جميعنا سمعنا عن نيرون، الإمبراطور الروماني المضطرب نفسياً الذي كان يغني ويعزف على قيثارته بينما تحترق عاصمة إمبراطوريته روما.. وسمعنا أيضاً عن السيدة النبيلة جوديفا التي جابت شوارع المدينة عارية لتخليص سكانها من الضرائب الباهظة.
لكن تلك الحكايات وغيرها الكثير ما هي إلا أساطير بُنيت على وقائع حقيقية وتناقلتها الأجيال مع الكثير من التحريف.. إليكم أبرز 5 شخصيات تاريخية اشتهروا بأشياء لم يفعلوها قط:
الليدي جوديفا لم تجب شوارع المدينة عارية على ظهر الخيل
خلد التاريخ قصة مشهورة للغاية من العصور الوسطى عن الليدي جوديفا الرؤوفة بشعبها.
تقول الحكاية إن الليدي جوديفا التي كانت زوجة الأمير الإنجليزي ليوفريك حاكم ولاية كوفنتري احتجت على الضرائب الباهظة التي فرضها زوجها على عامة الناس، وطالبته بتخفيض قيمة تلك الضرائب.
استمرت الليدي رقيقة القلب بالضغط على زوجها الذي سئم منها في النهاية وقال إنه سيوافق على طلبها إذا جابت المدينة عارية على ظهر الخيل.
يتفق المؤرخون على وجود تلك السيدة النبيلة وعلى أنها وزوجها الأمير عاشا بالفعل في القرن الحادي عشر، لكن لا يجمع أغلبهم على الأسطورة التي نُسجت عنها لاحقاً.
إذ تقول الأسطورة إن السيدة النبيلة تحدت زوجها وجابت شوارع المدينة عارية على ظهر الخيل، حيث لزم جميع الناس بيوتهم في ذلك اليوم احتراماً لها.
في الواقع، لم تظهر أسطورة جوديفا الكاملة حتى القرن الثالث عشر، أي بعد مئتي عام من حادثة ركوب الخيل المفترضة.
وقد ألهمت القصة لاحقاً كتّاباً بارزين مثل ألفريد لورد تينيسون، الذي ساعدت قصيدته "جوديفا" عام 1842 على ترسيخ الحكاية الأسطورية كحقيقة تاريخية.
نيرون لم يكن يغني بينما تحترق روما
لا بد أن تاريخ الإمبراطور الروماني نيرون حافل بالقصص التي جلبت العار لاسمه، لكن غناءه بينما تحترق روما لم يكن من بين تلك القصص، ففي حين أن بعض المؤرخين القدامى وصفوا الإمبراطور المحب للموسيقى بأنه كان يغني ويعزف على قيثارته بينما تلتهم النيران مدينة روما، فإن المؤرخ تاسيتوس شجب فيما بعد هذه الادعاءات باعتبارها Historyمبالغاً فيها، وفقاً لما ورد في موقع
وفقًا له، لم يكن نيرون متواجداً عندما بدأ الحريق، بل كان بعيداً في أنتيوم، وعندما وصل إلى المدينة التي كانت لا تزال تحترق ساعد في قيادة فرق الإنقاذ لإخماد الحرائق، وأمر بعد ذلك بإعادة البناء وفتح حدائق قصره لأولئك الذين فقدوا منازلهم.
ماري أنطوانيت لم تقل "دعهم يأكلوا الكيك"
لا بد أنك سمعت القصة الشهيرة عن الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت التي تم إبلاغها أن أفراد شعبها يتضورون جوعاً ولا يجدون ما يكفي من الخبز لتناوله، فجاوبت الملكة حينها بكل برود "دعهم يأكلوا الكيك إذاً".
منذ القرن الثامن عشر وحتى اليوم، تناقلت الألسن هذه الحكاية التي تعبر عن جهل الملكة بالمحنة التي كانت تعصف بشعبها، ولكن مع ذلك لا يوجد أي دليل يثبت أن ماري قد لفظت تلك الكلمات فعلاً.
