قاتلت زوجها وابنها للانفراد بحكم القدس.. ماذا تعرف عن الملكة ميليسندا؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/28 الساعة 17:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/28 الساعة 17:44 بتوقيت غرينتش
نافذة في كاتدرائية بروكسل تم إنشاؤها عام 1866 وعليها رسوم لجيوش الحملة الصليبية الأولى في القرن الحادي عشر/ Istock

الزمان في العصور الوسطى، والمكان بيت المقدس، حيث أقدمت امرأةٌ واحدة على ما لا يمكن تصوره سياسياً وعسكرياً، في طريقها إلى حكم المكان الذي يطمع فيه كل الرجال: القدس. إنها الملكة ميليسندا.

واجهت ميليسندا مقاومة القوى المسلمة المجاورة، وواجهت زوجَها، وحتى ابنها حتى تتربع على العرش. شخصية قوية في حد ذاتها، لكن رغم ذلك، فهي غير معروفة بدرجة كبيرة كالإمبراطورة ماتيلدا وإليانور ملكة آكيتاين.

نُصِّبَ غودفري، من بولون، أول حاكمٍ لمملكة القدس في يوليو/تموز عام 1099، بعد احتلال قواته القادمة من أوروبا المدينة المقدسة وقتلوا مواطنيها في مذبحةٍ كبرى، وذلك خلال أولى الحملات الصليبية.

ثم تلاه في الحكم الملك بالدوين الثاني ومورفيا اليونانية الأرثوذكسية من أصلٍ أرميني. أنجب بالدوين الثاني 4 بنات، وتم تشجيعه على ترك زوجته لينجب وريثاً ذكراً، لكنه رفض وبدأ في تحضير ابنته الكبرى ميليسندا (المولودة عام 1109 في إديسا، مقاطعة ومدينة تقع في جنوب تركيا اليوم)، لتتولى الحكم من بعده.

شن بالدوين الثاني حملات عسكرية مكثفة انتهت بأسره مرتين على يد أهل الأرض الأصليين من المسلمين.

وخلال أَسره للمرة الثانية، وميليسندا في فترة المراهقة، ترأست زوجته مورفيا المفاوضات من أجل إطلاق سراحه، حسب ما نشره موقع History Extra.

ولكن بعد وفاة والدتها في أكتوبر/تشرين الأول 1126 تقريباً، نُصِّبَت ميليسندا وريثةً للعرش وأرادت زواجاً ذا أغراض استراتيجية. وجرى إرسال مبعوثين لدعوة النبيل الثري والنافذ فولك الخامس، كونت أنجو ومين، ليصير زوجها. 

تزوجا بالفعل عام 1129، وكان زواجهما يبدو متناغماً في البداية، إذ أنجبا طفلاً اسمه بالدوين الثالث ليرث العرش.

لكن والدها بالدوين الثاني وضع شرطاً غير معتاد عند وفاته عام 1131: وهو أن يرث فولك وميليسندا وابنهما المدعو بالدوين العرش بالمشاركة معاً؛ في محاولة لتقويض صلاحيات وسلطات صهره. 

فهل كان والد ميليسندا قلقاً من أنّ فولك قد يُزيحها جانباً ليُبعد العائلة عن العرش؟

اتهام الملكة ميليسندا بالخيانة الزوجية

كشفت السنوات الأولى من عهد فولك أنّ تلك المخاوف ربما كانت مبررة، حيث تُوجد أدلة موثقة على استبعاد ميليسندا من كافة القرارات المهمة بشأن المملكة، كما سجّل المؤرخ الإنجليزي المعاصر أورديريك فيتاليس كيف أنّ فولك ضايق النبلاء المحليين بتعيين "غرباء من أنجو" في مناصب السلطة. 

وبلغت الأمور ذروتها حين تمرّد أحد أقرب مؤيدي ميليسندا، وهو هيو ملك يافا، ضد الملك، حسب ما نشرته جامعة كولومبيا

سرت وقتها شائعات واتهامات بعلاقةٍ غير شرعية بينه وبين الملكة، كما حاول أحد فرسان فولك اغتياله. ورغم أنّ فولك أنكر ذلك، فإن ميليسندا غضبت جداً بسبب الهجوم، وبدأ فولك يخشى على حياته؛ لاعتقاده أنه تحت التهديد من رجال الملكة.

ويبدو أنّ أسلوب فولك قد تغيّر بسبب ثورة غضب ميليسندا، إذ أشرك الملكة في حكمه أكثر، واستشارها في أعمال المملكة، كما شاركها في إصدار المواثيق. 

وخلال تلك الفترة، أطلق الثنائي الملكي برنامج بناءٍ كبيراً في جميع أنحاء المملكة، شمل أعمالاً كبرى على جدران كنيسة القيامة، في الموقع الذي يُعتقد تاريخياً أنه مكان صلب المسيح ودفنه، وأنجبا في العام 1136 ابنهما الثاني.

خلافها مع ابنها ينقلب حرباً

ولكن في عام 1143، قُتِلَ فولك في حادث صيد، وورثت ميليسندا الحكم المشترك مع ابنها بالدوين الثالث (13 عاماً). 

حكمت المملكة مملكة القدس حتى أوائل الخمسينيات من القرن الـ12، حين ذهب نجلها إلى المحكمة مدفوعاً بغضبه وتحريض زمرته. إذ أراد الحكم منفرداً، لكن ميراث جده كان يعني مشاركة ميليسندا الحكم.

قرر بالدوين أن يتحدّى والدته في العلن، ثم خلال اجتماعٍ في المحكمة العليا عام 1152، طالب بتقسيم المملكة بينهما. 

حيث استولت ميليسندا على نابلس والقدس، بينما سيطر بالدوين على عكا وصور، حسب ما نشره موقع Encyclopedia

ثم ادعى بالدوين أنه بحاجة إلى مزيد من الموارد للبلاد وسار بجيشه نحو القدس عام 1152. 

بعدها اندلع القتال بينهما، فقصف بالدوين أمه في قلعة القدس، وبعد التفاوض على السلام، وافقت ميليسندا على تسليم سلطاتها بالكامل إلى بالدوين. 

بحلول ذلك الوقت، فقدت ميليسندا كثيراً من دعم النبلاء حولها، واضطرت إلى الاستسلام، وأُعطيت نابلس كنوع من التعويض، مع تقليص سلطتها إلى سلطة لورد محلي.

بعد المصالحة، عاد بالدوين يطلب المشورة من والدته، وكانت تقوم ببعض الأدوار في الحكومة حتى وفاتها عام 1161.

مثّلت ملكية ميليسندا ذروة السلطة الملكية في القدس خلال القرن الـ12، إذ تفاوضت مع حاكم دمشق المسلم، ودافعت عن الجيل الثاني من المستوطنين اللاتينيين ضد الواصلين من الغرب، كما أن ثقافتها المزدوجة حملتها على دعم الأديرة الأرثوذكسية والمسيحيين السريانيين أيضاً. 

تصفها الكتب القديمة بأنها كانت من نساء السلطة الأقوياء وسط مجتمعٍ متعدد الثقافات.

تحميل المزيد