في الانتخابات الأمريكية بالعام 2000 وبينما كانت المنافسة مشتعلة بين المرشحين الجمهوري جورج بوش والديمقراطي آل جور، تعرض بوش إلى خسارة ولاية "نيو هامبشير" التي كانت تنتخب المرشحين الجمهوريين فيما قبل، حيث صوتت الولاية في هذه الانتخابات إلى الحزب الديموقراطي.
من أجل ذلك، ورداً على سقوط ولاية "نيو هامبشير"، كان على بوش أن يضم إحدى الولايات المتأرجحة والتي قد تُصوت لصالح الديمقراطيين، وبذلك عمل الجمهوريون لضم ولاية "كارولاينا الشمالية"، إلا أن من أحدث الفارق للتصويت لصالح الجمهوريين كانت جماعة مسيحية يمينية غريبة الأطوار تدعى "المونيون" والتي كان يقودها رجل كوري يدعى صن ميونغ مون، سطر بقصته إحدى أغرب قصص مزج الدين بالسياسة في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
صن ميونغ مون أسس الكنيسة التوحيدية بعدما "ألح عليه المسيح"!
ولكي نبدأ القصة من حيث بدأت تتشكل، قادنا البحث عن هذه القصة الغريبة إلى كوريا؛ حيث كانت تقع تحت سطوة الاحتلال الياباني. ففي عام 1920؛ وُلد صن ميونغ مون (Sun Myung Moon) في مقاطعة بيونغان التي تقع في الوقت الحالي في كوريا الشمالية، وكان صن مون الطفل الأصغر لأسرة كانت تتبع المعتقدات الكونفوشيوسية.
حينما بلغ مون من العمر 10 سنوات، تحولت الأسرة إلى المسيحية وانضموا إلى الكنيسة المشيخية، وهي فرع من فروع البروتستانتية. ومع بلوغ مون سن الـ15، ادعى مون أن يسوع المسيح ظهر له وهو يصلي في التلال وطلب منه أن يتولى بناء ملكوت الله على الأرض، ورغم طلب المسيح من مون أن يتولى تلك المسؤولية، إلا أن مون رفض طلبه؛ طبقاً لما أوردته "رويترز" عن قصة حياة مون العجيبة.
مون يقول إن المسيح عاد من جديد في الظهور أمامه لتكرار طلبه لبناء ما وصفه بـ"ملكوت الله" إلا أنه رفض أيضاً في المرة الثانية، لكن مع تكرار السؤال في المرة الثالثة مضيفاً أنه "لا يوجد أي شخص آخر يمكنه القيام بهذا العمل غيرك"، حينها أخذ مون قراره لتحمل الصعاب وفعل ما طلبه المسيح، طبقاً لسيرة مون الذاتية التي كتبها الصحفي الأمريكي مايك برين.
ادعى مون أن عليه "تطهير الأرض من الشيطان الذي رأى أنه يتجسد في الشيوعية"، لذلك لم تقم عقيدة مون الدينية على أفكار مسيحية خالصة، حيث امتزجت عقيدته التي أسسها على بعض المعتقدات الدينية المسيحية الكونفوشيوسية بجانب الاعتماد على الأفكار السياسية والاقتصادية كذلك.
ومع قيام الحرب الباردة وميل شمال كوريا نحو النموذج الشيوعي، في حين كان يوالي الجنوب الولايات المتحدة، أُلقي القبض على مون في 1948 بتهمة العمل لصالح كوريا الجنوبية، واُحتجز في معسكر هونجنام التابع لكوريا الشمالية.
ثم مع اشتعال الحرب بين الكوريتين في 1950، ادعى مون أن الولايات المتحدة قامت بمهاجمة المعسكر الذي كان فيه، ما أسفر عن هروب المحتجزين، والذهاب إلى كوريا الجنوبية، ومن بينهم مون الذي ذهب إلى بوسان، ليتشكل منذ ذلك الحين عهد جديد بالنسبة لمون ومعتقداته، والتي أصبحت أكثر من كونها مجرد عبادة وطقوس دينية، لتتخطى ذلك وتدخل عالم السياسة من أوسع الأبواب.
إنشاء كنيسة التوحيد
بعد 4 أعوام من وصول صن مون إلى كوريا الجنوبية، استطاع تأسيس جمعية الروح القدس لتوحيد المسيحية العالمية في سيول والمعروفة باسم "كنيسة التوحيد" والتي أصبحت أول كيان يعبر عن معتقدات مون الخاصة، باعتباره المخلص الجديد والذي أعلن نفسه "مسيحاً وأباً للبشرية".
