من جوف كرونوس إلى رأس زيوس، وسهم أفروديت، تتجلى روعة الأساطير اليونانية التي عًرف أبطالها بالقوة والحكمة، فالرجل دائماً كان رمزاً للحكمة، والمرأة كانت أيقونة للجمال.
ظلت الأساطير الإغريقية واحدة من أشهر قصص التاريخ البشري وأكثرها خيالاً وإثارة، ورغم أنها تبدو غير منطقية فإن الحضارة اليونانية القديمة قدمت من خلالها خيالاً خالصاً بقصص لا تزال تُروى حتى الآن عند الحديث عن الحب والجمال الذي رمزت إليه إلهة الحب والجمال "أفروديت".
ورغم أن "أفروديت" ارتبطت بالروايات الإغريقية، فإن العرب كانوا يقدسونها من قبلِ انتقال رمزها إلى الإغريق، حتى إنهم عبدوها قبل دخول الإسلام إلى شبه الجزيرة العربية فكانت إحدى أشهر معبوداتهم "اللات"، و"العُزّى" و"مَناة".
ترجع تسمية "اللات" -كما عرّفها بعض المستشرقين- إلى "لاهات"، وهي مؤنث كلمة "إله"، وذُكرت "اللات" في تاريخ المؤرخ اليوناني هيرودوت، فقيل إن العرب كانوا يعبدون "ديونيسوس"، و"أفروديت" و"سميا" عندهم "أوراتالت" و"الليلات".
"اللات" عند العرب هي ذاتها "أفروديت" عند الإغريق و"فينوس" عند الرومان، وعنها حملت رمز الزهرة واسم "نينورتا"، و"عشتار" عند البابليين، و"إنانا" عند السومريين، وكلهن آلهة الخصوبة والحب والجنس.
"اللات" عند العرب و"فينوس" عند الرومان
من الدلائل التي ترمز إلى مماثلة "اللات" لـ"أفروديت" الإغريقية و"فينوس" الرومانية، العملة التي استخدمها الملك التدمري وهب اللات (هبة اللات) والتي حملت شعار النجمة أو الشمس كرمز لـ"فينوس" الرومانية التي تقابل "أفروديت" عند الإغريق، وقد ارتبطت الشمس عند العرب آنذاك بالصنم الأنثوي الشهير "اللات" كما روى المستشرقون. و فسّر المؤرخ رنيه دينيسو أن "اللات" ارتبطت بكوكب الزهرة، أي "فينوس" الرومانية وهي ذاتها "أفروديت".
رغم ادعاء الإغريق أن تسمية "أفروديت" تعود إلى أمواج البحر موطن "أفروديت" الذي انبثقت عنه، وعدّوها قبرصية المنشأ؛ لأن أول شاطئ صعدت عليه بعد ولادتها في البحر هو شاطئ Kythera في قبرص. كما اختلفت عن القصة السريانية، حيث اعتبرها الإغريق ابنة "زيوس" إله الرعد.
ارتبطت "أفروديت" بالروايات الإغريقية والرومانية، حيث إنها لم تختبر مرحلة الطفولة؛ لأنها خُلقت بالغة وحاضرة للزواج، تزوجت "هيفايستوس" إله النار والبراكين الإغريقي، لكنه أشاع عنها أنها تخونه كثيراً.
قال اليونانيون إن "أفروديت" أُغرمت بـ"آريس" إله الحرب الذي لم يكن محبوباً بين الإغريق، وأقامت علاقات غرامية مع "هيرمز"؛ إله السفر، و"بوسيدون"؛ إله البحر، و"نيريتس" الذي يقال إنه حبّها الأول.
أنجبت أفروديت من حبيبها آريس عدة أولاد، وهم "فوبوس" إله الخوف، و"ديموس" إله الرهبة، و"إيروس" وهو كيوبيد إله الحب، و"أنتيروس" إله الحب المضاد، و"هارمونيا" إلهة التناغم.
