ناظم القدسي
ولد الرئيس ناظم القدسي في مدينة حلب عام 1906، وتلقى تعليمه فيها قبل أن يُكمل دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت.
بدأت حياته السياسية بعد انضمامه إلى حزب الكتلة الوطنية بقيادة هاشم الأتاسي، قبل أن ينتقل إلى حزب الشعب.
وخلال عهد رئاسة شكري القوتلي الأولى، عمل القدسي كأول سفير لسوريا في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن يصبح أول رئيس مدني لسوريا بعد الانفصال عن مصر، وقد تولى الرئاسة من 1961 حتى 1963.
ويعتبر القدسي الزعيم السوري الوحيد الذي تولى 3 رئاسات هي: رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء مرتين، ورئاسة مجلس النواب.
انقلاب 1963 أو "ثورة 8 آذار"
قبل الخوض في تفاصيل انقلاب 1963، دعونا نبدأ بالتعرف على تاريخ تأسيس حزب البعث في سوريا وأعضائه المؤسسين، والانقلابات الداخلية التي أوصلت في نهايتها حافظ الأسد لتولي سدّة الحكم في البلاد.
حزب البعث وتبنّي شعار العروبة
ميشيل عفلق
وُلد ميشيل عفلق في العام 1910 لعائلة أرثوذوكسية يونانية في حي الميدان الدمشقي، تلقَّى تعليمه في دمشق قبل أن ينتقل إلى باريس للدراسة في جامعة السوربون.
يُعتبر عفلق المؤسس والزعيم الروحي لحزب البعث العربي الاشتراكي السوري لأكثر من 25 عاماً، قبل أن يُنفى إلى العراق، حيث تولّى منصب الأمين العام العربي لحزب البعث العراقي، وهو المنصب الذي يضعه شكلياً فوق منصب الرئيس صدام حسين.
في العام 1963 تولى حزب البعث الذي أسسه عفلق رفقة صديقه صلاح الدين البيطار حكم سوريا، لكنّ القادة العسكريين للحزب قاموا بخلعه من منصبه بعدها بسنوات، ومن ثم تم نفيه إلى العراق، الذي عاش فيه مُعظم حياته قبل أن يتوفى في باريس.
وفي عام 1953 اندمجت حركة البعث العربي مع حزب أكرم حوراني الاشتراكي العربي، ليصبح المسمى الأخير هو حزب البعث العربي الاشتراكي.
ساعد التحالف المجموعة الجديدة على أن تصبح بسرعة تحدياً خطيراً لمنافسيها، ومع لعب ضباط الجيش الدور القيادي في إقامة حكم البعث من بينهم حافظ الأسد وصلاح جديد.
حلّ الحزب بطلب من عبدالناصر.. وعودته بعد الانفصال
وفي العام 1958 أعلن حزب البعث حلّ نفسه، بعد أن كان حل الأحزاب في سوريا أحد شروط الرئيس المصري جمال عبدالناصر الأساسية لقيام الوحدة بين سوريا ومصر.
ولكن مع تفكك الجمهورية العربية المتحدة في العام 1961، أعيد تشكيل الحزب مجدداً من نواة البعثيين القدماء.
ووفقاً لما ذكره موقع "الجزيرة" فإن العديد من أعضاء الحزب بقوا في تنظيم سري في مناطق اللاذقية ودير الزور وحوران، وكانوا على ارتباط قوي مع الضباط البعثيين في الجيش السوري.
انقلاب 1963 بقيادة صلاح جديد
قام تنظيم من ضباط الحزب أبرزهم صلاح جديد وأحمد المير وعبدالكريم الجندي بانقلاب عسكري في 8 مارس/آذار 1963، على الرئيس ناظم القدسي ورئيس الحكومة خالد العظم، ليتمكن الحزب من السيطرة على كامل مقاليد البلاد بما فيها النشاطات الرياضية والاجتماعية.
وذلك بسبب بعض التوترات التي حصلت بين الحكومة السورية وحزب البعث في العام 1962، بدأت مجموعة من الضباط التخطيط للانقلاب وتسلم السلطة.
وعلى الرغم من أنّ التخطيط والتنفيذ كان من قبل أعضاء الحزب العسكريين فقط، فإن رئيس الحزب المدني ميشيل عفلق أعطى موافقته على الانقلاب، على أن يتم تسليم المدني لؤي الأتاسي منصب الرئاسة وفقاً لما ذكره موقع "الأيام" السوريّة.
كان من المخطط إجراء الانقلاب في 7 مارس/آذار، ولكن وصلت معلومات إلى أعضاء الحزب أنّ الحكومة كشفت مكان تجمع المنقلبين فتم تأجيله إلى اليوم التالي.
بدأ الانقلاب في ساعات الصباح الأولى من 8 مارس/آذار، فتحركت الفصائل المنقلبة بقيادة صلاح جديد وحاصرت المقرات المُهمة في دمشق واعتقلت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وغالبية الوزراء.
كما حصلت بعض الاشتباكات بين الانقلابيين والقوات من الشرطة والجيش تسببت بمقتل نحو 800 شخص من عسكريين ومدنيين.
