قبل نحو 30 عاماً طُردت جين نولمونجن من منزل زوجها في شمال كينيا بعدما اكتشف أنّ جندياً بريطانياً قام باغتصابها، فتوجهت رفقة أطفالها الـ8 باتجاه مكان كانت تعلم أنها ستكون فيه بمأمن: إنها قرية النساء "أوموجا" التي لا يسمح للرجال بدخولها إطلاقاً.
قرية النساء في كينيا "أوموجا"
قالت السيدة نولمونجن، البالغة من العمر 52 عاماً، إنها تعيش في قرية النساء أوموجا الواقعة في مقاطعة سامبورو بعد تأسيس القرية بفترة بسيطة، وتعتبرها مصدر دعم قوياً بالنسبة لها.
وأضافت نولمونجن لوكالة رويترز أنها أحرزت تقدماً رفقة النساء الأخريات في سبل المعيشة في القرية، كما قمن بتعليم بعضهن البعض أهمية حقوق المرأة في تحدٍّ لثقافة تعتبرُ فيها النساء ملكاً لآبائهن وأزواجهن، موضحة أنّ مقاطعة سامبورو تعتبر النساء بمثابة "قمامة" لأزواجهن.
تأسيس قرية أوموجا لتصبح ملاذاً للنساء المُضطهدات
كانت ريبيكا لولوسولي صاحبة فكرة إنشاء القرية، التي طردت من مجتمعها وتعرضت للضرب أمام أنظار زوجها الذي لم يُحرك ساكناً، من قِبَل مجموعة من الرجال بسبب حديثهم عن ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
وأثناء تعافيها في المستشفى، خطرت لها فكرة إنشاء قرية يُمنع فيها الرجال، وتكون ملاذاً آمناً لنساء سامبورو اللائي تعرضن لاعتداء جنسي، وتم استبعادهن وتجريدهن من أي مطالبات بممتلكاتهن أو أطفالهن، وكذلك الفارّون من زواج الأطفال أو من الختان.
وفي العام 1990 تأسست القرية التي يعني اسمها باللغة السواحيلية "الوحدة" على يد لولوسولي رفقة 15 امرأة نجين من اغتصاب جنود بريطانيين، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانيّة.
والآن هناك ما مجموعه 37 امرأة وأطفالهن يعيشون في القرية التي تتكون من منازل بنتها النساء لبعضهن البعض ومدرسة، وجميعها محاطة بسياج من الأشواك.
تثقيف القبائل المجاورة لقرية النساء
إحدى السمات الفريدة في نساء مجتمع أوموجا هي محاولتهن نشر ثقافة حقوق المرأة في المناطق والقرى المجاورة.
إذ تقوم النساء الأكبر والأكثر خبرة في قرية أوموجا بالذهاب إلى زيارة قرى النساء في قرى مقاطعة سامبورو، من أجل تدريبهن وتثقيفهن.
أما القضايا التي يتم الحديث عنها فتتعلق بأمور مثل مخاطر الزواج المبكر، والختان، والعنف المنزلي، والاغتصاب، والحقوق الأساسية التي ينبغي على النساء الحصول عليها في منازل والديهن أو أزواجهن.
كيف تكسب نساء قرية أوموجا قوت يومهن؟
تعتمد نساء قرية أوموجا بشكل أساسي على صنع قلادات الخرز ذات الألوان الزاهية وبيعها لسياح رحلات السفاري أو القادمين لزيارة المحميات الطبيعية في المنطقة لكسب المال لمجتمعهن النسوي.
روزالينا ليربورا البالغة من العمر 18 عاماً، والتي تعيش في قرية أوموجا منذ أن كانت في الـ3 من عمرها قالت لشبكة CNN الأمريكيّة: "بمجرد أن تبيع نساء القرية القلائد يقمن بإعطاء المال إلى أمهات القرية اللواتي يقمن بتخصيص مبالغ لشراء الطعام لكل أسرة بناءً على عدد الأطفال في كل منزل".
وأضافت: "كما يتم تخصيص بعض هذه الأموال أيضاً لتوجيهها إلى التعليم، خاصة للفتيات الصغيرات".
وبالإضافة إلى بيع القلائد، تحصل النساء على دخل إضافي من خلال تبرعات تأتيهن من أشخاص سمعوا قصصهن حول العالم.
معركة الحصول على ملكية أرض للرعي في القرية
في الوقت الحالي تخوض نساء قرية أوموجا معركة شرسة مع حكومة مقاطعة سامبورو من أجل الحصول على صك لملكية قطعة أرض من أجل الرعي.
ففي مجتمع سامبورو لم يسمح للنساء بامتلاك الأرض والممتلكات الأخرى طالما الزوج لم يسمح لها.
في حين قال هنري ليناياسا رئيس المنطقة الإدارية حيث تقع قرية أوموجا: "إن تحرك النساء لتسجيل أرضهن هو مثال على الاعتراف المتزايد بحقوق الملكية المتساوية بين سامبورو".
وأضاف وفقاً لرويترز: "نحن، كإدارات، نسترشد بالدستور لضمان حصول المرأة على نصيبها العادل، وعادة ما أقوم بعقد اجتماعات في القرى المختلفة لضمان وصول هذه الرسالة إليهن، وكذلك للتأكيد على الحاجة إلى تمكين الفتيات".
وأوضح أنّ دستور كينيا ينص على أن جميع النساء يتمتعن بحقوق متساوية في التملك مع الرجال، ولكن في الواقع، غالباً ما يتم نقل الأرض من الآباء إلى الأبناء، مما يجعل من الصعب على النساء امتلاك الأرض.
في حين تمتلك النساء أقل من 2% من جميع الأراضي المملوكة في كينيا، وفقاً لـ "تحالف أرض كينيا"، وهي شبكة مناصرة للنساء.