تستضيف السعودية في الخامس من يناير/كانون الثاني 2021 قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في محافظة العلا في المملكة العربية السعودية، في أكبر قاعة مغطاة بالمرايا عالمياً والمسماة "قاعة المرايا".
تقع قاعة مرايا الموسيقية الفريدة من نوعها في الصحراء الشمالية الغربية في وادي عشار بالمملكة العربية السعودية، وقد حازت رقماً قياسياً بموسوعة غينيس للأرقام القياسية لأكبر مبنى عاكس على وجه الأرض، ولكن ما يثير الإعجاب حقاً هو أنه تم الانتهاء منها فعلياً في شهرين ونصف الشهر فقط في عام 2019، الذي يمكن اعتباره رقماً قياسياً في حد ذاته.
دعونا نتعرف في سطور على هذا المبنى الحضاري والثقافي الفريد من نوعه.
المرآة وسيلة لخلق حوار بين الطبيعة والزمن
قد يتساءل البعض لماذا تم اختيار المرايا لتغطية مبنى في وسط صحراء تتغير فيها درجات الحرارة بشكل كبير بين الليل والنهار، وتحصل فيها العديد من العواصف الرملية؟
قال ألبرتو بونوس، مدير التطوير في الهيئة الملكية للعلا، وهي هيئة حكومية إقليمية كلفت استوديو Giò Forma في ميلانو بتصميم المشروع، لمجلة ArchiExpo الإلكترونية: "لقد أنشأنا هذا لوضع مدينة العلا على الخريطة الثقافية العالمية".
مبنى القاعة مغطىً بـ9740 مترا مربعاً من المرايا التي تغطي الجزء الخارجي وهو رقم تجاوز الحد الأدنى البالغ 6500 متر مربع. وقد تم تصنيع ما مجموعه 3000 لوحة مسبقة التسخين محلياً بواسطة Guardian Glass، التي قامت بتكييف منتجها شديد التحمل UltraMirror لتحمل الظروف القاسية مثل الرياح والعواصف الرملية وتقلبات درجات الحرارة الشديدة. الانحناء الخفيف على الواجهة يعني أن المبنى يبدو من مسافة بعيدة وكأنه سراب متلألئ للبانوراما المحيطة، ولكن مع اقتراب الزائرين يرون انعكاساً مثالياً لأنفسهم.
قال المهندس المعماري المتخصص في تصميم المجموعات وفن الأرض، فلوريان بوجي، للمجلة نفسها: "تقابل الماضي والمستقبل معاً في نفس اللحظة، تضيف المرآة مستوى آخر من الإدراك" مشيراً إلى وجود مقابر قديمة رائعة على بعد 22 كم فقط من المبنى الجديد.
التصميم من الداخل
في الداخل، تضم القاعة الرئيسية 500 مقعد، بالإضافة إلى خمس حجرات تتسع لما يصل إلى 60 ضيفاً إضافياً. خلف المسرح، يمكن فتح نافذة قابلة للسحب تبلغ مساحتها 800 متر مربع للكشف عن التكوينات الصخرية في الصحراء، والتي تضيء في الليل وتنتج انعكاسات ملونة. تشمل المرافق الأخرى شرفة على السطح ومركزاً للمؤتمرات ومساحة عرض ومطعماً والحمامات والمصاعد. كما أن القاعة مجهزة بأحدث أنظمة الصوت المسرحية والأوبرالية.
بيئة محيطة رائعة
تقع القاعة بوادي عشار بالقرب من الطريق السريع البركاني، وهي مجهزة بأحدث أنظمة الصوت المسرحية والأوبرالية. تغطي المرايا الجدران الخارجية للهيكل المكعب الذي يعكس المحيط الخلاب لمنطقة العلا، وهو منظر طبيعي جذب الفنانين والمهندسين المعماريين من الحضارة النبطية حتى يومنا هذا.
أُطلق على قاعة المرايا اسم "العجائب المنعكسة" نظراً لصفائح الزجاج العملاقة الملحقة بهيكلها، التي تعكس المناظر الطبيعية الخلابة في محيطها.
وقال عمرو المدني، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا، لموقع Arab News: "العلا هي تراث ثقافي للعالم، وتأتي هذه الخطوة تحقيقاً لرؤيتنا في جعلها مركزاً ثقافياً إقليمياً وعالمياً".
وأضاف: "هذا الصرح الفريد يجعلنا نفكر في المناظر الطبيعية الفريدة للملحمة الجيولوجية، والتجريد الجذري لبيئة العلا الساحرة، والتوغلات غير المألوفة للإنسان في المناظر الطبيعية".
الانعكاس الحضاري
تعطي الانعكاسات لقاعة المرايا توازناً ساحقاً وإحساساً عميقاً بربط التراث الإنساني بالطبيعة وتشابكها وتناغمها معاً، ما يوفر لنا مسؤولية حماية ثقافتنا البشرية جنباً إلى جنب مع الطبيعة الاستثنائية للعلا.
جاء تطوير القاعة الموسيقية في إطار البيان الثقافي والتراثي لمحافظة العلا، الذي أصدرته ونشرته الهيئة الملكية لمحافظة العلا، داعياً مجتمعات الفنون والأعمال العالمية للانضمام إلى الهيئة في فصل ثقافي جديد في موقع يسلط الضوء على آثار الحضارات التاريخية.
افتتاح ضخم مع فنانين بارزين
وُصِف المبنى بأنه "معلم خاص" من "العمارة الفنية الأرضية" الحقيقية، وتم الكشف عن واجهته غير العادية في حفل خاص نظمته الهيئة الملكية لمحافظة العلا خلال الموسم الثاني من مهرجان شتاء طنطورة.
استضاف المكان الذي يتسع لـ500 مقعد فنانين عالميين بارزين، من بينهم الموسيقي المصري عمر خيرت، ومغنية الأوبرا الإيطالية أندريا بوتشيلي. بدأ المهرجان رحلته الفنية بعرض للمغنية المغربية الشهيرة عزيزة جلال، التي فاجأت الجماهير بالعودة بعد توقف دام 35 عاماً، كما ورد في موقع Saudi Gazette.
استضافت القاعة الحاصلين على جائزة نوبل
استضافت القاعة الكثير من الأحداث الدولية، بما في ذلك مؤتمر للحاصلين على جائزة نوبل 2020، الذي عقد في مدينة العلا في الفترة من 30 يناير/كانون الثاني إلى 1 فبراير/شباط.
شارك في هذا الحدث ثمانية عشر من الحاصلين على جائزة نوبل للسلام والاقتصاد والأدب والفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب، إلى جانب نخبة من المفكرين والسياسيين والقادة الاجتماعيين من 32 دولة حول العالم.
قدموا أطروحات لمواجهة التحديات التي تؤثر على البشرية والعالم. وقد كان يهدف المؤتمر إلى إحداث تأثير كبير على المعضلات العالمية المُلحة وتقديم حلول لها، من خلال المناقشات التي تطرح طرقاً لمعالجة القضايا المستقبلية المتعلقة بالتعليم والصحة والزراعة والاقتصاد العالمي.