يعدُّ المطبخ التركماني مميزاً جداً بأكلاته وأطباقه المميزة، التي تعتمد في الأساس على اللحوم ومشتقاتها ومنتجات الألبان، وذلك يرجع إلى الطبيعة القَبلية لشعب التركمان.
المطبخ التركماني أحد أهم المورثات التي اكتسبوها من أجدادهم
حرصت قبائل التركمان على الحفاظ على التقاليد والموروثات العامة التي ورثتها منذ نشأتها.
فنجد أنهم شعب ذو سلوك مهذب، ومضياف، ومحب للخير، واحترام كبار السن، والحرص على السلوك المهذب.
ورغم حركات الهجرة التي تعرَّضوا لها فإنهم لم ينسوا أكلاتهم وطريقة الطبخ المميزة لديهم.
وعلى الرغم من أن بعض العادات والتقاليد القديمة لهم قد فقدوها في فترة سيطرة الاتحاد السوفيتي عليهم، فإنهم تمكَّنوا من الحفاظ على أساسيات المطبخ التركماني.
تركمان سوريا
الأتراك، أو "التركمان" كما ورد ذكرهم في أرشيف الدولة العثمانية هم أقوام آسيويون جاؤوا من أواسط آسيا، وهم أولاد عم المغول.
انحدروا من قبائل "الأوغوز"، إحدى أكبر القبائل التركية الـ24، بحسب ملحمة "أوغوز كاغان".
وهو أحد أهم المراجع عن التاريخ التركي، أو الـ22 قبيلة بحسب معجم المؤرخ التركي الكبير "كاشغارلي محمود".
هاجر التركمان على دفعات من موطنهم الأم آسيا الوسطى، وبشكل تدريجي نحو الجنوب.
فكانت حياتهم قبل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط حالياً عبارة عن ترحال مستمر وتدريجي، من الشمال إلى الجنوب، أشبه بحياة البدو الرحل، تهاجر قبيلة تلحقها الأخرى.
ويدعى الأتراك الموجودون في سوريا ضمن السجلات العثمانية باسم "تركمان حلب"، وكان لهم وضع خاص لدى السلطان، ويعتبرون تحت رعايته الخاصة، ما سهّل لهم أمورهم بشكل نسبي في تلك الآونة.
وعُرفوا بتنقّلهم على شكل مجموعات، حيث يتمركزون شتاءً في منطقة حلب، وصيفاً يتوجهون حتى منطقة "سيفاس" في تركيا.
ويقال "تركمان الشام" للتركمان الذين يقطنون دمشق، بينما الذين يقطنون حلب والرقة يقال لهم "تركمان جولاب"، أما تركمان منطقة اللاذقية فيقال لهم "تركمان باير بوجاك"، نسبة لمرتفعات "بايربوجاك" (جبل التركمان) شمالي اللاذقية.
تركمان العراق
ولا يقتصر وجود التركمان على سوريا فقط، بل يوجد عدد كبير منهم في العراق، الذي لديه أيضاً حدود مع تركيا.
حيث يقيمون بشكل أساسي في شمالي العراق، في محافظات كركوك ونينوى وأربيل وديالى، ويشاركون في علاقات ثقافية ولغوية وثيقة مع تركيا.
تركمان العراق هم مِن سلالات من موجات مختلفة من الهجرة التركية لبلاد الرافدين، يعود تاريخها إلى القرن السابع، حتى الحكم العثماني.
الموجة الأولى من الهجرة تعود إلى القرن السابع، عندما تم تجنيد بعض الجنود، بلغ عددهم ألف تركماني في جيوش المسلمين، من عبيدالله بن زياد.
ولكن معظم نسل اليوم من هؤلاء المهاجرين الأوائل اختلطوا مع السكان العرب المحليين، حيث إن آباءهم تركمان وأمهاتهم عربيات.
وكانت الموجة الثانية من المهاجرين الأتراك من الدولة السلجوقية.
وأخيراً، ظهرت الموجة الثالثة، وأكبر عدد من المهاجرين التركمان في العراق في عهد الدولة العثمانية.
مع غزو العراق من قبل سليمان القانوني عام 1534، تليها محاصرة السلطان مراد الرابع لبغداد في عام 1638، وتدفق أعداد كبيرة من الأتراك استقروا في المنطقة.
وبالتالي، فإن جزءاً من تركمان العراق اليوم هم أحفاد الجنود العثمانيين والتجار وموظفي الخدمة المدنية، الذين نقلوا إلى العراق خلال فترة حكم الدولة العثمانية.
اللحم مكون أساسي على المائدة التركمانية
تعد اللحوم هي المكون الأساسي للأطباق التركمانية، كما يهتمون بمنتجات الألبان.
فيستخرجون اللبن والزبد والكريمات والزبادي، معتمدين على حليب الإبل والأبقار والماعز والأغنام.
والطبق الأكثر شهرة وشعبية في التركمان هو "دوجراما" وهو طبق شهير بين أهل التركمان، ويعتمد على اللحم.
وهو عبارة عن شوربة لحم الضأن، وبها مكعبات صغيرة من اللحم، ممزوجة بالبصل والطماطم، ومضاف إليها الكثير من التوابل.
