منذ أن انطلقت الاحتجاجات الشعبية العراقية في 8 يوليو/تموز 2018، تعيش البلاد أحداثاً دموية تشهد خلالها توسعاً في عمليات الاغتيال التي طالت عدداً كبيراً من الناشطين الذين لا يغيبون عن ساحات الاحتجاجات.
انطلقت المظاهرات من البصرة جنوباً، وتمددت لتصل إلى بغداد والمدن الأخرى، والهدف منها كان مطالبة حكومة حيدر العبادي بتحسين الواقع المعيشي وإيجاد حلول للخدمات العامّة، خاصةً الكهرباء التي كانت دائمة الانقطاع رغم أن درجة الحرارة في البلاد تتجاوز 50 درجة مئوية في فصل الصيف.
في أواخر العام 2018، هدأ رتم المظاهرات نوعاً ما، بعد تقديم رئيس الحكومة العبادي استقالته وتعيين عادل عبدالمهدي بدلاً عنه، فخفت معها وتيرة الاغتيالات.
لكن في العام 2019 عادت المظاهرات مرّة أخرى إلى الشوارع تحت اسم "ثورة تشرين"؛ احتجاجاً على استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية، وانتشار البطالة وتفشي الفساد، كما عاد معها مسلسل اغتيال الناشطين.
يأتي هذا في الوقت الذي ارتفع فيه سقف مطالب المتظاهرين للمناداة بإسقاط النظام، وهو ما نتج عنه استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي وتعيين مصطفى الكاظمي الذي لا يزال رئيساً للحكومة حتى الآن.
أبرز الناشطين الذين تم اغتيالهم في العراق
بدءاً من اغتيال الطبيبة سعاد العلي، مروراً بأمجد الدهامات وحسين عادل، وصولاً إلى عملية الاغتيال الأخيرة التي طالت الطبيبة ريهام يعقوب، نستعرض الناشطين العراقيين الذين كان لهم دور مهم في الاحتجاجات وتعرضوا للاغتيال بطرق وأساليب مختلفة.
محامي الدفاع جبار عبد الكريم
عقب انطلاق الاحتجاجات العراقية، تطوَّع المحامي جبار عبد الكريم للدفاع عن المعتقلين.
فقام مسلحون مجهولون باغتياله عبر إفراغ نحو 15 طلقة نارية في جسده أمام مركز شرطة الهادي، الواقع وسط مدينة البصرة جنوبي العراق، وذلك في 23 يوليو/تموز 2018، أي بعد انطلاق الاحتجاجات بنحو أسبوعين.
الناشطة الطبيبة سعاد العلي
بينما كانت الطبيبة سعاد العلي تهمّ لركوب سيارتها بعد خروجها من أحد المطاعم في منطقة العباسية وسط البصرة، أطلق مسلحون مجهولون النار تجاهها في 25 سبتمبر/أيلول 2018، ما أدّى لوفاتها على الفور وإصابة أحد المدنيين الذي تَصَادف مروره في المنطقة.
وذكر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي أنّ د. سعاد العلي كانت تترأس منظمة "الود" العراقية لحقوق الإنسان.
كما كانت من أوائل المنضمين للاحتجاجات الشعبية، متّهِمين جهات سياسيّة بالوقوف وراء مقتلها، في حين أدعت الرواية الحكومية أنّ طليقها من كان يقف وراء اغتيالها.
الشيخ وسام الغراوي
في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2018، اغتال مسلحون مجهولون رجل الدين الشيعي وسام الغراوي بعد إطلاقهم النار عليه بأسلحة رشاشة أمام منزله بمنطقة الموفقية وسط البصرة، إذ كان يُعد الغراوي أحد أبرز منسقي المظاهرات في مدينته.
الناشط المدني فاهم الطائي
لم يتوقف مسلسل الاغتيالات، فقد أقدم مسلحون مجهولون كانوا يستقلون دراجة ناريّة على اغتيال الناشط المدني فاهم الطائي، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2019، أمام فندق "الأنصار" في منطقة البارودي وسط كربلاء، عندما كان عائداً من ساحة الاحتجاجات الرئيسية في المدينة.
والسبب أنَّ الطائي كان من طليعة منسقي الاحتاجات في كربلاء والنجف، وكان يتواجد على مدار الساعة من الناشطين في الساحات.
