مع اقتراب موعد ولادة طفلهما الأوّل، غادر دوق ودوقة ساسيكس قصر كينسينغتون إلى منزلهما الجديد.
ويُعتبر منزل فروغمور الريفي الواقع في زاوية هادئة من أراضي منزل فروغمور الأكبر في وندسور حافلاً بالتاريخ، وميغان وهاري ليسا أول من يسكنه من النبلاء.
ملاذ ملكي
إذا كان هاري وميغان يبحثان عن منزلٍ يكون بعيداً عن أعين الجميع، فإن منزل فروغمور الريفي هو المكان المثالي.
من بداياته الأولى، كان الغرض من هذا المنزل أن يكون ملاذاً مُنعزلاً عن ضغوط الحياة الملكية، ولا سيّما بالروايات التي تشير إلى قلّة عدد من سكنوه.
قامت الملكة تشارلوت، زوجة الملك جورج الثالث، ببنائه في عام 1792 كمكانٍ لها ولبناتها للهرب من البلاط الملكي.
وفي هذا الوقت، كان من المألوف بالنسبة للأثرياء أن يبنوا منازل كبيرة على هيئة منازل ريفية هادئة.
ولكن، بحسب المؤلّفة والمؤرّخة هيلين رابابورت، أرادت الملكة مكاناً لبناتها "للفرار إليه والهرب من جنون جورج".
وقالت هيلين "لقد كان المكان بمثابة ملاذٍ كبيرٍ في ويندسور، يمكنها الفرار إليه والاحتماء".
وتضيف المؤرّخة أن "الملك كان يُعاني من نوبات من الجنون، وربما كان من الصعب العيش بصحبته، وعلى الأرجح فقد استخدمت منزل فروغمور الريفي كملاذ".
المُعلِّم "المكروه"
وصل عبد الكريم، وهو مُسلمٌ هندي، إلى إنجلترا في عام 1887 للخدمة على طاولة الملكة فيكتوريا خلال احتفالاتها باليوبيل الذهبي.
وترك الشاب البالغ من العمر 24 عاماً حينها تأثيراً هائلاً على الملكة المُسنّة، مما جعله شخصية بارزة في البلاط الملكي في غضون عام.
وقد وظفته الملكة مُدرّساً لها -أو "المونشي"، كما لُقِبَ- الذي يُرشدها في الشؤون الأردية والهندية. وأغدقت عليه بالتكريمات والألقاب والهدايا، وكانت إقامته في منزل فروغمور واحدة من تلك الهدايا.
ووفقاً للكاتبة والمؤرّخة شرباني باسو؛ كانت الملكة تزوره في هذا المنزل "كل يومين" و"لم تفوّت درساً أبداً" على يد عبدالكريم.
وتقول شرباني، التي اكتشفت مذكّرات تسرد تفاصيل علاقتهما، إن فيكتوريا قد طوّرت علاقة وثيقة أمومية بعبدالكريم، وكانت توقّع الخطابات المُرسلة إليه بعبارة "أمُك المُحبّة" و"صديقتك الأقرب".
وقام عبدالكريم بتجديد المنزل وعاش هُناك مع زوجاته من عام 1893.
ولكن، أثارت علاقته المقرّبة من الملكة غضب العائلة والحاشية، وبوفاة الملكة في عام 1901، انتهت فجأة حياة عبدالكريم في فروغمور والمملكة المُتّحدة.
فبعد ساعات من جنازتها، اقتحم الملك الجديد، إدوارد السابع -الذي كان يكره عبد الكريم- المنزل ودمّر أوراقه، وأمره بالعودة إلى الهند التي توفّي فيها بعد تلك الواقعة بسنوات قليلة عن عمر ناهز الـ 46 عاماً.
وتقول شرباني إن "الملكة كانت حامية له، فقد كانت كالستار عليه، أمّا هُم فطردوه".
الروس الفقراء
عندما قُتِل القيصر نيقولا الثاني وعائلته على يد البلاشفة في عام 1918، فرّ أقاربه الباقون على قيد الحياة إلى المملكة المُتّحدة، في سفينة حربية أرسلها قريبهم الملك جورج الخامس، ومن بينهم أخت القيصر -وابنة عم الملك- الدوقة الكبرى زينيا ألكسندروفنا.
وعند وصولهم إلى المملكة المُتحدة، عاشت الدوقة الكبرى وأطفالها حياة مُستقلّة لفترة من الوقت، ولكن سُرعان ما نفدت أموالهم.
وفي العام 1925، وضعهم الملك في منزل فروغمور الريفي، ومعهم العديد من الأبناء وعائلاتهم. وحين ازدحم المنزل للغاية، أتاح لهم الملك منزل هوم بارك المجاور أيضاً.
وقالت مالين إيلرز كونيغ، الخبيرة في شؤون الملكية البريطانية والأوروبية، إن الدوقة الكبرى كانت "مُعدمة تقريباً" حين انتقلت إلى هُناك.
وفقر اللاجئين الملكيين يعني أن المنزل سُرعان ما واجه أزمة؛ حيث كان مطلوباً من سُكان المنازل الممنوحة بالمجّان دفع كل نفقاته الداخلية، ولكن الوضع المادّي "الحرج" للدوقة كان يعني أنها لا تتمكّن من تحمّل نفقات صيانة المنزل.
وقالت مالين كونيغ إن مسؤولاً بوزارة الأشغال قد تبيّن له في العام 1929 أن المنزل في حالة "يُرثى لها؛ فقد كانت أوراق الحائط مُمزّقة من على الجدران، والأسقف قذرة والطلاء مُنفصلاً عن الحوائط" وأضافت "كان المنزل في حاجة لما هو أكثر من مُجرّد طلاء".
وقالت المؤرّخة هيلين رابابورت، إن المنزل كان "مُهملاً للغاية، ومُضاء بمصابيح زيتية وشموع"، ولم يكن به مرحاض نظيف.
ودَفع الملك نفقات التجديد، كما منح ابنة عمّه معاشاً سنوياً قدره 2400 جنيه إسترليني، (حوالي 3142 دولاراً أمريكياً).
وبعد وفاة الملك في عام 1963، قدّم ابنه، الملك إدوارد الثامن، لزينيا وعائلتها منزلَ ويلدرنس، المُقام على أراضي هامبوت كورت، وغادروا فروغمور.
ومنذ الحرب العالمية الثانية، يُعتقد أن المبنى قد استخدم كمنزلٍ لأفراد العاملين لدى الأسرة الملكية، على الرغم من الألغاز التي تُحيط بالأمر.
وربما يُساعد هذا على تفسير السبب وراء رؤية دوق ودوقة ساسيكس ويندسور باعتبارها "مكانهما الخاص جدّاً".