قصة نعرفها جميعاً.. في ليلة قاسية في العام 1912، اصطدمت سفينة تيتانيك بجبلٍ جليديّ، وانقسمت إلى نصفين، ثم غرقت في أعماق مياه شمال المحيط الأطلسي القارسة، آخذةً معها حوالي 1500 شخص كانوا على متنها وفق موقع All That's Interesting الأمريكي.
لكن ماذا لو لم يكن الجبل الجليديّ وحدَه هو السبب؟ تعيد نظرية جديدة حول نشوب حريق على سفينة تيتانيك إلقاءَ جزءٍ من اللَّوم في هذه المأساة على عامل آخر غير الجبل الجليدي.
الرحلة المشؤومة الأولى لتيتانيك في عام 1912
في 10 أبريل/نيسان عام 1912، أبحرت السفينة آر إم إس تيتانيك من ميناء ساوثهامبتون بإنجلترا، وعبرت المحيط الأطلسي متَّجهةً إلى مدينة نيويورك.
استقرّ قصة نعرفها جميعاً في كبائنهم الفاخرة، بينما امتلأت الطوابق السفلى بالعامّة، في انقسام طبقيّ خلّده الفيلم الملحميّ الذي أخرجه جيمس كاميرون. كان الجميع مبتهجين لكونهم على متن السفينة المثيرة للإعجاب عندما غادرت الميناء في رحلتها الأولى.
كانت أكبر سفينة في وقتها، وشُيِّدت بصورة مثيرة للإعجاب، جعلتها موضعَ إشادة بوصفها غير قابلة للغرق.
بعد أربعة أيام، في تمام الساعة 11:40 قبل منتصف الليل، اصطدمت السفينة "غير القابلة للغرق" بجبلٍ جليديٍّ جنوب جزيرة نيوفاوندلاند الكنديّة. بعد مرور أقل من 3 ساعات كانت السفينة في طريقها إلى قاع المحيط. لم ينجُ إلا حوالي 700 شخص من ركاب السفينة، المُقدّر عددهم بحوالي 2224 راكباً، من بينهم أفراد الطاقم.
نظرية حريق تيتانيك
رغم مرور أكثر من مئة عام على ذلك اليوم المشؤوم، فإنه ما زال الكثير منا مذهولاً من هول هذه الفاجعة.
أقرّ معظم المؤرخين وخبراء الشؤون البحرية بأن الجبل الجليديّ كان مسؤولاً عن غرق تيتانيك. وبرغم استمرار ظهور التفسيرات البديلة المقنعة، فإن الغموض يشتدّ مع مرور السنوات.
طرح الصحفي الأيرلندي سينان مولوني أحدث نظرية في سلسلة طويلة من النظريات التي تُعيد النظر فيما حدث. في الفيلم الوثائقي Titanic: The New Evidence الصادر في عام 2017، يقول مولوني إن اندلاع حريقٍ كان من الأسباب التي أدّت إلى المصير المروِّع للسفينة.
يقول مولوني إن هناك صوراً عَثر عليها أحد أحفاد مدير الشركة التي شيّدت السفينة المشؤومة، وباعها لاحقاً لمولوني، يقول إنها مهمة جداً، وتعتبر كنزاً يقلب المعادلة.
في إحدى الصور الرئيسية المعروضة في هذا الفيديو يمكنك أن ترى خطاً أسود بطول 30 قدماً على هيكل السفينة في أثناء مغادرتها ميناء بلفاست، في 2 أبريل/نيسان 1912، (قبل أسبوع فقط من إبحارها من ميناء ساوثامبتون في رحلتها الأولى المشؤومة).
وفقاً لتحليلٍ أجراه مهندسون في كلية لندن الإمبراطورية، ربما تسببت النيران التي كانت مشتعلةً في مستودع الفحم بالسفينة في هذه الكارثة، وذلك بإضعاف السفينة حتى قبل أن تبدأ رحلتها.
يوضح مولوني أن وجود الحريق وُثِّق قبل وقت طويل، لكنهم قلَّلوا من شأنه. ويرى الصحفي أن السفينة قد أبحرت بالرغم من الحريق، وأن من كانوا يعلمون بأمره أبقوا الأمر سراً لتجنّب حدوث فضيحة علنية.
يعتقد مولوني أن طاقم السفينة حاول إخلاء مستودع الفحم المحترق بنقله إلى أفران السفينة، وهو ما يجعل السفينة نفسها تنطلق بشكل أسرع. وعندما اصطدمت السفينة بالجبل المشؤوم حدث ذلك في مكان قريب للغاية من الجزء الذي كان ضعيفاً بالفعل، ما تسبب في غرق السفينة بشكل أسرع.
بالتالي، تقول النظرية إن كلاً من سرعة السفينة وهيكلها المتضرر تسبّبا في زيادة تأثير الجبل الجليدي عليها أثناء الاصطدام، ومن ثمّ أسهم ذلك في غرقها.
تأييد لنظرية حريق تيتانيك
بخلاف الصور نفسها هناك العديد من الروايات الحالية لشهود العيان التي تدعم هذه النظرية. يشير مولوني كذلك إلى تحقيق رسمي أجراه مسؤولون بريطانيون في عام 1912، يفيد بنشوب الحريق، لكنهم قللوا من أهميته بشكل كبير.
ووفقاً لمقال نشرته صحيفة New-York Tribune، بعد أيام قليلة من وصول الناجين إلى اليابسة، كان الحريق لا يزال مشتعلاً عندما أبحرت السفينة من ساوثامبتون.
في الوقت الحالي، يدعم بعض الخبراء هذه النظرية، مثل مهندس بحري يُدعى ريتشارد دي كيربيتش، وهو يتّفق مع أن الحريق كان من شأنه أن يدمّر حاجز السفينة بالتأكيد، وجعلها أضعف إزاء اختراق جبل الجليد هيكلها.
وقال الخبير: "هذا الاكتشاف بمثابة إلهام، وقد يُغيّر ما نعرفه عن تاريخ ما حدث".
نقدٌ وإجماع
لكن لا يبدو أن الجميع مقتنعون بذلك؛ إذ يُقلل بعض المتشككين من شأن هذا التفسير باعتباره واحداً من العديد من نظريات المؤامرة، التي تتراوح بين النظرية المثيرة للسخرية التي تقول إن (مومياء مصرية لعنت السفينة)، إلى (تخطيط المصرفي المليونير الشرير جي. بي. مورغان لهلاك السفينة لإطاحة أعدائه الذين كانوا على متنها).
ويبقى هو الحال بالنسبة للعديد من الألغاز التاريخية، قد تكون الحقيقة الكاملة فُقدت في الماضي. غير أن التخمينات والتحقيقات المستمرة هي دليل على الأهمية الكبيرة لهذه المأساة التي حدثت في القرن العشرين، والتي ما زالت تثير دهشة العامّة والدارسين على حدّ سواء حتى يومنا هذا.