جميعنا نسمع بعجائب الدنيا السبع، القديمة والجديدة، لكن قلّة قليلة فقط تعرف متى وكيف بدأت هذه التسمية؟ ولماذا أُطلق عليها إسم "العجائب السبع"؟ ومن اختارها قديماً، ومن يختارها اليوم وعبى أيِّ أساس؟
من أين جاءت الفكرة؟
لم تكن فكرة تدوين عجائب الدنيا السبع فكرةً جديدة، بل تعود إلى المؤرخ اليوناني هيرودوت، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد (425 ق.م – 484 ق.م)، ولُقِّبَ بـِ "أب التاريخ".
يعود أصل كلمة عجائب إلى الكلمة اليونانية Theamata (أي المناظر)، وتمَّ فيما بعد تحريفها لتصبح Thaumata (أي العجائب). وقد قام هيرودوت بتأليف أول لائحةٍ في التاريخ للأماكن الخلّابة، وضمّت عدّة مبانٍ وتماثيل ومدنِ تميّزت بكُبر حجمها وروعة هندستها، في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط – حيث كان يعيش هيرودوت، ولم يتسنَّ له السفر – وكان عددها 7.
لماذا 7؟
نظراً لما يتمتّع به الرقم من رمزية خاصة لدى اليونانيين، حيث يستمدّ أهمّيته من استخدامه بشكلٍ كبير في الطقوس الدينية الخاصة باليونانيين. فالرقم 7 يرتبط بأثينا، آلهة الحكمة والقوة والحرب في الميثولوجيا الإغريقية، كما أنه يمثّل الكمال والوفرة. كما يتمتّع الرقم 7 بخصائص رياضية أشار إليها عالم الرياضيات فيتاغورس. فهو يمثل رقم 5 كواكب قديمة معروفة لدى الإغريق، بالإضافة إلى الشمس والقمر، ليكون عددها 7.
في العصور القديمة، أصبحت هذه العجائب مقصداً للرحّالة والمُستكشفين من جميع أنحاء العالم؛ وكانت هذه العجائب عبارة عن مبانٍ معمارية وفنّية استثثنائية جداً، احتاج بناؤها إلى سنواتٍ طويلة وكان تصميمها دقيقاً جداً.
في بداية الأمر، قام المؤرخ الإغريقي هيرودوت والباحث والشاعر كاليماخوس القيرواني (شرق ليبيا حالياً) بإنشاء أول قائمة تضمّ العجائب السبع أعلنا عنها من داخل متحفٍ في مدينة الاسكندرية.
بعد هيرودوت، قام بعض المؤرخين بوضع قوائم متفاوتة خاصة بهم، يصفون فيها العجائب التي رأوها؛ فوُجد 7 عجائب متّفق عليها بين معظم المؤرخين، وقد شكّلت لسنواتٍ طويلة لاحقة عجائب الدنيا السبع. وهي: حدائق بابل المعلّقة في العراق، هرم خوفو في الجيزة المصرية، تمثال زيوس في مدينة أولومبيا (تركيا حالياً)، هيكل أرتيميس في مدينة أفسس (تركيا حالياً)، ضريح الملك اليوناني موسولوس في تركيا حالياً، تمثال رودس على مدخل ميناء ماندراكيّ في جزيرة اليونان، ومنارة الاسكندرية في مصر.
التاريخ الحديث للعجائب
تولَّت اليونسكو، وهي هيئةٌ الأمم المتّحدة للتربية والثقافة والعلوم، مهمّة اختيار عجائب الدنيا السبع في التاريخ الحديث حتى العام 1999؛ حين قام منتج أفلامٍ كندي من أصل سويسري، ويُدعى برنارد ويبر، بإطلاق مشروعٍ استثماري عبر إنشاء شركة ربحية باسم "مؤسَّسة العالم المفتوح الجديد". الشركة تهدف إلى الحصول على الأرباح، من خلال إشراك الأفراد من مختلف أنحاء العالم، للتصويت على قائمة عجائب الدنيا.
