تعرضت الآثار التاريخيّة الهامة حول العالم على مر التاريخ إلى السرقة أثناء احتلال الدول أو عن طريق المهربين وبعض هذه الآثار والكنوز وجدت طريقها في أوقات لاحقة إلى متاحف دول أخرى، ولكن الكثير منها لا يزال مفقوداً حتّى يومنا هذا.
الآثار المفقودة حول العالم
بدءاً من غرفة كهرمان وصولاً إلى تابوت العهد سنقدم إليكم أهم 6 كنوز أثرية فُقدت عبر الزمن ولا أحد يعرف مكان وجودها إلى الآن، بحسب ما ذكره موقع Howstuffworks.
غرفة الكهرمان
وصفها من رآها بأنها لو كانت موجودة الآن لكانت العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا، إذ تعتبر واحداً من أكثر الكنوز المفقودة جمالاً في التاريخ.
كانت الغرفة عبارة عن 11 قدماً مربعاً، تتكون من ألواح جدارية كبيرة مطعمة بأطنان عديدة من أحجار الكهرمان ذات التصميم المذهل والمرايا الكبيرة المنقوشة في حوافها أوراق شجر ذهبية، وأربعة نقوش فسيفساء إيطالية بديعة.
والكهرمان داخل في هذه الغرفة في صورة ثلاث درجات، مطعمة بالأحجار الكريمة، وخزائن العرض الزجاجية ضمت بعضاً من أندر التشكيلات الفنية التي تم تجميعها من روسيا وبيلاروسيا.
الغرفة في الأساس من تصميم ملك بروسيا فريدريك الأول وأعطاها هدية لقيصر روسيا بطرس العظيم؛ لذا فإن موقعها كان في قصر كاثرين، بالقرب من سانت بطرسبرغ. وتبلغ قيمة غرفة الكهرمان اليوم 142 مليون دولار.
وحين وجه أدولف هتلر آلة الحرب النازية في اتجاه روسيا، أصيب حرس الغرفة بالهلع، وحاولوا نقلها، إلا أن الكهرمان بدأ في التفتت، مما دفعهم إلى محاولة تغطيتها بورق الحائط، لكن لم ينجحوا في ذلك.
وحين اقتحم النازيون لينينغراد (سانت بطرسبرغ سابقاً) في أكتوبر/تشرين الأول 1941، استولوا عليها وعرضوها في قلعة كونيغسبرغ إبان ما تبقى من سنوات الحرب.
ولكن، حين استسلمت كونيغسبرغ في أبريل/نيسان 1945، لم يُعثر على الكنز الأسطوري في أي مكان.
ولم تظهر الغرفة بعد ذلك أبداً، فهل دمر السوفييت دون قصد كنزهم بقنابلهم؟ هل أُخفيت الغرفة في مستودع ضائع تحت الأرض خارج المدينة؟ أم هل دُمرت الغرفة حين احترقت قلعة كونيغسبرغ بعد فترة وجيزة من استسلام المدينة؟
ربما لن نعرف أبداً ما حدث لها على وجه اليقين، ولكن لحسن حظ محبي الفخامة، أعيد تصميم غرفة الكهرمان بصورة مذهلة ويجري عرضها حالياً في قصر كاثرين.
كنز القرصان بلاك بيرد
لم يقض القرصان المشهور بلاك بيرد سوى عامين (1716-1718) في سلب السفن، غير أنه خلال تلك الفترة الوجيزة جمع ثروة طائلة.
وفي الوقت الذي كان فيه الإسبان مشغولين بحيازة كل الذهب والفضة التي تمكنوا من استخلاصها من المكسيك وأمريكا الجنوبية، فإن بلاك بيرد وزملاءه كمنوا لهم ثم انقضوا على السفن المحملة بالكنوز أثناء عودتها إلى إسبانيا.
بنى بلاك بيرد لنفسه مهابة في قلوب الناس بسمعته كشخص انتهازي وحشي وقاسٍ.
وتمركزت إمبراطورية الخوف التي أقامها حول جزر الهند الغربية وساحل المحيط الأطلسي في أمريكا الشمالية.
وحلت نهايته في نوفمبر/تشرين الثاني 1718، حين قطع الملازم الإنجليزي روبرت ماينارد رأسه وعلقه على صاري سفينته كتذكار للانتصار الكبير.
