اجتهد الإغريق والمصريون والبابليون والصينيون القدماء في مراقبة الأجرام السماوية ووضع نظريات تفسر حركتها وتتنبأ بمساراتها، ورغم أنهم أصابوا في كثير من الأمور فإنهم من جهة أخرى لم يتمكنوا من فهم العديد من الأحداث الفلكية.
إليكم أبرز المفاهيم الخاطئة التي كان يُنظر إليها على أنها حقائق فلكية فيما مضى:
مفاهيم فلكية خاطئة صدقها القدماء
الأرض مركز الكون
منذ القرن الثاني الميلادي كان يعتقد أن الأرض هي مركز الكون التي تدور حولها النجوم والكواكب، وقد عرف ذلك النموذج باسم النظام البطلمي نسبة إلى عالم الفلك اليوناني بطليموس.
لم يكن بطليموس أول من يتحدث عن مركزية الأرض، فقد سبقه إلى ذلك الفيلسوف اليوناني أرسطو، إلا أن بطليموس كان أو من يؤسس نموذجاً يشرح فيه نظريته بشكل دقيق. وقد بقي نموذج مركزية الأرض هو السائد حتى القرن السادس عشر عندما اقترح عالم الفلك الشهير نيكولاس كوبرنيكس نموذج مركزية الشمس الذي يقترح أن الشمس هي المركز التي تدور حوله الكواكب.
ومع ذلك وبالرغم من اكتساب كوبرنيكس لبعض المؤيدين لنظريته لم تتراجع الكنيسة عن معارضتها لنظام مركزية الشمس حتى القرن الثامن عشر.
الأرض مسطحة
فيما مضى كان يعتقد أن كوكبنا ما هو إلا أرض مسطحة محمولة على ظهر سلحفاة عملاقة. تطور الوضع قليلاً فيما بعد وتم الاستغناء عن فكرة السلحفاة، لكن بقي القدماء يصورون الأرض على أنها قرص مسطح.
ومع بداية القرن السادس قبل الميلاد بدأ العلماء الإغريقيون يناقشون مسألة كروية الأرض التي أقرها أرسطو كحقيقة علمية مبنية على أسس تجريبية في عام 330 قبل الميلاد.
بطبيعة الأحوال لا نستطيع لوم أسلافنا الذين اعتقدوا أن الأرض مسطحة ومحمولة على ظهر سلحفاة، فلا يزال هناك بعض المشككين بكروية الأرض إلى يومنا هذا بالرغم من أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين ونملك وصولاً غير محدود للمعلومات والتقنيات الحديثة.
النجوم تستطيع التنبؤ بمستقبلك
اعتقاد خاطئ آخر لا نستطيع لوم أسلافنا عليه، لأن الكثيرين لا يزالون يؤمنون في يومنا هذا أن حركة النجوم قادرة على التنبؤ بمستقبلهم.
خلط العلماء في السابق ما بين علم الفلك والتنجيم، لكن يتم التمييز اليوم بينهما ويصنف التنجيم على أنه من فئة الـ Pseudoscience أو العلوم الزائفة.
وكان الصينيون أبرز من راقب النجوم للتنبؤ بالمستقبل، فقد كان الأباطرة الصينيون يجمعون المنجمين من حولهم ويستشيرونهم في أمور الحرب والدولة، فكانوا لا يخوضون حرباً في الأوقات التي تعتبر نذير شؤم، وعندما يخطئ المنجمون بتنبؤاتهم كانت رؤوسهم تقطع على الفور، فلكم أن تتخيلوا كم من الرؤوس قطعت في ذلك الوقت.
اعتقد القدماء أن الكواكب كانت نجوماً
نميز اليوم بين النجوم التي يصدر نورها نتيجة التفاعلات النووية التي تحدث في أعماقها، وبين الكواكب التي تبدو مضيئة في ظلام الليل لأنها ببساطة تعكس نور الشمس.
لكن علماء الفلك الإغريق لم يميزوا بين الاثنين قديماً، وأطلقوا على الكواكب اسم "النجوم المتجولة"، وذلك بسبب تغير مواقعها في السماء ليلاً.
وقد شملت تلك "النجوم" كلاً من عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، وكذلك الشمس والقمر.
مع ذلك، ورغم أن علماء الفلك الإغريق لم يفهموا على وجه دقيق تركيبة هذه الأجرام السماوية، فإنهم تمكنوا من تصنيفها والتنبؤ بمواقعها المستقبلية بشكل يقارب إلى حد ما الحسابات الحديثة.
كان يُعتقد أن الزهرة عبارة عن كوكبين اثنين
كان علماء الفلك الإغريق يعتقدون أن الزهرة عبارة عن كوكبين اثنين، أحدهما يبرز قبل شروق الشمس والآخر يسطع بعد غروبها، وقد أطلقوا على الكوكبين اسمي فوسفوروس (نجمة الصباح) وهيسبيروس (نجمة المساء).
ومن الجدير بالذكر أن الأمر لم يختلط على علماء الفلك البابليين الذين كانوا على يقين بأن نجمة الصباح والمساء ما هي إلا كوكب واحد هو الزهرة، وقد اقتنع الإغريق لاحقاً بهذه النظرية.
حركة مميزة للمريخ
كان المصريون القدماء علماء فلك بارعين، دأبوا على مراقبة الأجرام السماوية وتدوين حركتها في خرائط لا تزال إحداها موجودة في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك.
تصور الخريطة كلاً من كوكب المشتري وزحل وعطارد والزهرة معاً ككيانات شبيهة بالبشر الواقفين على متن قوارب، لكن تم تصوير المريخ على الجانب الآخر من الخريطة في قارب فارغ وربما كان ذلك مؤشراً على سلوكه الفريد في السماء.
نعلم اليوم أن المريخ يدور حول الشمس بنفس اتجاه دوران الأرض وبقية الكواكب، لكن القدماء كانوا يعتقدون أن للمريخ حركة مميزة، إذ كان كل عامين يتحرك بشكل عكسي للخلف بدلاً من الأمام.
في الواقع، يتحرك المريخ من الغرب باتجاه الشرق، وكل عامين نلاحظ أنه يتحرك عكسياً من الشرق إلى الغرب لكن ذلك مجرد وهم نستطيع تفسيره كما يلي:
تشبه حركة الكواكب حول الشمس سباق سيارات على مسار بيضوي، ولأن الأرض تتحرك بشكل أسرع بكثير من المريخ لدرجة أنها تقوم بدورتين حول المسار في نفس الوقت الذي يستغرقه المريخ للدوران مرة واحدة، تجتاز الأرض المريخ من الخلف كل 26 شهراً تقريباً فنتوهم نحن المراقبون على الأرض أن المريخ يتحرك بشكل عكسي.
يوجد توأم لكوكب الأرض
استناداً إلى تعاليم فيثاغورس، وضع الفيلسوف اليوناني فيلولاوس نظرية غريبة للغاية في القرن الخامس قبل الميلاد.
وفقاً لنظرية فيلولاوس فإن الأرض والكواكب الأخرى، وحتى الشمس كذلك تدور جميعاً حول ما سماه "النار المركزية".
وقد افترض فيلولاوس كذلك وجود توأم لكوكب الأرض موجود على الجانب الآخر من "النار المركزية"، بحيث لا يمكن لنا ملاحظة ذلك الكوكب التوأم من كوكب الأرض الأصلي، لأن الكوكبين متوازيان تماماً ويفصل بينهما 180 درجة، بينما تقع النار المركزية في المنتصف.
بقي معمولاً بهذه النظرية إلى أن جاء بطليموس وهيمنت نظرية مركزية الأرض.