ولأنها كانت ممتنة لبوسيدون على تخليصها من شباك زوجها، أحبته أفروديت ، وأنجبت منه طفلة اسمها "رودوس" وهي حورية في جزيرة رودس. كما أنجبت ابناً من ديونيسوس؛ إله المرح ، وهو "بريابوس" إله الخصوبة الصغير.
غضب "هيفايستوس"
اشتهرت "أفروديت" بقصة خيانتها بين اليونانيين، الذين صوروها على جدرانهم وفي معابدهم، ولعل القصة الأبرز كانت خيانة "هيفايستوس"، الذي قرر أن ينتقم منها ومن حبيبها "آريس"، وبدأ بصنع شبكة معدنية فائقة الجودة كادت تكون غير مرئية، لا سيما أنّه كان ماهراً في الأعمال اليدوية الحرفية، وعلّق الشبكة على فراش "أفروديت". وفي زيارة "آريس" لها حرر "هيفايستوس" الشبكة ليحبس العشيقان فيها واستدعى كل الآلهة ليجعل من "أفروديت| حديثاً لهم.
طلب "بوسيدون" من "هيفايستوس" أن يحرر العاشقين، إلا أنه رفض في بداية الأمر، لكنّه اقتنع بعدها وحررهما، هرب "آريس" إلى منطقة تراس الواقعة بين بلغاريا واليونان، ورحلت "أفروديت" إلى جزيرة بافوس القبرصية مسقط رأسها كما يشاع.
انتقمت "أفروديت" من إله الشمس فيما بعد وهو الذي كان قد أوشى لزوجها بخيانتها، ويقول المؤرخ مانفريد إن إله الشمس عُرف عند بعض الحضارات العربية والرومانية باسم "بعل سمين"، وحلّت محله "اللات" فيما بعد، ما يدل على وجود ترابط بين الرواية الإغريقية عن "أفروديت" والعربية عن "اللات".
حكم "باريس" وحرب الـ10 أعوام
يقول اليونانيون إن "أفروديت" تسببت في حرب مدتها 10 أعوام، بدأت القصة حين شعرت "إيريس"، إلهة النزاع، بالإهانة لأنها لم تُدعَ إلى زفاف "بيلوس" و"ثيتيس" فقررت أن تنتقم، فرمت تفاحة ذهبية بنقوش تقول "إلى الأعدل"، علماً منها أن ذلك سيسبب جدلاً بين الإلهات الأخريات.
طلبت "أفروديت"، و"هيرا" (إله الزواج)، و"أثينا" (إله الحرب) من "زيوس" (كبير الآلهة) أن يقرر لمن منهن التفاحة.
لكن "زيوس" قرر أن يعطي مهمة الاختيار لـ"باريس" (الإله الخالد)، فوعدت كل واحدة منهن الإله "باريس" بمغريات وهدايا حالما اختارتها، وكانت إحدى الهدايا التي عرضتها "أفروديت"، هي "هيلين"، أجمل امرأة في العالم، وزوجة "مينيلوس" الإسبرطي.
دفعت "أفروديت" بـ"هيلين" لتقع في حب "باريس" وهربت معه بعيداً، فجمع "مينيلوس" حلفاءه في اليونان للقبض على "هيلين"، واستمرت الحرب 10 سنوات.
مهرجان أدونيا
يعد "أدونيا" مهرجاناً مخصصاً للنساء، تخليداً لذكرى موت "أدونيس" حبيب "أفروديت"، وخلال الاحتفال، تغني النساء أغاني حزينة، معيدةً تمثيل جنازة "أدونيس"، كما تقمن بزراعة الحدائق على أسطح المنازل.
اقرأ أيضاً
بعد أن هاجمها المتحولون جنسياً.. سكارليت جوهانسون ترفض أداء دور فتاة تحولت إلى رجل
https://arabicpost.net/entertainment/2018/07/14/%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%B2%D9%81%D8%A7%D9%81-%D9%85%D8%B9%D8%B2-%D9%85%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%84/