وبدلاً من الاعتماد على الإنجيل (الكتاب المقدس)، ألّف صن مون كتاب "شرح المبدأ الإلهي" والذي أصبح بمثابة اللاهوت المقدس عند أتباع الكنيسة التوحيدية- الذين عُرفوا بـ"المونيين"- والذي كُتب باللغة الكورية، إلا أنه تُرجم فيما بعد إلى الإنجليزية. ويتحدث الكتاب عن المجيء الثاني وعودة المسيح المتجسدة في شخصه.
قامت عقيدة الكنيسة التوحيدية على مزيج من المسيحية البروتستانتية واليهودية والثقافة والديانات الشرقية القديمة، خاصة الكونفوشيوسية، والتي تسرد رؤية جديدة- حسب مون- لـ"مبادئ الله للعالم"، والطريق الذي "يجب أن نسلكه للوصول إلى البيت الحقيقي؛ أي الجنة. كما تتطرق عقيدة مون إلى العقبات التي تواجه البشر التي تمنع الإنسان عن تحقيق أحلامه والوصول إلى السعادة، وهو ما تضمنه مجموعة المبادئ التوحيدية.
واعتبر مون أن أساس العقيدة التي ينشرها "تصحيح أخطاء آدم وحواء وفقاً للمبدأ الإلهي، حيث أغوى الشيطان حواء، التي كانت لها بعد ذلك علاقات غير مشروعة مع آدم وأنجبت أطفالاً نجسين"، طبقاً لمعتقدات مون.
كذلك، اعتبر مون أن "يسوع هو آدم الثاني، لكن يسوع صُلب قبل أن يتمكن من الزواج وإنجاب ذرية بلا خطيئة". وهكذا، وفقاً لمون، اعتمد خلاص البشرية على "مخلص ثالث للظهور على الأرض والزواج من امرأة نقية سيصبحون معاً (الوالدين الحقيقيين للبشرية)، وينجبون عائلات طاهرة لتعيش في ملكوت الله".
كما ادعى مون أنه تلقى المزيد من الرسائل الروحية، بما في ذلك من بوذا وموسى، وقال إن بوذا أخبره أن يسعى إلى توحيد أديان العالم "في جهد مشترك لإنقاذ الكون".
لكن لم تتفق معتقدات مون مع قادة المسيحية الرئيسية، إذ رفُضت هذه المعتقدات عندما تقدم مون بطلب لعضوية مجلس الكنائس العالمي. وبهذا الخصوص يقول ديفيد بروملي، عالم الاجتماع الأمريكي المشارك في تأليف كتاب "المونيون في أمريكا"، إن "لاهوت مون كان هرطقة"، واعتُبر هذا الكتاب إحدى الدراسات الرئيسية لحركة التوحيد خلال ذروتها في سبعينات القرن الماضي.
ومن الملاحظ أن كلمة "توحيدية" لا تصف العقيدة التي يؤمن بها المونيون- مثل عقيدة المسلمين المبنية على توحيد الله- وإنما جاءت هذه الكلمة لتصف هدف الحركة، وهي "توحيد" المسيحيين حول العالم تحت لواء صن مون؛ المسيح الجديد وأبي البشرية بحسب تعاليم الكنيسة التوحيدية، وكذلك توحيد الأديان جميعاً في بوتقة واحدة لتصبح ديانة واحدة موحدة.
زواج أشخاص لا يتحدثون دون مترجم لـ"إنجاب طاهر"!
اُشتهرت الكنيسة التوحيدية حول العالم بطقوسٍ خاصة بها، وأشهرها حفلات الزفاف الجماعية التي تُقيمها الكنيسة، والتي تجمع الآلاف من مريدي الزواج من مختلف الجنسيات حول العالم، وتُقام مراسم الاحتفال بهم جماعياً، وذلك لتحقيق رؤية مون الخاصة التي تعتمد على خلاص البشرية من خلال "العائلات الطاهرة" التي يباركها بنفسه.
غالباً ما يلتقي الزوجان قبل الاحتفال بأسابيع فقط، وكان الكثير منهم لا يستطيع التحدث مع بعضهما البعض إلا عن طريق مترجم، وذلك لاختلاف جنسياتهم وعدم استطاعتهم الحديث بلغة بعضهم البعض، ويكون عادةً هؤلاء الأزواج لا يعرفون بعضهم البعض من قبل.
