عيد النوروز والانتخابات القادمة.. الإیرانیون یعزفون نشید الحیاة في طوابير “الإرهاب الاقتصادي”

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/21 الساعة 13:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/21 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
الرئيس الإيراني حسن روحاني، رويترز

ألوان وأزهار تملأ شوارع إیران وساحاتها لاستقبال ممیز بحلة تليق بعيد النوروز، العید الوطني للکثیر من القومیات ذات الأصول الفارسية. أمل یضفي ظلاله علی الشعب الإيراني للعام الجدید، ويودع به عاماً تکدس بمصائب عدة عصفت بالبلاد والعباد، وأخلت بالوضع الصحي والاقتصادي، فیعزف الإیرانیون هذه الأیام نشید الحیاة علی لحن الموت.

النوروز وهي كلمة تعني "اليوم الجديد"، هو العيد الذي يحتفل الإیرانیون به وفق طقوس تراثیة بقدوم فصل الربيع ومبارکة عامهم الجديد، السنة الشمسیة في 21 آذار/مارس من كل عام وهو یوم دولي كذلك. 

ومهما یتحمل المواطن الفارسي من متاعب ومشاکل طیلة العام إلا أن قدوم الربیع والنوروز یمثل بارقة أمل ورمزاً للسلام والتحول والتقدم والتطور بالنسبة لهم. ومفردة "بَهَار" أو الربیع، بالفارسية لها معانٍ عميقة لدی الأدباء والشعراء مستوحاة من عظمتها لدی الذاکرة الشعبیة. حتی السیاسیون یولون اهتماماً بالغاً بالربیع ضمن أدبهم السیاسي، ولعل أبرز مثال ما فعله الرئیس السابق محمود أحمدي نجاد عندما سمى حكومته "دولت بهار"، أي حکومة الربیع  (2005 – 2013).

المواطن بین طوابیر الدجاج ومائدة "هفت سین"

دخلت إیران بهذه السنة آخر عام من القرن الثالث عشر حسب التقويم الشمسي وهو عام 1400، لکن ما أن استعد المواطن في الأيام الماضیة لبسط مائدة العید – سفره هفت سین – مائدة "السینات السبع" بالفارسية، وجد نفسه صافاً في طوابیر شراء الدجاج والزیت بین ارتفاع الأسعار وغیاب السلة الغذائیة.

ویبدو أن النوروز الأخیر لحکومة الرئیس روحاني بعد ثمانية أعوام من سدة الحکم لم یشهد تغییراً بالنسبة لما قبل وصوله للرئاسة، حيث عادت الوعود الانتخابیة تتکرر کما کانت في عهد ترشحه عام 2013. ما جعل المرشحين المحتملين يشكون الوضع الراهن ويحملون روحاني اللوم على إخفاقاته في السياسات الاقتصادية، بينما ارتفعت نبرة النقد حول سوء الإدارة وعدم كفاءة المسؤولين الحاليين.

عيد النوروز
احتفالات رأس السنة الفارسية

تدهور الاقتصاد وزاد التضخم وانخفضت قیمة العملة الإیرانیة وعادت الطوابیر التي تُحَمِّل الإيرانيين عناء الوقوف لعدة ساعات من أجل الحصول على دجاجة واحدة أو قنینة زیت أو کیلو من بیض الدجاج بأسعار مدعومة. فقد دمرت العقوبات التي تسمیها طهران "إرهاباً اقتصادیاً" کل شيء وأخذت الاقتصاد إلی حافة الانهیار. 

3 أشهر حتی انتخاب الرئیس الـ13

صفارة انطلاق الانتخابات الرئاسية الإیرانیة انطلقت وقائمة أسماء المرشحین المحتملين من کلا المعسکرين الإصلاحي والمحافظ في تزاید قبیل بدء عملية الترشیح الرسمية. کل هذا دون أي مؤشرات تلوح بتحالفات واضحة للتنافس الانتخابي في الساحة السیاسیة قبل نحو ثلاثة أشهر علی بدء عملية الاقتراع.

ورغم تقييد الحملات الانتخابية حسب قرار وزارة الداخلية فإن المرشحين المحتملين یتجولون في المدن الإيرانية ویقیمون اجتماعات باقتصار الحضور، خاصة أنها تتزامن مع عطلة رأس السنة الإيرانية التي تمثل فرصة اعتیادیة لخروج السیاسيين من العاصمة طهران.

سیطرة التیار المحافظ على مقاعد البرلمان في الانتخابات التشریعیة نهایة عام 2019، وثمة ملامح أخری ترجح احتمال قدوم رئیس جدید من دائرة المحافظین أو العسكريین، وقد تمت الإشارة إلی هذا البحث في مقال سابق (رئيس عسكري لتجديد شرعية النظام أم مدني لحماية الديمقراطية؟) نشر عبر موقع عربي بوست.

بينما يبدو التشتت في المعسکر الإصلاحي مستمراً، التیار الذي یری أن الرئیس روحاني قد خذلهم بعدم تحقیق وعوده، حیث تطايرت أحلامهم وأدخلتهم أزمة علی المستویین التنظیم الداخلي والشعبي وبات من الصعب أن تميل الكفة لصالحهم. 

حتی الآن لا بلورة لرغبة شعبیة نحو التصویت ولا سخونة لأجواء الانتخابات کما أشرنا بالتفصیل في مقال آخر (ماذا تعکس استطلاعات الرأي، وإلامَ تطمح السلطة؟) المنشور هنا عربي بوست لکن تأکید المرشد الأعلی آیة الله علي خامنئي علی انتخابات بنسبة مشارکة عالية سیدفع بالمؤسسة السیاسیة إلی التحرك الكثيف وعبر الوعود الرنانة کما بدأها المرشح المحتمل الجنرال محسن رضائي بأن – لایوجد أي عاطل عن العمل في حال قررت الترشیح والفوز في الانتخابات –  لیبعث الأمل في نفوس المجتمع.

المحاولات الأخیرة لإحیاء أبرز إنجاز حکومة روحاني

أما حکومة الرئیس روحاني المنتهية ولایتها فقد تعمل جاهدة على فرصتها الضئيلة المتبقیة لتفتيت العقوبات الأمریکیة وتصدیر نفطها والافراج عن أصولها المالية بغیة الخروج من مأزق الضغوط القصوی لتخفيف الأعباء الاقتصادية والصحية علی الشعب المهمش وبث الروح من جدید في المعسکر الإصلاحي أو المعتدل کي یعود بقوة لاستغلال الزخم الشعبي في الانتخابات القادمة بید أن خطوات طهران وواشنطن تبدو غیر جادة لبناء الثقة لإحياء الاتفاق النووي وقد بدء الطرفان بلعبة التصعيد سیاسیاً ومیدانیاً.  

الانتخابات الرئاسية ترافقها انتخابات أعضاء مجالس شوری البلديات عند نهایة فصل الربیع في 18 يونيو/حزيران المقبل والمتوقع استغلال فرصة الربیع من جدید لتغییر الخطاب لدی الطبقة السیاسية یهدف إلى لملمة الشتات وتحريك الشارع، کما جاءت کلمة الرئیس الأسبق محمد خاتمي بمناسبة حلول النوروز قائلاً: یجب علی الساسة في هرم السلطة السابقين أو الحاليين، الاعتذار للشعب من الأخطاء التي ارتکبت بحقهم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أمير جابر
كاتب وصحفي من طهران
كاتب وصحفي من طهران
تحميل المزيد