9 مصريين و10 لبنانيين و7 سعوديين و17 مغربياً و37 إسرائيلياً، هذه بعض أرقام المطلوبين على موقع البوليس الدولي أو جهاز الإنتربول في هذه اللحظة. عجزت دولهم عن إلقاء القبض عليهم في أراضيها فغادروا وأصبحوا تحت رادار أجهزة الإنتربول.
لا يوضح الموقع طبيعة جرائمهم، ولكن يضع صورة إلى جانب الجنسية والعمر. فعندما تعجز دولة ما عن العثور على مجرم أو إرهابي، تتجه الأعين ناحية الإنتربول، وتطلب منه المساعدة في إيجاد هذا الشخص.
تقدم نشرة مفصّلة عما قام به وأوصافه مع بضعة خيوط، يبدأ الإنتربول بالتحرك. مهمته جلب المطلوبين للعدالة، وتسليمهم إلى الدول التي تمت على أراضيها جرائمه، أو إلى دول منشأ المطلوبين.
فما هو هذا الجهاز، ومن يموله ولأي قانون يخضع؟
منذ ما يقرب من قرن من الزمان، أُنشئ جهاز البوليس الدولي، وتحديداً في السابع من سبتمبر/أيلول من عام 1923. يتخصص في إلقاء القبض على المتورطين في أنواع معينة من الجرائم؛ منها مثلاً جرائم الحرب والإجرام البيئي والإلكتروني والمالي، إلى جانب سرقة الأعمال الفنية والاتجار بالبشر والسلع غير المشروعة والمخدرات وغيرها الكثير.
البداية عام 1914.. مؤتمر لرجال قضاء وقانون وضباط ذوي خبرة
الإنتربول باختصار هو المنظمة الدولية للشرطة الجنائية والمعروفة باللغة الإنكليزية (International Criminal Police Organization) واختصاره ICPO.
وبعد انتشار الأحداث الإجرامية عالمياً، وانشغال أبرز أجهزة الشرطة على مستوى العالم في قضايا صعبة تمس الرأي العام داخلياً وخارجياً، انعقد المؤتمر الأول للشرطة الدولية عام 1914 بمدينة موناكو الفرنسية.
كان خطوة جريئة ومهمة، بأن تتوحد الجهود للبحث عن المجرمين دولياً، وإعطاء فرصة لأصحاب الخبرات لإدارة الأمر. التقت مجموعة من الضباط ورجال القانون والقضاة من 24 بلداً مختلفاً لبحث سبل التعاون من أجل تكوين جهاز قوي يكون هدفه البحث عن المجرمين المطلوبين دولياً.
أسسه رئيس شرطة فيينا ليضم اليوم 192 دولة
بعد المؤتمر الأول، بدأت التساؤلات عن أهدافه ورؤيته، وكيفية عمله. إذ تم اعتباره خطوة جريئة تغير بعدها تماماً شكل وملامح الملاحقات الدولية والشرطة الجنائية، وشكل القانون الدولي بشكل عام.
وبمبادرة من رئيس شرطة فيينا يوهانس شوبر، تأسس الجهاز كثمرة لجهود المؤتمر الأول، واختيرت فيينا مقراً للمنظمة بدعم مالي من الدول الأعضاء (تبلغ ميزانيته السنوية حالياً 113 مليون يورو)، وصدرت العام 1923 أول نشرة للمطلوبين.
ومع مرور الأعوام ازداد عدد الدول الأعضاء داخل المنظمة. وحالياً وصل العدد إلى 192 بلداً تتعاون ضمن ما توفره المنظمة من قواعد بيانات وأدوات ومنظومات اتصالات خاصة.
هدفه منع الجرائم والتعاون مع أجهزة الشرطة طبقاً للقوانين الدولية
من خلال رؤية المنظمة ومهمتها، وما يطمح الإنتربول إلى تحقيقه وفرض نفسه، كانت الرؤية الأساسية هي "صلة الوصل بين أجهزة الشرطة على مستوى العالم، وإقامة عالم يكون فيه كل موظف من موظفي إنفاذ القانون قادراً، من خلال المنظمة، على التواصل بشكل مأمون وعلى تبادل المعلومات الشرطية الحيوية والوصول إليها كلما وحيثما دعت الحاجة، من أجل ضمان سلامة المواطنين في العالم".
ومهمة الإنتربول كانت وما زالت منع الجريمة ومكافحتها بالتعاون مع أجهزة الشرطة في أي مكان، وذلك عبر تعزيز التعاون والابتكار في المجالين الشرطي والأمني.
يبدأ الإنتربول بالتواصل مع أجهزة الشرطة ومكاتب التحقيق حتى يتبادل المساعدة على نطاق أوسع بين جميع السلطات، سواء كانت متمثلة في السلطات الجنائية أو طبقاً للقانون الدولي المتعارف عليه، والمعاهدات والمواثيق الدولية.
ضمن الإنتربول قدرة كبيرة لأجهزة الشرطة على التواصل في ما بينها بشكل آمن يصعب اختراقه، كذلك أتاح إمكانية الاطلاع على البيانات والمعلومات الشرطية من جميع أنحاء العالم. وتقديم الدعم اللوجستي في مجالات إجرام محددة ذات أولوية.