أمين الحافظ
وُلد محمد أمين الحافظ في مدينة حلب، في 14 ديسمبر/كانون الأول 1921، وتخرج في الكلية العسكرية عام 1946، وشارك في حرب 1948 ضد إسرائيل، وشغل منصب وزير الداخلية، بعد تسلم حزب البعث الحكم في مارس/آذار 1963، قبل أن يتسلم منصب رئيس الجمهورية بين 27 يوليو/تموز 1963 و23 فبراير/شباط 1966.
اشتُهر بالقسوة في معاملة معارضيه، حتى إن الناس كانوا يصفونه بالعبارة الشهيرة التالية: "أبو عبدو السفاح، نصف الناس في المزة ونصفهم في الدحداح".
حيث يُقصد بـ"أبو عبدو" أمين الحافظ، والمزة إشارة إلى سجن المزة الشهير في العاصمة السورية دمشق، والدحداح إشارة إلى مقبرة الدحداح في دمشق أيضاً.
أهم حدث في سيرة أمين الحافظ هو انخداعه بالجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، المعروف باسم كامل أمين ثابت، الذي تغلغل في المؤسسات العسكرية، وتعرف على كبار الضباط، وكاد أن يصبح نائباً لوزير الدفاع بأمر من الحافظ، قبل أن يتم اكتشاف أمره.
آثار انقلاب 1963.. أطول حالة طوارئ في التاريخ
بمجرد تسلم حزب البعث للحكم في سوريا، أعلنت حكومة صلاح البيطار الجديدة حالة الطوارئ التي تعتبر أطول إعلان لحالة طوارئ بالتاريخ إذ استمرت من 8 مارس/آذار 1963 حتى 21 نيسان /إبريل 2011.
إعادة حافظ الأسد إلى الخدمة العسكرية
في ذلك الوقت كان حافظ الأسد يعمل في خدمة مدنيّة في إحدى الوزارات وذلك بعد إبعاده عن العمل العسكري بسبب توقيعه على وثيقة الانفصال عن مصر واحتجازه هناك لنحو شهر قبل أن يعود إلى سوريا عن طريق تبادل للضباط بين مصر وسوريا.
وبمجرد انتهاء الانقلاب قام صلاح جديد بإعادة صديقه الأسد إلى الخدمة العسكرية وترقيته من رتبة رائد إلى لواء وتعيينه قائداً لقوى الدفاع الجوي.
تعطيل الدستور وحل الأحزاب
كما تمّ تعطيل العمل بدستور عام 1950 الذي وضعته حكومة الرئيس هاشم الأتاسي إلى العام 1973 عندما وضع حافظ الأسد دستوراً جديداً للبلاد وهو الرابع في تاريخ سوريا قبل أن يقوم ابنه بشار الأسد بوضع الدستور الخامس في العام 2012.
إضافة إلى ذلك أصدر الحزب قراراً بحل جميع الأحزاب سيما القطبين الأساسيين في الحياة السياسية السورية حزب الشعب والكتلة الوطنية، وعدا الحزب الناصري والحزب الشيوعي.
خلافات بين المدنيين والعسكريين..وانقلاب في 1966
بمجرد أنّ تسلم حزب البعث زمام الحكم في البلاد، بدأت الخلافات بين أعضاء القيادة القوميّة المدنيين للحزب أمثال ميشيل عفلق ومنيف الرزاز وصلاح البيطار وأمين الحافظ وبين اللجنة العسكرية للحزب بقيادة ضباط شباب مثل حافظ الأسد وصلاح جديد ومصطفى طلاس.
وأدت هذه الخلافات إلى حدوث انقسام في الحزب، تسبب بانقلاب العام 1966 الذي انقلب فيه صلاح جديد وصديقه حافظ الأسد على المؤسسين الأساسيين الذين فرّ معظهم باتجاه العراق فيما تم اعتقال آخرين مثل الرئيس أمين الحافظ الذي بقي مسجوناً إلى ما بعد حرب 1967 عندما نُفي إلى لبنان وصلاح البيطار الذي تم اغتياله في باريس.
انقلاب جديد.. وحافظ الأسد يحكم سوريا
في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1970، عقد حزب البعث السوري مؤتمره الوطني الاستثنائي العاشر في العاصمة دمشق.
ووفقاً لما ذكره موقع TRT World فإن الاجتماع تمّ خلف أبواب موصدة بتوجيهات من اللواء صلاح جديد، وكان بند الاجتماع الأول هو إقالة وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد ورئيس أركانه اللواء مصطفى طلاس من منصبيهما.
ولكنّ الأسد كان على دراية بالأمر فقام في 13 من نوفمبر/تشرين الثاني 1970 بمساعدة كل من رفعت الأسد ومصطفى طلاس باعتقال كل الأعضاء الذين كانوا ينتقدونه في الحزب من بينهم صلاح جديد الذي اعتقل في سجن المزّة العسكري بالعاصمة دمشق مدة 23 عاماً إلى حين وفاته في 1993، ونور الدين الأتاسي الذي قضى في ذات السجن 22 عاماً إلى حين إطلاق سراحه قبيل وفاته بأسابيع في 1992 بعد إصابته بمرض السرطان.
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني أعلنت وسائل الإعلام الرسمية عن الحادثة فيما يعرف باسم "الحركة التصحيحية" معلنة بذلك بداية حقبة سيطرة عائلة الأسد على البلاد.