يقبع وحشٌ يُطلق عليه Sagittarius A في مركز مجرتنا، مجرة درب التبانة. ويُعتقد أنه ثقب أسود هائل، يفوق وزن شمسنا بـ33 ضعفاً. إن حقل الجاذبية الذي ينتجه Sagittarius A* كثيف لدرجة أن نجوماً أكبر من شمسنا تدور حوله بسرعة هائلة، حسب تقرير لموقع Vox الأمريكي.
أحدُ تلك النجوم، ويُدعى S2، مر مؤخراً بجانب الثقب الأسود بسرعة تزيد على 15.5 مليون ميل في الساعة؛ أي أكثر من 4.300 ميل في الثانية الواحدة، أو ما يقرب من 3% من سرعة الضوء.
والأروع من ذلك: التقط مِنظارُنا النجم S2، وهو يدور حول الثقب بسرعة، في شهر مايو/أيار 2018.
(حدث هذا في الواقع منذ نحو 26.000 سنة؛ أي قبل نشأة الحضارة البشرية. لكن الضوء قد وصل إلى منظارنا فقط في مايو/أيار 2018). وبتوثيق هذه المشاهدات، أثبت الفلكيون، مرة أخرى، أن نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين صحيحة، حسبموقع Vox.
لماذا تُثبت هذه المشاهدات صحة أينشتاين؟
توقَّع أينشتاين، في نظريته، أنه عند مرور الضوء (كالضوء المنبعث من النجم S2) بالقرب من حقل جاذبية بهذه القوة، فإنه يفقد بعض طاقته. بطريقة ما، يواجه الضوء صعوبة في التحرك داخل حقل جاذبية بهذه الكثافة.
يتمدد الضوء في التواء "الزمكان"
يتمدد الضوء، حرفياً، تحت تأثير ظاهرة التواء الزمكان بسبب الجاذبية. الضوء لا يتباطأ، لكنه يفقد جزءاً من طاقته، يمكننا قياس ذلك بتردد الطول الموجي أو -كما نرى- بتغير لون الضوء. النتيجة هي أن الضوء الأزرق يتحوّل قليلاً إلى اللون الأحمر عندما يكون قريباً من مصدر جاذبية قوي.
تُدعى هذه الظاهرة بـ"الانزياح الجاذبي الأحمر". وهذا بالضبط ما لاحظه علماء الفلك، ونُشِر في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية.
يعد كل هذا ممكناً؛ بسبب تمكُّن علماء الفلك من مشاهدة النجوم وهي تدور حول Sagittarius A* بالتوقيت الحقيقي. في الصورة التالية خط سيرٍ زمني قدرُه 20 عاماً من مراقبة التلسكوب التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، والذي يُدعى Very Large Telescope (نعم، هذا هو اسمه فعلاً: التلسكوب الكبير جداً)، وهو يرصد النجوم في مركز المجرة. S2 هو أحد النجوم بالقرب من مركز الصورة.
وإليك نسخة أكثر وضوحاً لمشاهدات مشابهة. رُسم مسار النجم S2 باللون الأصفر
النسبية العامة صحيحة
يبلغ عمر النظرية النسبية العامة لأينشتاين أكثر من 100 عام. ولم يتمكن العلماء، حتى الآن، من إيجاد أي ثغرة بها. لهذا السبب يتطلعون إلى الثقب الأسود في مركز مجرتنا لاختبار النظرية. يريدون معرفة ما إذا كانت النظرية ستنهار في البيئات المتطرفة.
قد نتمكن قريباً من إلقاء نظرة أقرب على Sagittarius A*. في أبريل/نيسان من عام 2017، تعاون علماء الفلك في جميع أنحاء العالم لالتقاط صورة لأُفُق الحدث في الثقب الأسود الهائل. أُفُق الحدث هو حافّة الثقب الأسود. وهو الحد الذي لا يمكن لأي شيء أن يهرب من الثقب حال عبوره، حتى الضوء. ولا يزالُ العلماء يعملون بجد من حينها في تحليل البيانات. ولا نعلم حتى الآن ما إذا كانوا قد التقطوا صورة واضحة لأُفُق الحدث.
سيكون شيئاً مثيراً للغاية إذا اكتملت الصورة، فكلما أدركنا المزيد عن هذا الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتنا، استطعنا وضع نظرية أينشتاين موضع الاختبار.
واقرأ أيضاً..
ربما نعيش داخل أكوان متعددة مليئة بالحياة الغريبة: حسب دراسة حديثة، إذن أين يوجد الجميع؟!