قبل نحو 326 عاماً وقعت واحدة من أقدم وأكبر الجرائم على وجه الأرض أمام السواحل اليمنية، عند مضيق باب المندب، وقد سرق فيها قراصنة إنجليز ثروات من الذهب والفضة التي تُقدر قيمتها بملايين الدولارات.
ورغم أنّ السلطات الإنجليزية سعت جاهدةً حينها للقبض على المجرمين فإنها لم تستطع معرفة أماكن وجودهم، حتى تم العثور مؤخراً على حفنة من العملات المعدنية في الولايات المتحدة الأمريكية، يُعتقد أنّ بإمكانها حل لغز تلك الجريمة.
قتلوا الحجاج واغتصبوا النساء.. جريمة جانج ساواي
وأفادت وكالة أسوشيتد برس، أن قراصنة إنجليزاً، كانوا من بين أكثر المجرمين المطلوبين في العالم، نهبوا سفينةً عائدةً بشبه الجزيرة العربية، تحمل على متنها مسلمين عائدين من الحج ومتجهين نحو الهند، ثم هربوا بعد انتحال شخصيات أخرى.
وتعود الحادثة إلى 7 من سبتمبر/أيلول 1695، عندما نصبت سفينة قرصنة تسمى "فانسي" كميناً لسفينة ملكيّة تسمى "جانج ساواي"، تابعة للإمبراطور الهندي "أورنجزيب".
وكان على متن السفينة المنهوبة مسلمون عائدون من الحج، وثروة من الذهب والفضة تُقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
وتقول الروايات التاريخية إن القراصنة الإنجليز عذبوا وقتلوا الرجال الذين كانوا على متن السفينة الهندية، واغتصبوا النساء، قبل الفرار إلى جزر الباهاما، التي كانت ملجأً للقراصنة في ذلك الوقت.
ويليام الثالث قدّم مكافأة كبيرة لاعتقالهم
عندما وصل الخبر إلى الملك الإنجليزي آنذاك، ويليام الثالث، أمر بصرف مكافأة كبيرة لأي شخص يدلّهم أو يوصلهم إلى مكان إقامة القراصنة المجرمين، لكن للأسف لم يتمكن أي أحد من الوصول إليهم أو حتّى معرفة هوياتهم الحقيقيّة، وفقاً لما ذكره موقع Pledgetimes.
في حين تشير السجلات إلى أن سفينة تسمى "Sea Rose"، استخدمها القراصنة بعد أن تخلوا عن السفينة "Fancy"، أبحرت على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، ثم وصلت في عام 1696 إلى مدينة نيوبورت في رود آيلاند، ومنها اتجهوا نحو أيرلندا.
هل القرصان هنري إيفري وراء الجريمة؟
تقول إحدى الروايات إنَّ القرصان هنري إيفري هو من يقف وراء هذه الجريمة، عندما أبحر مع قراصنته عبر سفينة فانسي، مستعيناً بقراصنة آخرين، بما فيهم توماس تيو وجوزيف فارو وويليام مايز وتوماس ويك، إلى مضيق باب المندب، ونصبوا كميناً بانتظار الأسطول الذي يخرج من الحج في شبه الجزيرة، وهو الأمر الذي اعتاد على فعله سنوياً.
وعندما مرّ أسطول السفن الهندية المكون من 25 سفينة قادمة من الحج، انقضّ القراصنة على السفينة الرئيسيّة جانج ساواي، التي كانت حمولتها وفقاً لما ذكره موقع Golden age of piracy تبلغ نحو 1600 طن، وعليها نحو 80 مدفعاً.
وتقول الرواية إنّ السفينة هربت في البداية، لكنّ القراصنة لاحقوها حتى تمكنوا من السيطرة عليها.
وبعد ذلك تم إخضاع الركاب، فقتلوا الكثير من الحجاج واغتصبوا النساء على مدار أيام متتالية، ليكشفوا عن موقع الكنز المُخبّأ، حتى إنّ بعض النساء اخترن القفز في البحر على أن يتم اغتصابهن.
في النهاية تمكّن القراصنة من نهب نحو 600 ألف جنيه إسترليني، ونحو 500 ألف قطعة ذهبية وفضية والفرار بها، بالإضافة إلى العملات العربية التي كانت بحوزة المسافرين، وهي ذاتها التي تمّ العثور عليها مؤخراً.
هل ستكشف العملات المكتشفة التفاصيل الغامضة؟
وحتى اكتشاف العملات الجديدة مؤخراً بقي المؤرخون يعتقدون بالفعل أنّ القراصنة تفرقوا في أيرلندا، لكن اكتشاف هذه العملات المسروقة من على ظهر السفينة الهندية يوضح أنّ القراصنة اتخذوا طرقاً مختلفة للهروب.
ويقول جيم بيلي، وهو مكتشف أول عملة عربية سليمة في الولايات المتحدة، والتي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر: "إنه تاريخ جديد لمعرفة ما حدث بعد ارتكاب الجريمة الغامضة، لاسيما أنّ الجميع في ذلك الوقت كانوا يبحثون عن هؤلاء القراصنة ولم يجدوهم".
يذكر أنّ أول عملة من العملات التي تحمل الكتابة العربية قد ظهرت كاملة في عام 2014 في ميدلتاون في رود آيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية، وأكدت الأبحاث أن هذه العملة تم سكها عام 1693 في اليمن، الأمر الذي أثار على الفور تساؤلات بين المؤرخين الذين يؤكدون أنه لا يوجد دليل على أن المستعمرين في أمريكا سافروا إلى أي مكان في الشرق الأوسط للتجارة حتى العقود الأخيرة.
ومنذ العام 2014 حتى عامنا هذا 2021، اكتشف باحثون آخرون 15 قطعة نقدية عربية إضافية من نفس الحقبة في ماساتشوستس ورود آيلاند وكونيتيكت ونورث كارولينا.