض الأولى لجهاز المشي الطبي هو تشخيص أمراض الرئة والقلب، حيث تم توصيل المرضى بجهاز تخطيط كهربية القلب أثناء المشي والجري.

وكان أول من ابتكر تصميماً طبياً لجهاز المشي هو مطور الأجهزة الحيوية واين كوينتون والدكتور روبرت بروس في عام 1952 في جامعة واشنطن.

وعندما نُشرت دراسة الدكتور كينيث كوبر حول مزايا التمارين الهوائية في عام 1968، ظهرت فكرة وجود أجهزة الجري في المنزل ومراكز إعادة التأهيل والمستشفيات وعيادات العلاج الطبيعي والعيادات الطبية.

تطورات القرن العشرين

شهدت أواخر الستينيات من القرن الماضي تقديم أول جهاز مشي منزلي في العالم، الذي ابتكره المهندس الميكانيكي ويليام ستوب. استلهم ستوب فكرته من كتاب أيروبيكس، الذي ألفه الدكتور كينيث كوبر.

استخدم كتاب الدكتور كوبر نظاماً قائماً على النقاط لقياس وتحسين لياقة القلب والأوعية الدموية كوسيلة لمكافحة السلوك الخامل وقلة النشاط. ودعا أيضاً إلى الجري لمدة ثماني دقائق على الأقل يومياً، خمس مرات في الأسبوع.

قام ستوب ببناء نموذج أولي لجهاز المشي سمي، PaceMaster 600، وأرسله إلى الدكتور كوبر للموافقة عليه. نظراً للإمكانية الهائلة لوجود جهاز الجري في المنزل، تعهد الدكتور كوبر بتمويل الجهاز من خلال شركته Aerobics Inc، والتي بدورها ساعدت ستوب في العثور على جمهور كبير من العملاء.

بحلول الثمانينيات، كانت شركة Aerobics Inc تبيع 2000 جهاز جري سنوياً وبحلول منتصف التسعينيات، وصلت المبيعات إلى 35000 وحدة سنوياً.

وفي عام 2003 قدمت شركة Life Fitness أول جهاز مشي مع وحدة تحكم وشاشة تعمل باللمس، ثم أضافت لاحقاً اتصالاً لاسلكياً مع أجهزة iPod / iPhone.

كما تواصل العديد من العلامات التجارية الرائدة اليوم تحسين أجهزة الجري فيما يتعلق بالتكنولوجيا المتكاملة مع أجهزة التلفزيون المدمجة واتصال أكثر سلاسة بالأجهزة الذكية وتجارب السباق الافتراضية وخطط التمرين المخصصة بناءً على طول خطوة المستخدم وإيقاعها.

علامات:
تحميل المزيد