ولكن ما الذي حل بالكنز العظيم الذي جمعه بلاك بيرد؟ أقر القرصان بأنه دفنه في مكان ما، ولكنه لم يفصح أبداً عن موقع الدفن. ولكن هذا لم يمنع عدداً لا حصر له من صائدي الكنوز من محاولة تتبع مكانه للاستيلاء عليه.
ويُعتقد أن سفينة بلاك بيرد الغارقة، واسمها كوين آنز ريفينج، قد عُثر عليها بالقرب من بوفورت، كارولاينا الشمالية، عام 1996، ولكن الكنز لم يكن على متنها.
ومن بين الأماكن التي يمكن أن يكون فيها الكنز جزر الكاريبي، وخليج تشيزبيك بولاية فيرجينيا، وكهوف جزر الكايمان.
كنوز ليما
كانت مدينة ليما بالبيرو عام 1820 على شفا حفرة من اندلاع ثورة.
وكإجراء احترازي، قرر والي المدينة نقل ثروتها العظيمة إلى المكسيك للحفاظ عليها، وشملت الثروات المنقولة أحجاراً كريمة وشمعدانات، وتمثالين ذهبيين بالحجم الطبيعي لمريم العذراء تحمل طفلها المسيح.
وملأت الكنوز إجمالاً 11 سفينة وبلغت قيمتها حوالي 60 مليون دولار.
وأُسندت إلى الكابتن ويليام طومسون، ربان سفينة Mary Deare مهمة نقل الكنوز إلى المكسيك.
غير أنه كان على الوالي أن يسأل جيداً عن سيرة الرجل الذي سلمه هذه الثروة الهائلة؛ ذلك لأن طومسون كان قرصاناً، بل وقرصاناً عديم الرحمة حتى.
وبمجرد أن توغلت السفينة في البحر، قطع رقاب الحراس البيرويين وألقى جثثهم من السفينة.
توجه طومسون إلى جزر كوكوس بالمحيط الهندي قرب أستراليا، حيث يُزعم أنه دفن الكنز هو ورجاله. ثم قرروا بعد ذلك التفرق والاختفاء حتى يهدأ الوضع، ثم يجتمعون بعد ذلك ويقسمون الغنائم.
غير أن السفينة تم احتجازها، ومحاكمة طاقمها بتهمة القرصنة، وأُعدم جميع أفراد الطاقم باستثناء طومسون ومساعده الأول.
ولكي ينجوا بحياتهما، وافقا على إرشاد الإسبان إلى مكان الكنز المسروق. واصطحبوا الإسبان حتى وصلوا إلى جزر كوكوس، ثم تمكنا من الفرار إلى الأدغال. ولم ير أحدٌ طومسون ولا مساعده الأول ولا الكنز بعد ذلك أبداً.
ومنذ ذلك الحين، حاولت أكثر من 300 حملة تحديد موقع كنوز ليما، والنظرية الأحدث هي أن الكنز لم يُدفن في جزر الكوكوس أبداً، وإنما في جزيرة غير معروفة قبالة ساحل أمريكا الوسطى.
كنوز الفراعنة الضائعة
حين عثر هوارد كارتر على مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك بمصر عام 1922، أذهله كم الكنوز التي اصطحبها الملك الشاب معه إلى الحياة الأخرى.
وأُرفق بغرفة الدفن خزينة تحتوي على العديد من المجوهرات والآثار لدرجة أن كارتر استغرق عشر سنوات لينهي فهرستها.
ومع ذلك، عند اكتشاف المزيد من غرف الدفن لفراعنة أعلى شأناً في أواخر القرن التاسع عشر، كانت غرف الكنوز الخاصة بهم شبه فارغة.
ولم يكن خافياً على أحد أن لصوص المقابر نشطوا في نهبها على مر القرون، ولكن نطاق السرقة اللازم لإفراغ مقابر الملوك لا يقدر عليه مجرمون صغار. إذن، أين الثروة الهائلة التي دفنها الفراعنة في وادي الملوك؟
بعض العلماء يعتقد أن الكهنة الذي أتموا عمليات الدفن في وادي الملوك إبان فترة الأسرتين العشرين والحادية والعشرين (425-343 ق.م) قد نهبوا تلك الثروات.
الحاكم حريحور تحديداً كان محل تركيز خاص، ذلك أنه كان مسؤولاً كبيراً في عهد رمسيس الحادي عشر، واستولى على العرش بمجرد وفاته ليقتسم المملكة مع شريكه في المؤامرة، أي صهره بيعنخي.
