الأهرام ليست الأعجوبة الوحيدة التي تميزت بها الحضارة المصرية القديمة، إذ إن التحنيط أيضاً كان شاهداً آخر على أن الفراعنة قد سبقوا عصرهم بمراحل، وخلفوا آثاراً لا يزال بعضها لغزاً إلى يومنا هذا.
كان المصريون القدماء يؤمنون بأن الشخص عندما يموت فإنه ينتقل في رحلة إلى العالم الآخر، وكانوا يعتقدون أنه من أجل أن يحيوا في العالم الآخر كان يجب الحفاظ على أجسادهم بعد الموت.
ووفقاً لموقع History On The Net الأمريكي، كان هذا الاعتقاد هو الدافع الأبرز الذي جعل المصريين يحنطون موتاهم، إذ يُطلق على الجسم المحفوظ (المحنَّط) اسم مومياء.
ما هو التحنيط؟
على الرغم من أن معرفة الأساليب الدقيقة لعملية التحنيط كانت مقتصرة فقط على أفراد الطبقات العليا من المجتمع المصري القديم، كان التحنيط يمثل حجر الزاوية في الديانة المصرية القديمة.
بعد الموت يبدأ الجسم في التحلل، ولمنع هذا التحلل يجب منع وصول الرطوبة والأكسجين إلى أنسجة الجسم.
وكان المصريون القدماء يدفنون موتاهم في حُفَرٍ ضحلة بالصحراء.
إذ كانت الرمال الساخنة الجافة تزيل الرطوبة من الجثة بسرعة وتُحوِّلها إلى مومياء طبيعية.
ومع ذلك، اكتشف المصريون أنه إذا وُضِعت الجثة أول مرة بتابوت، فإنه لا يمكن الحفاظ عليها في هذه الحالة.
وللتأكد من الحفاظ على الجثة، بدأ المصريون القدماء استخدام عملية تُدعى التحنيط، للحصول على مومياواتهم.
وانطوت هذه العملية على تحنيط الجثة ولفّها في شرائط رقيقة من الكتان.
سر التحنيط بات معروفاً اليوم.. كيف حنَّط المصريون القدماء موتاهم؟
كانت عملية التحنيط عند الفراعنة تستغرق نحو 70 يوماً، وشملت الخطوات التالية:
1- في البداية تُغسَّل الجثة.
2- ثمّ يُفتح شق في الجانب الأيسر من البطن وتُزال الأعضاء الداخلية مثل الأمعاء والكبد والرئتين والمعدة.
أما القلب -الذي كان المصريون القدماء يعتقدون أنه مركز العاطفة والذكاء- فيُترك في الجثة، لاستخدامه بالحياة الآخرة.
3- بعد ذلك تُستخدم أداة معقوفة (مثل المنجل) لإزالة المخ من خلال الأنف.
إذ لم يكن المخ مهماً في نظر المصريين القدماء وكان يتمّ التخلص منه.
4- ثم تتم تعبئة الجسم والأعضاء الداخلية بملح النطرون مدة أربعين يوماً، لإزالة الرطوبة تماماً.
5- بعد ذلك يتم تغليف الأعضاء المجففة في الكتان ووضعها في جرار (أوانٍ) كانوبية.
حيث يمثل غطاء كل جرار أحد أبناء الإله حورس الأربعة:
إمستي، لديه رأس إنسان وهو المسؤول عن حماية الكبد.
حابي، لديه رأس قرد بابون وهو المسؤول عن حماية الرئتين.
كبحسنوف، رأس صقر وهو المسؤول عن حماية الأمعاء.
دوموتيف، لديه رأس ابن آوى وهو المسؤول عن حماية المعدة.
6- بعد ذلك يتم تنظيف الجثة وفرك الجلد المجفف بالزيت.
7- ثم تتم تعبئة الجثة بنشارة الخشب وقطع القماش، بحيث تُغلق الشقوق المفتوحة بالشمع.
8- عند الانتهاء من كل ذلك يجري لف الجثة بضمادات من الكتان باستخدام نحو 20 طبقة منها، وكان هذا يستغرق من 15 إلى 20 يوماً.
9- ثم يوضع قناع الموت على الضمادات.
10- بعد ذلك توضع الجثة المغطاة بالضمادات في كفن (قطعة كبيرة من القماش) محميٍّ بشرائط الكتان.
11- وتوضع الجثة في صندوق مومياء مزخرف أو تابوت.
بهذه الخطوات كان يجري التحنيط في مصر القديمة، ومن الجدير بالذكر أن العلماء ما زالوا يعثرون على مومياوات جديدة في مواقع التنقيب المنتشرة بجميع أنحاء المدن المصرية القديمة.