إذا مُنحت عشرَ ثوانٍ لتسمية ملكة في مصر القديمة فمَن ستكون؟ ربما كليوباترا، التي اشتهرت بتحالفاتها مع الزعيمين الرومانين يوليوس قيصر ومارك أنتوني.
ولكن مَن جاء قبلها؟ نفرتاري وإيزيس وأحمس وحتشبسوت، لسن سوى بضع ملكات مصريات لا يعرف الكثيرون عن إرثهن. قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، إن معرضاً جديداً أُقيم في المتحف الوطني الجغرافي في واشنطن، يهدف إلى تغيير ذلك.
وقالت روكسي مازيلان، للصحيفة الأمريكية، وهي فتاة كشافة تبلغ من العمر 9 سنوات، التي تزور معرض "ملكات مصر": "لم أكن أعرف إلا كليوباترا، ولم أكن أعرف أن هناك الكثير من الملكات الأخريات".
زيارة افتراضية لمقابر ملكات مصر القديمة
وارتدت روكسى وزملاؤها من الإسكندرية نظارات ثلاثية الأبعاد لاستكشاف قبة الواقع الافتراضي في المعرض. وسافروا عبر الزمن إلى مصر القديمة ، وتجولوا في أرجاء قبر الملكة نفرتاري الافتراضي، كبيرة الزوجات الملكيات لرمسيس الثاني (الزوجة الرئيسية).
وتعتقد أديسون هود، البالغة من العمر 9 سنوات، أنه من الرائع رؤية القطع الأثرية افتراضياً، وأن تتجول بينها بجسدها في أرجاء المعرض. ومن بين القطع الأثرية الشهيرة حذاء نفرتاري، الذي عَثر عليه في قبرها عالمُ آثار إيطالي عام 1904. وكانت المجوهرات، وعلب الماكياج والمرايا التي كانت تعود يوماً لحاكمات مصر معروضة أيضاً.
وهناك في المعرض التفاعلي لعهد مصر القديمة عدة تحف، ومنها العلب التي تحوي العطور مثل الحناء واللوتس، ويمكنك فتحها وشمّها. عثر علماء الآثار على مثل هذه العلب في المقابر، وأمكنهم استخراج العطور التي كانت تضعها نساء مصر يوماً من الرواسب. يمكنك أيضاً أن تلعب لعبة السينيت، وهي لعبة لوحية تشبه لعبة السلم والثعبان، وكان الفراعنة يلعبونها حوالي عام 1550 قبل الميلاد.
أكبر ملكات مصر "الفرعونية" نفوذاً وبراعة
كانت الملكة حتشبسوت أكبر ملكات مصر نفوذاً، وتُعرف بأنها كانت دبلوماسية بارعة أثناء فترة حكمها التي استمرت 22 عاماً. ولتنال الاحترام في عهد مصر القديمة كانت ترتدي ملابسَ رجالية، ولحية زائفة، وصنعت تماثيل لنفسها، تعتلي رؤوسها غطاء رأس الفرعون. وعندما تولى ابن زوجها العرش كان حريصاً على أن يعرف الناس أن زعيماً جديداً تولَّى زمام الأمور.
تقول ليكسي دي لوس سانتوس، التي تساعد في الترويج لمعارض المتحف الفني الوطني: "من بين كل الحضارات القديمة كانت الحضارة المصرية هي الوحيدة التي تقدر المرأة تقديراً كبيراً".
إذ كان يحق للمرأة في مصر القديمة امتلاك الأراضي، واختيار الزوج، والحصول على الطلاق، وحتى الحُكم. وقالت ليكسي: "لكن بعد انتهاء مدة حكمهن، كان الزعماء الذكور يمحون كل ذكرى تتعلق بهؤلاء النساء، لأنهم لا يريدون لهن أن يحظين بكل هذا النجاح".
وأضافت كارا كوني، وهي عالمة مصريات ألَّفت كتاباً عن الملكات لصالح المتحف الوطني، إن هؤلاء النساء غالباً ما كُنّ يؤدين دور الوصيات. إذ كان الرجال يقلّدن النساء مناصب كبيرة للحفاظ على سلامة الزعماء الذكور الصغار، ولمنحهم الوقت الكافي للنضج. وعندما يصبح الرجل مستعداً لتولي منصب الفرعون تتنحى المرأة التي تتولى مسؤولية الحكم.
ولاحظت أديسون أنه حتى بعد آلاف السنين لا تحظى النساء الحاكمات بشعبية كبيرة. وقالت: "أعتقد أن رؤية النساء في مكان الرجال كان أمراً رائعاً، لا يمكننا أن نرى ذلك كثيراً الآن".