أغوت ابن زوجها وقتلت أفراد أسرتها.. كيف أصبحت المحظية “وو شتيان” الإمبراطورة الأولى في الصين؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/09 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/09 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
وو شتيان مواقع التواصل الاجتماعي

"مكروهة من الآلهة والرجال على حد سواء" هكذا وصف بعض المؤرخين المرأة الوحيدة التي اعتلت عرش الصين بصفتها إمبراطورة، والتي كانت تدعى "وو شتيان".  

لم تتوانَ وو شتيان عن قتل كل من ينتقدها أو يقف في طريقها بما في ذلك والدتها وأحفادها وإخوتها، فضلاً عن أعدائها وكل من تسوِّل له نفسه الوقوف في طريقها.

إليكم القصة المثيرة للاهتمام، للمرأة التي تحولت من محظية إلى إمبراطورة حكمت الصين طوال 56 عاماً.

"وو شتيان".. من محظية صغيرة إلى إمبراطورة الصين الوحيدة

لم تكن وو شتيان قد تجاوزت الرابعة عشرة من عمرها عندما دخلت إلى قصر الإمبراطور كمحظية، كان ذلك في عام 638 أي خلال فترة حكم أسرة تانغ للصين.

شقت وو شتيان طريقها في القصر لتتحول من محظية إلى المرأة الوحيدة التي حملت لقب "إمبراطورة" في الصين.

لم يكن وصول وو شتيان إلى هذا المنصب سهلاً، فقد كان عليها أن تشق طريقها إلى قلب الإمبراطور "تانغ تايزونغ" ثم إلى عرش إمبراطوريته عبر 3000 زوجة أخرى نافسنها على قلب الإمبراطور وعلى السلطة كذلك.

لكن من الواضح أن وو شتيان قد امتلكت أكثر من مجرد وجه جميل وطلة جذابة، فقد أهلها ذكاؤها للاستئثار بقلب الإمبراطور والتدخل في شؤون الحكم أثناء حياته.

وو شتيان تغوي ابن الإمبراطور

بعد وفاة الإمبراطور العجوز تانغ تايزونغ عام 649 خلفه ابنه غاوزونغ. لكن قبل أن يحدث ذلك كانت وو شتيان قد أمنت نفسها ومكانتها في القصر.

ففي الفترة التي كان فيها الإمبراطور يحتضر أغوت وو شتيان خليفته غاوزونغ الذي تعلق بها كثيراً كما تعلق بها والده، وبعد وفاة الإمبراطور أرسلت وو شتيان إلى أحد الأديرة كما تنص التقاليد.

لكن الإمبراطور الجديد " غاوزونغ" قام بزيارتها وأعادها إلى القصر لتكون خليلة له، وهكذا عادت وو شتيان لتتسلم السلطة من جديد.

وكان أول ما فعلته عند وصولها هو التخلص من جميع منافساتها بما في ذلك زوجة الإمبراطور والمحظيات الرائدات، وحرصت على أن تكون السلطة المطلقة بيدها، خاصة أنها أنجبت للإمبراطور الجديد 5 أبناء، 4 منهم ذكور.

وو شتيان \مواقع التواصل الاجتماعي
وو شتيان \مواقع التواصل الاجتماعي

وو شتيان تنصّب نفسها إمبراطورة

كان الإمبراطور غاوزونغ ضعيف الشخصية، وفي واقع الأمر كانت زوجته وو شتيان هي الحاكم الفعلي للصين في عهده، وفقاً لما ورد في موقع Britannica.

مع ذلك، لم تكتفِ وو شتيان بالحكم الفعلي للإمبراطورية بل أرادت أن تكون حاكمة بالاسم أيضاً فقررت تنصيب نفسها "إمبراطورة" عام 655، وهو أمر منافٍ للأعراف ولم يحصل قط في تاريخ الصين من قبل.

عارض بعض رجال الدولة قرار وو شتيان، ليس لأنه مخالف للتقاليد فحسب، بل لأنها كذلك لا تنتمي إلى عائلة أرستقراطية معروفة، فضلاً عن أن علاقتها مع الإمبراطور غاوزونغ تعتبر بمثابة سفاح قربى كونها كانت محظية لوالده من قبل.

لكن وو شتيان نفذت مشيئتها بطبيعة الأحوال وقامت بالقضاء على جميع رجال الدولة الذين عارضوا نفوذها، فأمرت بإعدام بعضهم ونفي بعضهم الآخر، وكان من بين أولئك الذين لحق بهم غضب وو شتيان، عمّ الإمبراطور، ورئيس عائلة تشانغسون التي تعتبر من أرفع العائلات في الصين، لكن الإمبراطورة قامت بقتله ونفي جميع أقاربه موجهة رسالة لجميع معارضيها: لا أحد يستطيع أن يقف في وجهي.

وحَّدت الإمبراطورية ونفت ابنها للاستئثار بالحكم

على الرغم من بطشها وقسوتها على معارضيها حتى لو كانوا من أقاربها، يذكر للإمبراطورة أن حكم أسرة تانغ قد توطد في عهدها، كما تم توحيد الإمبراطورية وغزو كوريا بقيادة عسكريين عيَّنتهم وو شتيان بنفسها.