ظهرت العبارة لأول مرة على لسان "أميرة عظيمة" في كتاب الفيلسوف جان جاك روسو، والذي كُتب في أوائل عام 1766.
وإذا كان روسو يشير بالفعل إلى ماري أنطوانيت، فهذا يعني أنها كانت تبلغ من العمر 10 سنوات فقط وأنها لم تكن ملكة بعد عندما قالت ذلك.
يعتقد العلماء أن روسو قد ابتدع العبارة من مخيلته، أو ربما كانت عبارة شائعة تستخدم آنذاك لانتقاد الشخصيات الأرستقراطية التي تعيش بعالم مختلف ولا تشعر بالمعاناة التي يعايشها عامة الناس.
وإذا كانت تلك العبارة قد انتشرت في ذلك الوقت فعلاً على لسان ماري أنطوانيت فيرجح المؤرخون أنها كانت محاولة من قبل خصومها السياسيين لتشويه سمعتها.
جورج واشنطن كارفر لم يخترع زبدة الفول السوداني
كان جورج واشنطن كارفر عالماً ومخترعاً أمريكياً مشهوراً بابتكار منتجات غذائية وطرق زراعية بديلة.
وفي حين تميز كارفر بالعديد من الابتكارات التي أكسبته مقارنات مع ليوناردو دافنشي، إلا أن الاعتقاد الخاطئ بأنه مخترع زبدة الفول السوداني هو ما علق في المخيلة الشعبية.
كان كارفر بالفعل رائداً في مجال الفول السوداني فقد اشتهر بأنه اكتشف أكثر من 300 استخدام للبقوليات خلال حياته المهنية، لكنه لم يكن أول شخص يصنع زبدة الفول السوداني.
في الحقيقة يمكن العثور على أدلة على المساحيق المصنوعة من الفول السوداني في أمريكا الجنوبية منذ عام 950 قبل الميلاد.
كذلك فقد تم تسجيل براءة اختراع مواد زبدة الفول السوداني الحديثة لأول مرة في عام 1884 باسم مارسيلوس إدسون- الذي أشار إليها باسم "حلوى الفول السوداني"- وفي وقت لاحق سجلت براءة اختراع أخرى باسم جون هارفي كيلوج، الذي كشف النقاب عن عملية لصنع زبدة الفول السوداني في عام 1895.
أما كارفر فلم يبدأ تجاربه الخاصة على الفول السوداني حتى عام 1903.
جوزيف غيلوتين لم يخترع المقصلة
خلافاً للاعتقاد الشائع، لم يخترع الطبيب الفرنسي جوزيف غيلوتين آلة قطع الرأس التي تدعى المقصلة، بالرغم من أنها تسمى باللغة الإنجليزية guillotine أي أنها تحمل اسم غيلوتين بشكل مباشر.
ومن المفارقات أن غيلوتين كان من أبرز المعارضين لعقوبة الإعدام.
وفي محاولة يائسة لوضع حد لعمليات قطع الرؤوس والشنق الوحشية للفؤوس المستخدمة في عمليات الإعدام الحكومية، اقترح في عام 1789 على الجمعية الوطنية الفرنسية تطوير طريقة أكثر إنسانية وغير مؤلمة.
ومع عمل غيلوتين في دور إداري، تمت صياغة الخطط لتطوير المقصلة من قبل جراح يدعى أنطوان لويس، الذي صمم الجهاز تبعاً لآلات مماثلة موجودة في أسكتلندا وإيطاليا.
بينما بنى ألماني يدعى توبياس شميت النموذج الأول الذي تم استخدامه بانتظام من قبل الحكومة الفرنسية.
وبالرغم من أن غيلوتين لم يصمم المقصلة ولم يقم ببنائها إلا أنها حملت اسمه في نهاية المطاف.