فنصب حريحور نفسه مسؤولاً على مراسم إعادة الدفن في وادي الملوك، ليعطي لنفسه بذلك فرصة ذهبية للنهب على نطاق واسع.
تابوت العهد
بالنسبة لبني إسرائيل كان تابوت العهد أجلَّ شيء على وجه الأرض، ووفقاً للكتاب المقدس اليهودي "التوراة"، فإن التابوت المحوري والمركزي في حياة الأمة العبرية كان عبارة عن صندوق مزخرف صممَّه الرب.
صُنع التابوت، الذي يبلغ طوله 44 بوصة وعرضه 26 بوصة وارتفاعه 26 مثلها، من خشب السند، وهو مرصع من خارجه وداخله بالذهب الخالص، ومحاط بإطار ذهبي بديع.
وثُبت على الغطاء الذهبي المتين تمثالان ذهبيان، واحد عن كل طرف ورأساهما إلى بعضهما البعض، برأسين منحنيين وأجنحة مبسوطة إلى الأعلى.
أدى التابوت وظيفة السجل المقدس لحفظ البقايا المقدسة، بما في ذلك اللوحان المقدسيان اللذان نُقشت عليهما الوصايا العشر. ونظراً لأن التابوت كنز ديني وتاريخي، فإن قيمته ومحتوياته لا تُقدر بثمن.
وفي عام 607 (ق.م) حاصر البابليون القدس عاصمة مملكة يهوذا ومستقر هيكل سليمان الذي احتضن التابوت، واستولوا عليها.
وبعد سبعين عاماً، حين عاد بنو إسرائيل ليعيدوا بناء المدينة، وجدوا تابوت العهد قد اختفى، وظل مصير هذا الأثر الذي لا يُقدر بثمن محل تخمين كبير منذ ذلك الحين.
وثمة اعتقاد سائد أن العبرانيين أخفوا التابوت لحمايته من البابليين. ومن بين الأماكن التي يحتمل أنهم أخفوه فيه جبل نيبو في مصر، وإثيوبيا، وكهف في وسط مدينة يهوذا. ولكن إذا كان التابوت قد أُخفي، فلماذا لم يستخرجه العبرانيون عند عودتهم إلى القدس وإعادتهم لبناء الهيكل؟
كنز الملك مونتيزوما
وصلت محاولة كسر الإسبان لإمبراطورية الآزتيك في المكسيك إلى ذروتها في 1 يوليو/تموز 1520.
وبعد أن أصاب إرنان كورتيس الإمبراطور مونتيزوما إصابة قاتلة، حوصر هو ورجاله من قبل محاربي الآزتيك في العاصمة تينوتشتيتلان.
وبعد أيام من القتال الشرس، أمر كورتيس رجاله بتعبئة كنوز الإمبراطور مونتيزوما استعداداً للفرار ليلاً؛ غير أنهم لم يتمكنوا من قطع مسافة طويلة إلا وقد انقض عليهم الآزتيك.
وملأت المذبحة التي تلت ذلك بحيرة تيكسكوكو بجثث الإسبان وبالكنوز المسروقة من مونتيزوما.
وقد ألقى الجيش المذعور ما نهبه في محاولة عابثة للفرار والنجاة بحياتهم. وقد تكوّن الكنز المنهوب من عددٍ لا يحصى من الحلي الذهبية والفضية، وعدد كبير من الجواهر.
تمكن كورتس ومعه حفنة من رجاله من الفرار بحياتهم، وعادوا بعد عام للأخذ بثأرهم. وحين علم سكان تينوتشتيتلان باقتراب الغزاة، دفنوا ما تبقى من كنوز المدينة في البحيرة وحولها لمنع وقوعها في يد الإسبان المهووسين بجمع الذهب.
واليوم، لا يزال الكنز الدفين الكبير مخبأ لمدة حوالي خمس قرون تحت الطين والأوحال في محيط مدينة مكسيكو، وهو المكان الذي كانت مدينة تينوتشتيتلان قائمة فيه.
وقد سعت أجيال متتالية من المنقبين عن الكنوز لاستخراجه، ولكن دون جدوى، بل إن أحد رؤساء المكسيك السابقين قام بتجريف قاع البحيرة، ولكن دون العثور على الكنز.