حفلات الزواج كانت صاحبة الفضل الأكبر في أعداد المنضمين الجدد للحركة الدينية، إذ تذكر صحيفة The Guardian البريطانية أنه في العام 2009، استطاع مون تزويج حوالي 45 ألف شاب وشابة. فيما كان يمثل مون وزوجته "أباً وأماً" لدى جميع المونيين والذين يرون أنهم مع أولادهم وأحفادهم يمثلون "عائلة الله المثالية".
الحركة الدينية نحو العالمية وبناء الإمبراطورية الاقتصادية
مع تزايد أتباع الكنيسة التوحيدية في كوريا الجنوبية، ولأن الكنيسة بالأساس- في نظر صن مون- حركة عالمية تسعى لبناء عالم ديني متعدد الثقافات، تطلع مون لنقل حركته إلى الولايات المتحدة؛ وهو ما حصل بالفعل في العام 1971، ليبدأ مون في أعماله التبشيرية على نطاق واسع داخل أمريكا، لتشهد الكنيسة التوحيدية طوراً جديداً، إذ لم يعد أتباع الكنيسة مقتصرين على الكوريين فقط. وقد قدرت الكنيسة عدد أتباعها حول العالم بـ5 ملايين موني، إلا أن العديد من المراقبين والمحللين يؤكدون أن عدد أتباع الكنيسة لا يزيد عن مئات الآلاف فقط.
على الجانب الآخر، وفي الوقت الذي دعا فيه صن مون أتباعه للتمسك بحياة التقشف والزهد، استطاع مون بناء إمبراطورية تجارية تُقدر بمليارات الدولارات. ففي عام 1963 أسس المسيح الجديد والملياردير الناشئ مجموعة Tongil – والتي تعني بالكورية "التوحيد"- الكورية الجنوبية والمرتبطة بكنيسة التوحيد، والتي سرعان ما امتدت لتشمل عمل الإنشاءات والمنتجعات وتصنيع الأسلحة، كما أنشأ مون فريق كرة قدم وشركات أخرى في كوريا الجنوبية.
وفي الولايات المتحدة أسس مون فندق "نيويوركر" في مانهاتن، وجامعة "بريدجبورت" في كونيتيكت، كما أسس سلسلة مطاعم للأكلات البحرية التي تُقدم السوشي الياباني حول العالم، وكذلك طرق مجال الصحافة والإعلام بتأسيسه صحيفة Washington Times في عام 1982 (تميل إلى المحافظين الجمهوريين والأصوليين اليمينيين في الولايات المتحدة) وأنفق عليها 1.7 مليار دولار، طبقاً لما تذكره صحيفة The Guardian.
مع نمو إمبراطورية مون التجارية، وضع مون نفسه في قلب المعركة ضد انتشار الشيوعية التي اعتبرها "أيديولوجية ملحدة حاولت السيطرة على الإنسان، والتي تسلب علاقتهم من آبائهم السماويين"، وفقاً لمتحدث باسم الكنيسة.
من أجل ذلك، أسس الاتحاد الدولي للنصر على الشيوعية، والذي وصل عدد أعضائه إلى أكثر من 4 ملايين في كوريا الجنوبية، وفقاً لموقع ويب تتابع للكنيسة، كما قام مون بتمويل مؤتمر في جنيف بعنوان "نهاية الإمبراطورية السوفييتية"، وبذلك أصبح مون من أقطاب وسائل الإعلام والسياسة، حتى إنه طمح في حكم العالم، إذ نُقل عنه أنه قال: "العالم كله بيدي، وسأغزو العالم وأخضعه".
كان مقرباً من رؤساء كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية في آن واحد!
بسبب محاربته للشيوعية، وشعبيته المتنامية بين الشباب الأمريكي عبر كنيسته التوحيدية، بجانب إمبراطوريته التجارية العملاقة، وتأسيس جريدة محافظة ومؤيدة للجمهوريين؛ حظي صن مون بعلاقات جيدة مع القادة الأمريكيين المحافظين، بمن فيهم الرؤساء السابقون ريتشارد نيكسون، ورونالد ريجان، وجورج دبليو بوش الذي ساعده عبر تكليف أتباع كنيسته بالتحرك من أجل حصول بوش على ولاية كارولاينا الشمالية.