سيطر عليه النازيون ونقلوا المقر إلى برلين
في عام 1930 أُنشئت الكثير من المكاتب والأقسام المتخصصة التابعة للإنتربول لمتابعة القضايا الكبرى كتزوير جوازات السفر والعملات، وتوثيق السجلات الجنائية.
كان أوسكار دريسلر أول أمين عام للإنتربول، وفي عهده أطلقت المنظمة شبكة خاصة بالاتصالات الدولية.
وبحلول عام 1938 شهدت المنظمة تحولاً كبيراً بعدما سيطر النازيون عليها، ما أدى لتوقف بلدان كثيرة عن التعامل معها، خصوصاً تلك الدول التي كانت في حالة حرب مع النازيين، وعلى رأسهم بريطانيا، وظلت المنظمة على هذا الحال حتى نقل مقرها عام 1942 إلى برلين.
ثم انتقل إلى ليون.. ليصبح الظواهري وأسانج على رأس المطلوبين
بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية، طالبت دول كثيرة بنقل مقر المنظمة إلى مكان آخر غير برلين، وكان على رأس المطالبين بلجيكا، إذ قادت حملة كبيرة تدعو فيها لنقل مقر المنظمة لأي دولة بعيداً عن برلين، حتى اختيرت باريس مقراً للمنظمة.
أعطيت الأمم المتحدة بعد استقرار مقر المنظمة في فرنسا، مركزاً استشارياً وذلك عام 1949، ثم نقل المقر مرة أخرى إلى مدينة ليون الفرنسية سنة 1989.
من الأشخاص الذين يلاحقهم الإنتربول منذ فترة طويلة، زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وهو مطلوب منذ عام 2001، ومؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج المطلوب منذ نوفمبر عام 2010 بتهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي في السويد، ونجل معمر القذافي الساعدي القذافي المطلوب منذ 2015 بتهمة الفساد، والنائب السابق لرئيس الفيفا جاك وارنر منذ 2015 بتهمة الفساد أيضاً هو وخمسة آخرون.
أمينه العام الحالي رجل الأمن والأكاديميا الألماني جيرغن ستوك. ولا يخلو تاريخه من قضايا فساد، إذ أدين رئيسه السابق العام 2008 جاكي سيليبي بالفساد، وذلك لتلقيه مبلغ 156 ألف يورو من تاجر مخدرات.
وهذا تفسير ألوان شيفراته السوداء والحمراء والصفراء.. وحتى البرتقالية
للإنتربول نشرات تستخدم لتنبيه الشرطة بأن أشخاصاً خضعوا لعقوبات تفرضها الأمم المتحدة على تنظيمات وحركات، مثل تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
وتستخدم تلك النشرات من قبل المحاكم الدولية للبحث عن المتهمين والمطلوبين بتهم انتهاكات القوانين الدولية. تصدر تلك النشرات بألوان مختلفة، ولكل نوع منها دلالة محددة.
توجد 7 أنواع مختلفة يصدرها الإنتربول، لكل نوع لون مميز فمنها الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالي.
وقبل أن تصدر هذه النشرات يتم تقسيم القضايا الواردة إلى قسمين جنايات وجنح، وإن كانت قضية جنائية يتم التنسيق بعدها مع مكاتب العدل الجنائية ومكاتب التنفيذ، وإن كانت جنحاً يتم التنسيق والتواصل مع الإدارات المسؤولة عن ذلك في وزارات الداخلية، ويصدر بعد ذلك إذن بملاحقة وأمر وضبط وإحضار دولي.
فعلى سبيل المثال، النشرة الحمراء تستخدم لطلب المطلوبين بغية تسليمهم، وتتضمّن استمارة طلب إصدار نشرة حمراء جميع البيانات اللازمة عن الشخص المطلوب لكي تـُعتبر النشرة سارية قانوناً.
ويأتي في البيانات المطلوبة: تفاصيل الهوية، الأوامر القضائية الصادرة في حق المتهم، التحرك المطلوب عند العثور على الشخص، الإشارة إلى النصوص القانونية الوطنية أو المعاهدات والاتفاقيات الثنائية أو الدولية بشأن تسليم المتهم.
وتأتي النشرة الزرقاء لتحديد مكان إقامة أشخاص وجمع معلومات بشأنهم، وتعتبر مرحلة متقدمة في البحث إذ يبدأ الإنتربول في تجميع معلومات أكثر دقة عن الشخص المطلوب العثور عليه مثل نشاطاته غير المشروعة وذات الصلة بقضايا جنائية.
أما النشرات الخضراء تستخدم للتزويد بتحذيرات ومعلومات استخباراتية عن أشخاص ارتكبوا جرائم جنائية ويرجح ارتكابهم لمثلها فـي بلـدان أخرى.
نأتي للنشرات الصفراء التي تستخدم للمساعدة في تحديد مكان وجود المفقودين وخصوصاً القاصرين، أو للمساعدة في تبيّن هوية الأشخاص العاجزين عـن تحديد هويتهم، كالذين يعانون من فقدان الذاكرة.
أما البرتقالية، فلتيسير إشعارات تحذيرية عن تهديدات إرهابية محتملة، وتعتبر بمثابة إنذار أمني.
وتأتي في نهاية أطياف الألوان النشرة السوداء، كي تحذر أجهزة الشرطة والهيئات العامة والمنظمات الدولية، من مواد خطرة أو أحداث أو أعمال إجرامية، يمكن أن تمثل خطراً على سلامة الناس.