وعلى مدار 23 عاماً من حكم الإمبراطور غاوزونغ كانت زوجته وو شتيان هي الآمرة الناهية، واستطاعت بشخصيتها الحازمة وشجاعتها أن تكسب احترام رجال البلاط، ولو أنها لم تكسب محبة أي منهم.

وعندما توفي الإمبراطور الضعيف عام 683، خلفه ابنه "لي" الذي كان ضعيف الشخصية مثل والده واستمرت أمه وو شتيان في حكم الإمبراطورية في عهده.

لكن كان الإمبراطور الجديد متزوجاً من امرأة طموحة أرادت أن تستأثر بالسلطة بنفسها وراحت تؤثر على "لي" وتتدخل في شؤون الحكم، فما كان من وو شتيان إلا أن خلعت ابنها الإمبراطور ونفته خارج البلاد لتعين ابنها الثاني إمبراطوراً مكانه، وكانت سلطة هذا الإمبراطور اسمية فقط؛ إذ لم يتدخل بأي شأن من شؤون الحكم وترك الأمر بالكامل لوالدته. وحصل تمرد في الجنوب نتيجة ذلك لكن الإمبراطورة قمعته بلا رحمة لتثبت أن حكمها ثابت ولن يتزعزع.

الإمبراطورة المسنة تتربع وحدها على العرش

بالرغم من أن سلطة ابنها كانت اسمية فقط، إلا أن وو شتيان قررت عام 690 أن تغتصب العرش لنفسها فقط، وكانت تبلغ من العمر آنذاك 65 عاماً.

لم يحصل أي تمرد على قرار الإمبراطورة؛ فقد كانت الحاكمة الفعلية بطبيعة الأحوال، وحكمت إمبراطورية الصين بعد ذلك وحدها لمدة 15 عاماً.

وفي عام 698 كانت مسألة الخلافة أكثر القضايا التي تشغل بال الإمبراطورة التي قررت أخيراً استدعاء ولدها من المنفى لجعله وريثاً لها.

وفي السنوات الأخيرة من حياتها اعتمدت الإمبراطورة بشكل كبير على رجال البلاط "الإخوة تشانغ" الذين وصفوا بالفساد والنفاق للإمبراطورة. ومع تزايد سلطتهم ومؤامراتهم وتدهور صحة الإمبراطورة تآمر كبار الوزراء والجنرالات عليها واستولوا على القصر وأعدموا الإخوة تشانغ وأجبروا الإمبراطورة المسنة والمريضة على التنازل عن السلطة لابنها عام 705 وقد كانت تبلغ من العمر آنذاك 80 عاماً.

وو شتيان \مواقع التواصل الاجتماعي
وو شتيان \مواقع التواصل الاجتماعي

وو شتيان إمبراطورة سيئة السمعة

بالرغم من أن التاريخ يذكر بعض المآثر للإمبراطورة وو شتيان، فقد وحدت الإمبراطورية وساهمت في تقدم اقتصاد الصين، إلا أن المؤرخين لا يغفلون عن ذكر جرائمها كذلك.

صورت الإمبراطورة على أنها "شيطانة" في بعض الأحيان وذلك بسبب وحشيتها وقسوتها على معارضيها حتى لو كانوا من أقربائها.

فقد قامت وو شتيان بإعدام إخوتها وتسميم والدتها ويقال إنها من دسَّت السم كذلك لزوجها الإمبراطور، وفقاً لبعض المراجع.

مع ذلك فإن هذه الصورة الشيطانية قد لا تكون دقيقة تماماً لأسباب متعددة منها عدم وجود تنوع في المصادر التي أرَّخت تلك المرحلة من تاريخ الصين، ولأن التاريخ الإمبراطوري قد كُتب لتقديم دروس للحكام المستقبليين، لذلك يميل كاتبوه إلى القسوة في وصف المغتصبين "مثل وو شتيان". عدا أن الإمبراطورة امرأة خالفت الأعراف السائدة وهذا سبب كافٍ لكرهها من قبل المؤرخين.

مع ذلك مما لا شك فيه أن الإمبراطورة كانت قاسية إلى درجة كبيرة في التعامل مع معارضيها؛ فقد قضت على 12 فرعاً من عائلة تانغ الحاكمة، ويقال إنها أمرت بقطع رؤوس اثنين من الأمراء المتمردين ضدها وإحضارهما إلى القصر.

كما أنها أمرت اثنين من أحفادها بالانتحار بسبب تجرئهما على انتقادها.

ولعلها سيئة السمعة على وجه التحديد بسبب الطريقة التي تخلصت فيها من زوجة الإمبراطور غاوزونغ الأولى والتي كانت منافسة لها، إذ يقول المؤرخون إن وو شتيان خنقت ابنتها البالغة من العمر أسبوعاً واحداً واتهمت زوجة الإمبراطور بأنها هي من قتلتها. وبناء على ذلك صدق الإمبراطور قصة وو شتيان وأمر بسجن زوجته الأولى.

ووفقاً لما ورد في موقع Smithsonian فقد لاحقت وو شتيان اتهامات بالتورط في علاقات غرامية مع أشخاص متعددين واظبوا على زيارة غرفة نومها خاصة عندما كانت في السبعينيات من عمرها، ويحكى أنها كانت على علاقة بالأخوين تشانغ؛ لذلك قرَّبتهما منها في الفترة الأخيرة من حياتها.

تحميل المزيد