رسام الكاريكاتير حسين عادل وزوجته
كانت قصة اغتيال الناشطَيْن رسام الكاريكاتير حسين عادل وزوجته سارة طالب، التي كانت حاملاً، واحدةً من أبشع قصص الاغتيال، إذ اقتحم مجهولون منزلهما في البصرة، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وأطلقوا 10 رصاصات عليهما كانت كفيلة بإردائهما مع الجنين.
وقال ناشطون إن حسين عادل وزوجته كانا من منسقي المظاهرات في المدينة، كما كانا في نفس يوم اغتيالهما يقدمان الإسعافات الأولية للمصابين في المظاهرات.
الناشط أمجد الدهامات
بسلاح مزوّد بكاتم صوت، اغتال مجهولون في ساعة متأخرة من ليل 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، الناشط أمجد الدهامات قرب منزله في ميسان، وذلك بعد عودته من ساحة الاعتصام في المدينة.
وكان الدهامات يعد واحداً من أبرز منسقي المظاهرات الداعية لإسقاط الحكومة، وأحد الذين يدعون لإقامة حوار وطني شامل تشارك فيه القوى الفاعلة من أحزاب سياسيّة واجتماعيّة ومنظمات مدنيّة.
الناشط والأديب علي اللامي
أفاد ناشطون كانوا يتواجدون في ساحة التحرير بالعاصمة العراقيّة بغداد، أنّ الناشط علي اللامي تعرَّض للاغتيال على يد عناصر مسلحة أطلقوا الرصاص على رأسه مباشرة، في 10 ديسمبر/كانون الأول 2019.
ولكن عند خروجه من الساحة قامت العناصر بأخذ جثمانه معها، ليتم العثور عليه في وقت لاحق في منطقة الشعب.
وكان الأديب اللامي أحد المشاركين الدائمين في المظاهرات والاعتصامات التي تقام في بغداد.
الناشط السياسي هشام الهاشمي
في السادس من يوليو/تموز 2020، أطلق 3 مسلحين كانوا يستقلون دراجة نارية عدّة رصاصات من مسافة قصيرة على الناشط والباحث السياسي هشام الهاشمي، عندما كان يستقلّ سيارته أمام منزله في منطقة الزيتونة ببغداد، وفارق الحياة بعد نقله إلى المستشفى بساعات.
وكان الهاشمي أحد الأشخاص الداعمين للاحتاجات العراقية، كما كان دائم الظهور على القنوات التلفزيونية المحلية والعربية.
الناشط تحسين أسامة الخفاجي
أطلق مسلحون مجهولون، في 14 أغسطس/آب 2020، النار على الناشط أسامة الخفاجي، وذلك عندما اقتحموا مركزاً لتقديم خدمة الإنترنت يعود له في شارع البهو وسط بغداد، ما أدى لمقتله على الفور، إضافة إصابة شخص مدني صادف وجوده في المركز لحظة الاقتحام.
ويعرف عن الخفاجي، وهو أبٌ لأربعة أطفال، أنه دائم المشاركة في المظاهرات والاعتصامات.
الناشطة الطبيبة ريهام يعقوب
آخر هؤلاء الناشطين الذين تم اغتيالهم هي الناشطة العراقية الطبيبة ريهام يعقوب، عندما قام مسلحون في 19 أغسطس/آب 2020، باعتراض سيارة كانت تُقلّ ريهام و3 من صديقاتها وسط مدينة البصرة.
وقام المسلحون بإطلاق الرصاص تجاههنَّ مباشرة، ما أدى لوفاة ريهام وإحدى صديقاتها، فيما أصيبت رفيقتاها الأخريان بجروح.
وتعد ريهام واحدةً من أبرز الناشطات اللاتي شاركن في الاحتجاجات منذ 2018، وقادت العديد من المظاهرات النسائيّة في المدينة.
مَن هي الجهة التي تقف وراء الاغتيالات؟
رغم استمرار عمليات الاغتيال لأكثر من عامين، فإن الجهة التي تقف وراءها لا تزال مجهولة حتى الآن.
كما أنّ جميع التحقيقات لم تُثمر عن شيء، ودائماً ما تُقيد ضد مجهول، خاصة أن الحكومة لا توثّق عمليات الخطف والاغتيال بصورة دقيقة، وبالتالي ليس لديها إحصائية رسمية حول أعدادهم.
غير أنَّ الناشطين دائماً ما يُوجّهون أصابع الاتهام إلى الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، فقاموا بتدشين هاشتاغ على تويتر تحت وسم "إيران تغتال نشطاء العراق"، للتعبير عن غضبهم من استمرار هذه الظاهرة.