كما يحرص المطبخ التركماني كذلك على تقديم اللحوم في العجين أو مسلوقة.
والمشروب الرئيسي في التركمان الذي يتبع كل وجبة هو مغلي الشاي الأخضر.
وفي العادات والتقاليد التركمانية يوضع الطعام على المائدة، ولكن يتم وضعه على قطعة من القماش الأبيض على الأرض.
الطعام التركماني
سنتعرَّف معكم اليوم على عدة أنواع من أكلات المطبخ التركماني، الذي تأثر بالتاريخ والجغرافيا.
فالحياة البدوية والعيش في الصحراء كان لهما الأثر البالغ في المطبخ التركماني، وظهرت الملامح الرئيسية في طبيعة وبساطة الطعام المطبوخ، وطريقة تحضيره.
ويتشابه طعام تركمان سوريا والعراق مع طعام دولتهم الأساسية "تركمانستان"، وبعض دول آسيا الوسطى، التي تأثرت بالحياة البدوية، بالإضافة إلى تأثرها بالمطبخين التركي والروسي.
وقد دخلت العديد من التغييرات والتطورات إلى المطبخ التركماني في السنوات الأخيرة.
فمثلاً وفي وقت سابق، كانت الخضراوات كالبصل والشمندر نادراً ما تُضاف إلى حساء اللحم، أما حالياً فأصبحت الشوربة مع الخضراوات ( خاصة البطاطا والبندورة) هي الطبق اليومي في كل المناطق.
ويعد البصل والفلفل الأسود من أكثر المكونات استخداماً في الوجبات، بينما تحتل اللحوم، والحليب، والأطباق المكونة من الطحين، الموقع الأساسي في المطبخ التركماني.
الذي يفضل لحم الخروف (الضأن) من بين كل الأنواع، يليه لحم الدجاج، بينما لا يتناولون أبداً لحم الحصان.
يملك التركمانيون ميلاً خاصاً تجاه الخبز، ورغيفهم الشعبي يسمى التشوريك chorek، وصنعه فنٌّ في حدِّ ذاته، ويتم خبزه في مكان يدعى التنور (فرن طيني)، ويعتبر المكان الأكثر قدسية في البيت.
أكلات تركمانية : (البيلاف)
هو الطبق الأكثر شهرة وشعبية في تركمانستان، ووجبة يومية في كل منزل، كما يعد طعام الاحتفالات، يتكون من قطع لحم الخروف، والجزر والأرز المقلي في مرجل كبير.
الشاشليك
أيضاً من المأكولات الشعبية، وهو عبارة عن قطع لحم خروف، ودجاج، وأحياناً سمك مشوي فوق موقد الفحم، مع شرائح البصل، وصوص خاص من الخضراوات، يقدم في المطاعم، وغالباً ما يُباع في الطرقات.
الكاي ييش Gay-ysh
وهو عبارة عن طبق من المعكرونة مع اللحم، والبطاطا، والبصل، والبصل الأخضر أو الشبت الطازج على الوجه، ويقدم مع مرقة اللحم.
المانتي
فطائر من اللحم المطبوخ تُقدّم مع لبن الزبادي، وأحياناً مع الأجيكا ajyka وهي صوص حار.
الشوربة
حساء شهي، وضيف دائم على المائدة التركمانية، يتكون من مكعبات كبيرة من البطاطا، توضع في مرقة وتُغلى.
ثم يضاف إليها البصل المقلي، والبندورة، والجزر، والطحين، وأوراق الغار، والملح، والفلفل.
وقبل التقديم يتم وضع قطعة من لحم الخروف والكريمة الحامضة في الوعاء.
المشروبات تركمانية
في أي وقت وفصل يحتسي التركمانيون الشاي الأخضر، بينما ينتشر شرب الشاي الأسود في غربي البلاد، خاصة في فصلي الخريف والشتاء، ويتم تقديم إبريق خزفي مع فنجان لكل شخص.
السويتلي آش Suitli ash
ويتم فيه غلْي الملح والسكر والأرز مع الماء لـ20 دقيقة، لتشكل عجينة أو مهروساً.
ثم يسكب الحليب الساخن، وتُغلى لـ30-40 دقيقة إضافية على نار هادئة، ثم تقدم مع الزبدة.
حلويات تركمانية
تتشابه حلويات التركمان مع الحلويات التقليدية في بلدان آسيا الوسطى، خاصة تركيا وبلاد الشركس في القوقاز، ومن أشهرها "الحلفا، الباكلافا، الشيربيت، النافات، والبيكميسان".
حلفا Halva
وهي نوعان:
- الأول: فطائر يوضع داخلها الجبن والبطاطا.
- الثاني: حلويات تتكون من السكر، والمكسرات، وزيت بذور المحصول أو طحين القمح، والنوع الأشهر منها يصنع من بذور السمسم المطحونة.
البيكماس Bekmes
وهو شراب طبيعي أو عصير فاكهة مركّز، لا يضاف إليه السكر، ويشار إليه بأنه عسل الفاكهة، ويقدمه التركمانيون كحلوى، وله عدة أنواع.
البيشم Pishme
وهي عبارة عن كوكيز على شكل ماسة، مصنوعة من العجين المقلي في الزيت.