إل بالبانيرا.. تيتانيك إسبانية اجتاحها وباء قاتل، وحاول ركابها قتل قبطانها وأغرقها الإعصار

جميعنا نعرف سفينة تيتانك الشهيرة، التي صُنع من قصتها واحد من أجمل الأفلام الرومانسية، وإذا كنا نظنّ أنها السفينة الوحيدة التي شهدت مأساة مروعة فنحن مخطئين، إذ إنّ هناك كارثة لا تقل شأناً عنها وهي كارثة سفينة إل بالبانيرا الإسبانية.

عربي بوست
تم النشر: 2020/01/01 الساعة 10:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/01 الساعة 10:23 بتوقيت غرينتش
سفينة إل بالبانيرا الإسبانية

جميعنا نعرف سفينة تيتانك الشهيرة، التي صُنع من قصتها واحد من أجمل الأفلام الرومانسية، وإذا كنا نظنّ أنها السفينة الوحيدة التي شهدت مأساة مروعة فنحن مخطئين، إذ إنّ هناك كارثة لا تقل شأناً عنها وهي كارثة سفينة إل بالبانيرا الإسبانية.

سفينة إل بالبانيرا الإسبانية

رغم أنها لم تنل الشهرة التي نالتها تيتانيك إلا أنه من المجحد حقاً ألا يعرف الناس قصتها خاصة أنها شهدت أحداثاً مروعة بدءاً من إصابة ركابها بوباء الإنفلونزا الإسبانية القاتل إلى تعرضها لإعصار نسفها عن بكرة أبيها.

  سفينة إل بالبانيرا الإسبانية
سفينة إل بالبانيرا الإسبانية

وباء الإنفلونزا الإسبانيّة

انتشر في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم بين عامي 1918 و1920 فيروس الإنفلونزا مخلفاً وراءه ملايين الضحايا، وأكثر من إجمالي من قتلوا من جراء الحربين العالميتين سوياً، إذ تشير التقديرات إلى وفاة واحد من بين كل خمسة مصابين نتيجة الإصابة، وفق موقع ABC الإسباني.

وعلى الرغم من أن هذا الوباء قد عُرف في التاريخ باسم الإنفلونزا الإسبانية، لكن الحقيقة هي أنه بدأ في فورت رايلي بولاية كانساس الأمريكية بين شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان عام 1918.

ارتبط اسم هذا الوباء بإسبانيا بسبب الاهتمام الخاص الذي كرسته الصحافة الإسبانية للوباء، والذي فاق الاهتمام الذي حازه الوباء من البلدان المشاركة في الحرب العالمية الأولى، التي فرضت رقابة على انتشار المعلومات حتى لا تُضعف معنويات جنودها.

تشير التقديرات إلى إصابة حوالي 8 ملايين إسباني، ووفاة 300 ألف حالة. وقعت واحدة من أكثر الحوادث المرتبطة بهذا الوباء إثارة وأقلها شهرة في البحر، أثناء عودة إحدى رحلات الباخرة بالبانيرا، وهي مأساة مرّ عليها الآن قرن بأكمله.

رحلة إل بالبانيرا من برشلونة إلى هافانا

كانت إل بالبانيرا سفينة بخارية، تزن حوالي 12500 طن وطولها أكثر من 120 متراً. لم تكن عابرة محيطات، ولم تكن باخرة مُعدَّة للإبحار لمسافات طويلة كتلك التي يركبها المشاهير وأصحاب الملايين؛ بل كانت أقل من ذلك بكثير؛ مجرد باخرة تجمع بين البضائع والركاب.

كانت تلك الباخرة واحدة من وسائل النقل الرئيسية التي يستخدمها المهاجرون للسفر بين إسبانيا وجزر الأنتيل في البحر الكاريبي.

كانت هذه السفينة تغادر من برشلونة واتخذت مساراً منتظماً يربطها بميناءي سانتياغو دي كوبا وهافانا، ما كان يجعلها تتوقف مؤقتاً في ملقة وقادس وموانئ جزر الكناري وفي بورتوريكو.

كان بإمكان الركاب الاختيار بين تذاكر الدرجة الأولى -الفاخرة والمُفضَّلة- والثانية والثالثة أو تذاكر المهاجرين، وهؤلاء لم تكن لهم مقصورات أثناء السفر. حتى نتمكن من فهم الفرق، يكفي ذكر حقيقة واحدة؛ كانت ثمن مقصورة الدرجة الأولى 1250 بيزيتا (عملة إسبانيا السابقة)، بينما كان المهاجرون يدفعون 75 بيزيتا فقط.

كانت ظروف النظافة الصحية بالنسبة للمهاجرين مريعة، وكانت الحياة على سطح السفينة شنيعة إذ كانوا مُعرَّضين لسوء الأحوال الجوية للطقس. أما المراحيض فلا حاجة لوصفها.

وباء على ظهر السفينة

في يوليو/تمّوز 1919 -خلال ذروة انتشار وباء الأنفلونزا- صعد 1600 مسافر من ميناء هافانا، على الرغم من أن إل بالبانيرا كانت مخصصة لـ 1200 مسافر فقط.

اضطر العديد منهم إلى البقاء على سطح السفينة لمدة أسبوعين، ما جعلهم يعانون من قسوة الطقس ونقص الغذاء.

أدت هذه العوامل، إلى جانب الاكتظاظ وانعدام النظافة، إلى انتشار وباء الإنفلونزا المروِّع على متن السفينة، وأصيب كثيرون لكن مات منهم ثلاثون راكباً فقط. ولتجنب ما هو أسوأ، اختار القبطان والطبيب رمي الجثث في البحر.

تصاعد الغضب بين الركاب إلى درجة أنهم حاولوا قتل القبطان. وأخيراً، تمكنت السفينة من الوصول إلى لاس بالماس حيث طُرد القبطان وحوكم مع الطبيب. وتولى رامون مارتن كورديرو ،(34 عاماً)، مهمة قيادة السفينة إلى وجهتها.

غرق بالقرب من كوبا

في العاشر من أغسطس/آب 1919، غادرت إل بالبانيرا ميناء برشلونة مرة أخرى إلى جزر الأنتيل، وبعد التوقف في جزر الكناري، كان على متنها 1142 مسافراً و88 من أفراد الطاقم.

وفي الخامس من سبتمبر/أيلول، وصلت إلى مدينة سانتياغو دي كوبا، بعد رحلة طويلة خيّم عليها الهدوء.

على الرغم من أن معظم الركاب كانوا يحملون تذكرة سفر إلى هافانا، قرر 742 راكباً النزول في سانتياغو دون سبب واضح.

في ذلك الوقت كان هناك إعصار وشيك، لكن القبطان الشاب كان يأمل في الوصول في الوقت المناسب إلى العاصمة الكوبية لتجنب هذا الإعصار.

للأسف، لم تكن حساباته دقيقة، ففي العاشر من سبتمبر/أيلول، حلَّت الكارثة؛ إعصار مداري وصلت رياحه إلى 240 كم/ساعة، حال دون وصول السفينة بسلام كما كان يأمل، ما تسبب في غرقها ومقتل 488 شخصاً. ومن المثير للاهتمام، أنه كان الإعصار الوحيد الذي وقع في عام 1919، فهل تستحق هذه القصّة أنّ يصنع فيلماً لأجلها؟

تحميل المزيد