الأكراد أو كما يحبون أن يطلق عليهم "الكورد"، همّ أكبر أقلية موجودة في العالم، ويبلغ تعدادهم نحو أكثر من 30 مليون شخص منتشرون في دول عدّة.
وأبرز ما يميّزهم هو امتلاكهم تاريخاً عريقاً مليئاً بتراث ثري من العادات والتقاليد الجميلة، الأمر الذي جعلهم من أكثر الشعوب تميزاً عبر العصور.
كما أنَّ عاداتهم وتقاليدهم لا تتغير بتغير الدولة التي يعيشون بها، سواء في العراق أو سوريا أو تركيا أو ألمانيا أو دول أخرى.
الأكراد.. ثقافة غنيّة بالأساطير والأعياد المميزة!
تعد الثقافة الكردية غنية بأساطير وأقاصيص شعبية وأعياد مميزة من أهمها عيد "نوروز" وأسطورة "كاوا الحداد".
بالإضافة إلى روايات وجدت في طيّاتها ثنائيات غراميّة يتغنى بها الأكراد في أغانيهم وكتبهم وقصصهم، مثل "ممو زين"، و "سيامند" و "خجي".
نوروز.. العيد المقدس لدى الأكراد!
هو أهم الأعياد القومية الكردية، حيث يعتبر رأس السنة الكردية، ويتم الاحتفال به في ليلة 21 من شهر آذار كل سنة بإشعال نار كبيرة والاحتفال حولها مع استمرار الاحتفال بأشكال مختلفة في ذلك اليوم.
في الليلة السابقة للنوروز، تنطلق احتفالات العيد ومنهم من يستعيد أسطورة كاوا الحداد، بإشعال النيران على القمم والمرتفعات في القرى.
ومنهم من يجمع إطارات السيارات المستعملة، ويشعلونها لتبقى طوال ليلة النوروز كرمز للصمود.
فيما تنشغل العائلات الكردية مساءً بحفلات الرقص على موسيقى المغني الكردي الشهير شفان برور.
بالإضافة إلى إعداد موائد عشاء يجتمعون حولها ليلاً، ويتبادلون الحديث فيها عن تحضيرات الاحتفال في اليوم التالي.
ويرتبط هذا العيد، أسطورة كان أم واقعاً، بحدثين هامين أولهما فلكي مرتبط بيوم 21 آذار وهو يوم تعامد الشمس على منتصف الكرة الأرضية (خط الاستواء) جالبة الاعتدال الربيعي إلى نصف الكرة الشمالي.
والاعتدال الخريفي إلى النصف الجنوبي حيث تتساوى فيه ساعات الليل والنهار وينقشع البرد والزمهرير، وتبدأ الزهور بالتفتح وتكتسي الطبيعة بلونها الأخضر والملون فهو عيد الربيع.
أمّا الحدث الثاني فيرتبط بثورة "كاوا الحداد" الرمز الذي حرر الشعب الكردي في التاريخ القديم من ظلم وطغيان الحاكم المستبد، ما جعل هذا العيد رمزاً للتحرر.
ويستعد الأكراد لهذا العيد، من خلال تزيين كل من النساء، والرجال، والكبار، والصغار باللباس الكردي التقليدي.
ومن ثمّ الخروج به من المنازل إلى الطبيعة الخضراء، وطهي الأطباق التقليدية، بالإضافة للعب بالماء، كرمز للتطهير.
بينما يتم الاستعداد له لدى الأكراد الفرس من خلال وضع مائدة تتضمن 7 أشياء تبدأ بحرف السين، وهي:
سبزه، وتعني الخضار، وسركة، وتعني الخل، وسنجد، وتعني ثمرة تشبه التمر، وسمنو، وتعني نوعاً من الحلوى الإيرانية، وسيب، وتعني التفاح، وسير، وتعني الثوم، والسماق، وهو أحد أنواع البهارات.
تاريخ عيد نوروز
تعود كلمة نوروز إلى مقطعين، الأول "نو" ويعني جديد، والمقطع الثاني "روز"، ويعني حياة في اللغة الفارسية، ليصبح المعنى بذلك "حياة جديدة".
وهناك العديد من الحكايات، والأقوال، والأساطير التي تحدثت عن نوروز، أحدها يقول إن نوروز هو يوم هبوط النبي آدم عليه السلام على سطح الأرض.
ونظراً لثراء تراث نوروز، وعمقه التاريخي، وتشعباته الميثولوجية دمجت العديد من الأسر الأمبراطورية كالساسانية الكردية، والأخمينية الفارسية تراثها مع تاريخ نوروز.
الأمر الذي رسم لها تاريخاً خاصاً، وزاد من نفوذها، وقوّى جذورها العميقة لدى كل من شعوب آسيا الوسطى والغربية، والبلقان.
كما يعتبر الإيرانيون حلول نوروز يأتي بالتزامن مع تجدد الطبيعة من دلالات الحب، والأمل، والسلام، والتفاؤل.
ومن الأساطير الأخرى التي تتحدث عن عيد نوروز، أنه كان هناك ملك فارسي اسمه جمشيد له سلطان واسع على الجن والإنس، ونقل إلى كافة ممالك حكمه على سرير ذهبي في يوم حلول الشمس في برج الحمل، لذلك تمّ تقديس ذلك اليوم.
وثمة رواية فارسية أخرى تقول إن الملك الفارسي جمشيد، الذي كان يدعى باسم جم، كان يسير في العالم، فوصل إلى أذربيجان، وأمر بنصب عرش له.
وعندما جلس عليه أشرقت الشمس، وسطع نورها على تاجه وعرشه، فابتهج الناس، وقالوا: إنّه يوم جديد.
كاوا الحداد!
تكاد لا تخلو أي جلسة عائلية لدى الأكراد من الحديث عن كاوا الحداد قبيل أيام قليلة من عيد نوروز.
كاو الحداد هو البطل الكردي الأسطوري الذي أنهى ظلماً تعرض له الأكراد على يد ملك فارسي يدعى أزديهاك.
وتقول الأسطورة إنّ أزديهاك كان يأكل أدمغة الأطفال الأكراد بسبب مرض أصابه.
فقدم له كاوا الحداد دماغ خروف بدلاً من دماغ ابنته، ما تسبب له بلعنة أنبتت أفاعي في كتفيه.
فيما سار باقي الأكراد على نهج كاوا وقدموا أدمغة خراف بدلاً من أدمغة أبنائهم الذين هرّبوهم إليه في الجبال.
ومع مرور سنوات طويلة، شكل كاوا جيشاً جراراً من الأطفال، تمكن من القضاء على الملك الظالم، وأوصل رسالة النصر عبر البلاد عن طريق إشعال النيران على رؤوس الجبال.
ينقسم الأكراد إلى أربع مجموعات هي "الكرمانجي، والكلهود، والكوران، واللور"، وكل مجموعة لها لهجة خاصة بها، ولا يزال من غير الواضح إلى الآن أصل كلمة "كرد".
ومع ذلك، يعتقد كثيرون أنّ اسم "أكراد" كان موجوداً على مدى مئات السنين حتى قبل تشكّل الأكراد كمجموعة عرقية متميّزة.
وكان المعنى الأصلي للمصطلح هو: قبائل إيرانية بدوية، بينما كان الاستخدام الأول للكلمة باللغة الفارسية الوسطى، التي كانت سائدة في عهد الإمبراطورية الساسانية، ومن هناك توالت إلى العربية منذ الأيام الأولى للإسلام.