تقول الأسطورة إن أمادو كاريلو فوينتيس غادر قريته الصغيرة في سن الـ12 تقريباً، قائلاً للناس: "لن أعود حتى أصبح ثرياً"، وبالفعل بنى إمبراطورية بمليارات الدولارات، لكن بعد أن أصبح أقوى تاجر مخدرات في المكسيك، كما حصل على لقب "سيد السماوات" لأنه استخدم طائرات خاصة لتهريب الكوكايين.
كان كاريلو رئيساً لـ "كارتل خواريز" وهو اسم المنظمة التي يجتمع تحتها تجار المخدرات الذين كانوا يهربونه إلى الولايات المتحدة عبر حدود المكسيك، كما اشترى ولاء المسؤولين المكسيكيين ليغضوا الطرف عن أنشطته الإجرامية، واستعمل القوة لتهديد الناس وإسكاتهم، وزادت سلطته إلى درجة تدخل المسؤولين الأمريكين مع المكسيكيين لمحاولة ردعه، ولم يفعلوا، بل ما أوقف أنشطته وأنهى حياته كان جراحة تجميلية كان يجريها ليغير شكله.
أمادو كاريلو فوينتيس.. بداية أقوى تاجر مخدرات في المكسيك
فوينتيس ولد في قرية وعاش وسط الزراعة والمخدرات، فبينما كان والده يملك بعض الأراضي الصغيرة، كان عمه إرنستو فونسيكا كاريلو يعمل في تجارة المخدرات ويدير "كارتل غوادالاخارا". قرر في سن الـ12 عاماً ترك الدراسة التي وصل إلى الصف السادس من التعليم الابتدائي والبحث عن الثراء عن طريق مهنة عمه، الذي أتاح له الفرصة بتركه يشرف على شحنات المخدرات.
صعد فوينتيس في سلم الجريمة سريعاً، فمن ناحية دخلها صغيراً، ومن ناحية أخرى كان لديه واسطة ليصعد السلم سريعاً، وبحلول عمر الـ37 عاماً كان قد وصل إلى المركز الثاني في سلم رؤساء تجار المخدرات، لكنه عزز سلطته بقتل قائده المباشر رافائيل أجيلار جواجاردو (بالعام 1993) والذي كان صديقاً له أيضاً، واستولى من وقتها على "كارتل خواريز".
كان كاريلو حريصاً على البقاء بعيداً عن الأضواء حتى مع نمو نفوذه وثروته، حيث كان رجلاً غامضاً لا يعرف عن حياته الكثير، وبينما كان يدير عمليات استئجار الطائرات لتهريب الكوكايين من كولومبيا إلى الحدود الأمريكية المكسيكية، كان يتجنب حضور عمليات تبادل إطلاق النيران.
لكن بشكلٍ أو بآخر كان كاريلو يعتبر نفسه رجل أعمال ويتعامل مع تهريب المخدرات باعتباره عملاً تجارياً يساعد الكثير من الأسر، حتى إن صحيفة The Washington Post الأمريكية روت مشهداً حينما قال قس لكاريلو بأن يتوب عن حياة الجريمة، فرد عليه: "لا أستطيع التقاعد. لا بد لي من الاستمرار. لا بد لي من إعالة آلاف العائلات"، رغم أنه متهم بإصدار أوامر أدت لمقتل نحو 400 شخص بخلاف التعذيب.
وقد جمع كاريلو ثروة صافية قدرها 25 مليار دولار، وهي ثاني أكبر ثروة لتاجر مخدرات بعد بابلو سكوبار.
شراء المسؤولين الحكوميين
كان كاريلو يتمتع بنفوذ على المسؤولين الحكوميين المكسيكيين، حيث قدم لهم رشاوى مقابل غض الطرف عن أنشطته والقضاء على منافسيه، حتى صار المسؤولون الحكوميون في المكسيك يستهدفون منافسيه، ويزعمون بذلك أنهم يكافحون تجارة المخدرات بينما يغضون الطرف عن أنشطته.
ورغم أن المسؤول المكسيكي الأعلى لمكافحة المخدرات كان في جيب كاريلو، إلا أن نشاطه لفت انتباه سلطات إنفاذ القانون مع الوقت، وفي العام 1997 كان على وشك الوقوع في شرك الشرطة، حيث داهم عملاء مكسيكيون حفل زفاف أخته، لكنه هرب بصعوبة كما أشار موقع All That's Interesting الأمريكي.
ومع توجه الأنظار إلى أنشطته قرر أن ينقلها إلى تشيلي، لكن الوصول لهناك بملامحه المعروفة للشرطة كان شبه مستحيل، لذلك قرر أن يغير وجهه، ولم يعرف أن نهاية أنشطته وحياته ستصبح بهذا القرار.
ليهرب من الاعتقال ذهب لجراحة أودت بحياته!
في 4 يوليو/تموز 1997، زار فوينتيس (42 عاماً) عيادة خاصة في مكسيكو سيتي تحت اسم مستعار يدعى أنطونيو فلوريس فوينتيس ليخضع لعملية جراحية لتغيير وجهه وإزالة دهون من جسده، وقد استمرت العملية 8 ساعات، وبدا أن العملية جرت من دون عوائق إلى أن نقل إلى غرفة الإفاقة.
ففي الصباح التالي من العملية وُجد كاريلو متوفى في الفراش، وعرفت الشرطة هويته عبر بصمات الأصابع. وبينما كانت إدارة مكافحة المخدرات في المكسيك وأمريكا تزف الخبر بوفاته بـ"نوبة قلبية" إثر الجراحة، اعتقد كثيرون أن كاريلو قد زيف موته للهروب من المدينة، خصوصاً مع تصريحات ابن عمه بأنه على قيد الحياة، ما دفع المسؤولين لاحقاً لنشر صور لجثته، وبعد أربعة أشهر من وفاته، عُثر على الأطباء الثلاثة المسؤولين عن الجراحة في براميل من الصلب على جانب طريق سريع، بينما نزعت أظافرهم وحرقوا قبل قتلهم (اثنين بالإعدام بالأسلاك وثالث بالرصاص).
ترك الموت المفاجئ لفوينتيس فراغاً في السلطة، إذ تشاجر كبار مساعديه مع بعضهم البعض لملء مكانة، وتعارك خصومه القدامى ليحلوا محل عصابة خواريز القوية، بينما استولى شقيق كاريلو الأصغر، فيسنتي كاريلو فوينتيس -الملقب بـ "نائب الملك"- على السلطة، لكنه لم يستطع إيقاف شجارات العصابة.
بالمناسبة؛ "سيد السماوات" استمتع بحياة ثانية وغريبة كشخصية في مسلسل الجريمة الشهير Narcos.