في الوقت ذاته، التقى مون بالرئيس الروسي آنذاك ميخائيل غورباتشوف (في عام 1990 )، كما بدأ في إعادة بناء علاقته مع كوريا الشمالية في عام 1991، إذ التقى مؤسسَ البلاد كيم إيل سونغ؛ على أمل "منع اندلاع الحرب في شبه الجزيرة الكورية"، ومن أجل إعادة ترميم العلاقات والحديث عن المصالح المشتركة.
يقول مون بخصوص هذه المقابلة، إنه طلب من كيم التخلي عن طموحاته النووية، فردَّ كيم بأن برنامجه النووي كان للأغراض السلمية وليست لديه أي نية لاستخدامه "لقتل الشعب". ويصف مون مشاعره نحو هذه المقابلة، قائلاً: "في مرحلة ما من الحوار بيننا، شعرت بأن لدينا الكثير لنقوله لبعضنا البعض، إذ بدأنا نتحدث مثل الأصدقاء القدامى الذين لم يحظوا منذ فترة طويلة بوقت للجلوس معاً"!
وأضاف مون أنه سمع كيم يقول لابنه: "بعد وفاتي، إذا كانت هناك أشياء تتعلق بالعلاقات بين الشمال والجنوب، فعليك دائماً طلب مشورة الرئيس مون"، وعندما توفي سونغ عام 1994، أرسل مون وفد تعزية إلى كوريا الشمالية.
في الوقت ذاته، ظل الزعيم التالي لكوريا الشمالية على علاقة طيبة مع صن مون، إذ كان كيم جونغ إيل، ابن سونغ وخليفته، يرسل الورود وساعات رولكس وهدايا أخرى ثمينة إلى مون في يوم ميلاده كل عام. وعندما توفي كيم جونغ إيل وخلفه نجله كيم جونغ أون- الزعيم الحالي لكوريا الشمالية- أرسل مون وفداً لتقديم التعازي خلال فترة الحداد.
بالتوازي، استطاع مون افتتاح شركة "بيونغهوا موتورز"، وهي الشركة المشاركة في المصنع الوحيد للسيارات بكوريا الشمالية، كما يمتلك مون فندقاً في بيونغ يانغ، وسُمح لمون ببناء فرع للكنيسة التوحيدية في كوريا الشمالية، حيث يمكن لمندوبي كنيسة التوحيد الزائرين لكوريا الشمالية الصلاة فيها، وتتكهن مجلة Foreign Policy الأمريكية بأن تكون الأموال التي استثمرها مون في كوريا الشمالية وصلت إلى 50 مليون دولار.
على الجانب الآخر، وفي أمريكا خلص الكونغرس الأمريكي إلى أن منظمة مون قد انتهكت قوانين الضرائب والهجرة والبنوك والعملة الأمريكية في عام 1978، وبعد 4 أعوام أُدين مون بتهم التهرب الضريبي، وأمضى 13 شهراً في سجن اتحادي (بين عامي 1984 و1985) بتهمة التهرب الضريبي.
لكن الكنيسة التوحيدية تقول إن الحكومة الأمريكية اضطهدت مون، بسبب نفوذه المتزايد وشعبيته لدى الشباب في البلاد. كما انقلب مون على الولايات المتحدة- طبقاً لما نقلته صحيفة The Boston Globe الأمريكية- أواخر التسعينيات، واصفاً إياها بـ"مستودع الفجور"، أتبعتها خسائر مالية لمؤسسات مون التجارية.
صديق عائلة بوش وعميل المخابرات سيئ السمعة
في العام 1997، تقدم عضو الكونغرس الأمريكي دونالد فريزر بتحقيق كشف فيه أن كنيسة التوحيد قامت بجهود من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية الكورية (KCIA)، حيث عمل مون مع مدير وكالة المخابرات المركزية الكورية كيم تشونغ فيل، للتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما كشف التقرير أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) هي المسؤولة بشكل أساسي عن تأسيس KCIA بعد الحرب العالمية الثانية، لكن منظمة مون نفت أي صلة بوكالات المخابرات الأمريكية أو الحكومة الكورية.
وفي بداية الستينيات، حيث عمِل مون على مناهضة الشيوعية من كوريا الجنوبية، عمِل مون بمساعدة عملاء وكالة المخابرات المركزية لتشكيل رابطة الشعوب الآسيوية المناهضة للشيوعية، وذلك لتوحيد العسكريين اليمنيين في قوة مناهضة للشيوعية بجميع أنحاء آسيا.
