تعتبر حرب فيتنام من الأحداث الهامة التي جرت إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، والتي انتهت بتفكك الاتحاد السوفييتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
اتسمت الحرب بتعدّد أطراف الصراع الذي نَشَبَ بين شمال وجنوب فيتنام، وانتهت بالوحدة بينهما في عام 1975 بعد صراع استمر لما يقرب من 19 عاماً.
أصل الصراع
كانت فيتنام محتلة من قبل القوات اليابانية وكان يطلق عليها "الهند الصينية"، أثناء الحرب العالمية الثانية، ومع اقتراب نهاية الحرب بادر الحزب الشيوعي الفيتنامي بالاستيلاء على العاصمة هانوي، وإجبار الإمبراطور الفيتنامي على التخلي عن الحكم.
وكانت فيتنام في ذلك الحين تابعة لفرنسا، الأمر الذي أغراها لإعادة مستعمراتها من قبل قوات اليابان فحاولت السيطرة على فيتنام في عام 1945، انتهى الصراع بمعاهدة سلام اقتضت بتقسيم مُؤقت لفيتنام على أن يتم الاستفتاء على الوحدة بين الشمال والجنوب بعد عامين من توقيع الاتفاق.
التزمت حكومة فيتنام الشمالية باتفاقية السلام، بينما قرّرت الولايات المتحدة التي كانت تخشى امتداد النفوذ الشيوعي في العالم مساعدة حكومة فيتنام الجنوبية، وبدأت بإمداد الجنوب بالمعونات المالية والعسكرية.
حاولت وكالة الاستخبارات المركزية التخلص من أي تأثير خارجي على الحركة المناهضة للتدخل الأمريكي في فيتنام، وحينها أطلقت عملية سمتها "عملية الفوضى".
كانت العملية تستهدف بالأساس مجموعة من الأمريكيين المناهضين للحرب، الذين كانوا ثوريين أكثر مما كانت تحتمل أمريكا، الأمر الذي رفضه الرئيس الأمريكي ليندون جونسون حينها، فأمر بإطلاق عملية استخباراتية لـ "خلية سرية" تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية تستهدف الأمريكان الهاربين من الولايات المتحدة الأمريكية لرفضهم موقف بلادهم ضد فيتنام.
هربوا إلى السويد
في تلك الأثناء لجأ أكثر من 1000 شخص من المعارضين إلى السويد، وكانوا على أمل المكوث فيها حتى تنتهي الحرب.
كان ليندون جونسون يعتقد أن روسيا لها دور كبير في تحريك المعارضين هؤلاء، ورغم أنه لم يظهر دليل واحد على ذلك إلا أنه استمر في عمليته ضدهم.
تحرك رجال تابعون للمخابرات الأمريكية إلى هناك، اندسوا وسط المعارضين، وبدأوا يقنعونهم برفض الحرب على فيتنام ليخترقوا حياتهم، وهناك بدأت عملية ممنهجة في تشكيكهم في كل شيء وأي شيء.
كان هدف المخابرات واضحاً، جمع معلومات، وتخريب المجموعات من الداخل بعد اختراقها، وحينها بدأوا باختراق المجموعات التي أنشئت لممارسة نشاط معارض مثل حركة طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي والفهود السوداء، وتوسع البرنامج ليشمل جماعات تحرير المرأة وجماعات يهودية أخرى.
ظل الانقسام السياسي الصارخ هو سيد الموقف، فكل القرارات غير مكتملة، وكل التحركات يتم إبطالها، وكان ذلك بالطبع بواسطة عملاء المخابرات الأمريكية.
كانت الاحتجاجات ضد تورط الولايات المتحدة في فيتنام كبيرة، لكنها قوبلت بالإحباط والتفتيت من الداخل والتشويه على أن المعارضين ما هم إلا أداة لروسيا تتحرك بها ضد أمريكا.
ساعد المندسون أيضاً في إثارة المخاوف بين المجتمع الأمريكي بالسويد، لدرجة أن البعض اعتقد أنه تعرض لعمليات غسيل مخ ممنهجة، من فرط الضغط النفسي والعصبي الذي كانت تمارسه هذه العناصر على المعارضين، لدرجة أن البعض لا يزال يعاني من تبعات هذه الفترة رغم مرور أكثر من 50 عاماً عليها.
أشارت بعض التقارير إلى أن أجهزة الاستخبارات السويدية تعاونت مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأرسلت معلومات تم جمعها من قبل عناصرها السرية عن المجموعة الخارجة أيضاً.
بين التطرف والنضال السلمي
كان هناك بعض المتطرفين السياسيين الذين روّجوا لفكرة القتال المسلح ضد الولايات المتحدة، في الوقت الذي أراد فيه آخرون بناء حياة جديدة في السويد والعيش بسلام.
مع الوقت أصبح المتطرفون هم الأبرز والأكثر ظهوراً على الساحة، كان أبرزهم المعارض مايكل فيل، الذي كان يروّج لفكرة العنف، لكنه تبين مع الوقت أنه كان عميل أيضاً لوكالة الاستخبارات الأمريكية، وأنه كان مجرد أداة لتشويه المعارضة ونعتها بالعنف والتطرف.
المحصلة أن حالة الذعر والرعب التي تسببت فيها عملية الفوضى أصبحت أشبه بأسلوب حياة يعيشه الأمريكيون في السويد، حتى أنهم لم يعودوا متأكدين من التمييز بين الصديق من العدو، ومثلوا المعنى الحرفي لأن يكون الإنسان مطارداً يعيش في الظل.
وعلى الرغم من أن عملية الفوضى نفسها أغلقت بعد فضيحة ووتر جيت 2005، التي تورّط فيها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بالتجسس على مكالمات اللجنة القومية للحزب الديمقراطي، إلا أن تداعياتها لا تزال حاضرة.