ومن خلال العمل مع KCIA، قام مون بأول رحلة له إلى الولايات المتحدة في عام 1965، لتتشكل أولى علاقاته داخل الولايات المتحدة، والتي كانت وبشكل صادم مع الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور. وفي العام التالي قام مون بإنشاء مؤسسة "قيادة الحرية"، وهي منظمة مؤيدة لحرب فيتنام، عملت على الضغط على الحكومة الأمريكية من أجل الدخول في هذه الحرب.
وفي السبعينيات، وفي أوج انتشار أتباع كنيسة التوحيد، اكتسب مون سمعة سيئة في الأوساط السياسية فيما يسمى بفضيحة "كوريا جيت"، إذ اتُّهمت النساء من أتباع كنيسة التوحيد بالترفيه عن أعضاء الكونغرس الأمريكيين والضغط عليهم من أجل تحقيق بعض مصالح مون، مع الاحتفاظ بملفات سرية بشأن من ضغطوا عليهم في جناح بفندق واشنطن هيلتون الذي استأجرته عائلة مون.
ووثق تقرير فريزر أن مون "حصل على أموال من وكالة المخابرات المركزية الكورية لتنظيم مظاهرات وإدارة حملات دعائية مؤيدة لكوريا الجنوبية". وقال المحقق الذي أعد تقرير فريزر: "لقد كان الاهتمام الأساسي للمونيين، على الأقل بالولايات المتحدة في ذلك الوقت، لم يكن الدين على الإطلاق بل كان سياسياً، لقد كانت محاولة لكسب القوة والنفوذ والسلطة".
بعد فوز رونالد ريغان بالرئاسة عام 1980، ازداد نفوذ مون السياسي بشكل كبير، إذ دعا نائب الرئيس جورج بوش الأب- المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية- مون كضيف له في حفل تنصيب ريغان. وفي عام 1980، تعاونت منظمة مون مع انقلاب عسكري يميني في بوليفيا أنشأ أول دولة مخدرات بالمنطقة.
وفي عام 1982 ومع تأسيس "الواشنطن تايمز"، رأى نائب الرئيس بوش على الفور قيمة تشكيل تحالف مع منظمة مون القوية سياسياً، وهو تحالف يزعم مون أنه جعل بوش رئيساً. فيما تسبب الارتباط بين بوش ومون بجدل كبير في سبتمبر/أيلول 1995، عندما أعلن الرئيس السابق أنه سيقضي ما يقرب من أسبوع في اليابان نيابة عن الاتحاد النسائي من أجل السلام العالمي، الذي أسسته وقادته زوجة مون، فيما أشارت صحيفة New York Times إلى أن وجود بوش "يُنظر إليه من قِبل البعض على أنه يضفي الشرعية على جماعة المونيين".
وبهذا الشكل أصبح مون داعماً أساسياً ورئيسياً للحزب الجمهوري، والذي دعم من خلاله العديد من الرؤساء المحافظين الذين وصلوا إلى البيت الأبيض، والذين كان آخرهم ترامب، الذي لا يخفى إلى الآن علاقته القوية بعائلة مون.
ففي يوم السبت الماضي، وبينما كان يحضر الرئيس السابق دونالد ترامب مؤتمراً نظمته أرملة صن مون لإحياء ذكرى الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، قال ترامب: "إن ما أنجزوه- أي عائلة مون- في شبه الجزيرة -يقصد الكوريتين- أمر مذهل. ففي غضون بضعة عقود فقط، أصبح الإلهام الذي أحدثوه لكوكب الأرض بأكمله أمراً لا يصدَّق، وأنا أهنئكم مراراً وتكراراً".
يذكر موقع Business Insider الأمريكي الذي نقل هذا الخبر، أن هيونغ جين مون- ابن صن مون- قام بحملة في الحزب الجمهوري من أجل ترشيح ترامب للرئاسة. كما حضر هيونغ تمرد الكابيتول الذي اقتحم فيه المتظاهرون مبنى الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
مات صن مون في عام 2012، ليترك منظمته الدينية والتجارية العملاقة لأبنائه وزوجته، تُدار من قبلهم في الوقت الحالي، ومازالت تمتاز بعلاقات قوية بالحزب الجمهوري واليمين المتطرف في أمريكا.
قد يهمك أيضاً: الزواج في كوريا الشمالية أمام تمثال مؤسسها.. عقيدة الـ"جوتشي" وتقديس القائد