في العام 2000، بدأ تصويتٌ عالمي على العجائب الجديدة. وبعد مشاورات مع اليونسكو، تمَّ الاتفاق على أن تُشرف الهيئة على المشروع، وساعدت على اختيار المواقع الأولى التي بدأ التصويت عليها.
عملية اختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة تنظّمها مؤسَّسة، تمَّ تأسيسها في العام 2002 خصّيصاً للإشراف على عمل وأداء المشروع، تحمل اسم New 7 Wonders، تتّخذ من زيورخ في سويسرا مقرّاً لها وأسَّسها ويبر نفسه.
وتُنفّذ عملية الاختيار من قِبَل لجنة تحكيمٍ، مؤلفة من خبراء أثريين ومعماريين، بالإضافة إلى المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو فيدرو تومابوت. وقد مرَّت بمراحل عدّة – استمرّت 6 سنوات – ومع بداية العام 2006، بدأ التصويت الفعلي على 430 موقعاً تاريخياً عالمياً، أسفر عن اختيار 261 موقعاً؛ تمَّ تصنيفها لاحقاً إلى 77، لم يبقَ ضمن المنافسة إلا 21 موقعاً فقط!
وفي 7 تموز/يوليو 2007، أُعلنت نتائج التصويت في مدينة ليشبونة البرتغالية، في حفلٍ ضخم قدَّمته الممثلة الأميركية هيلاري سوانك والممثل البريطاني بن كنغسلي. وقد أُعلن عن عجائب الدنيا السبع الجديدة، وهي: هرم تشيتشن إيتزا في المكسيك، تمثال السيد المسيح الضخم في ريو دي جنيرو، الكولوسيوم وسط مدينة روما، سور الصين العظيم، مدينة ماتشو بيتشو في البيرو، مدينة البتراء في الأردن، ضريح تاج محلّ في الهند.
انتقادات واحتجاجات
احتجّت مصر على إخراج الأهرامات من قائمة عجائب الدنيا السبع، واعتبرت أن استبعادها مدبّر، مُشيرةً إلى أن أهرامات الجيزة هي الوحيدة المتبقية من عجائب الدنيا السبع القديمة.
هيئة اليونسكو بدورها أعلنت عن عدم اعترافها بنتائج التصويت، وقالت في بيانٍ أصدته عقب إعلان النتائج إن "نظرتها للتراث الإنساني مختلفة تماماً عن نظرة منظّمي مسابقة اختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة".
وأوضحت المتحدثة الرسمية باسم الهيئة سو وليم أن قائمة اليونسكو للتراث العالمي تضمُّ أكثر من 850 موقعاً أثرياً، ولا تقتصر على المعالم الأثرية. وأضافت أن الاختيار هو مبادرة خاصة من مؤسَّسة خاصة وحملة غير علمية وغير ديمقراطية، وأن اليونسكو لا تعترف بنتائج تصويتٍ تمَّ عن طريق الانترنت والرسائل القصيرة عبر الموبايلات، لا سيما وأنه كان يمكن شراء الأصوات.
فقد كان يحقّ لأيّ شخصٍ أن يصوّت مجاناً مرّة واحدة فقط لـِ 7 مواقع، لا يحقّ له اختيار موقعٍ واحدٍ فقط. ولكن في حال أراد التصويت لموقعٍ واحد، يمكنه أن يشتري حق التصويت، من دون وجود حدٍّ أدنى لعدد المرّات المسموح بها شراء الأصوات. كما كان يمكن للمؤسَّسات أو الحكومات المهتمة أن تشتري الأصوات بالجملة، لتعيد استثمارها من خلال بيعها للأفراد، حيث يتمّ ذلك من خلال التصويت عبر أرقامٍ محلية خاصة.
وقد قامت مؤسَّسة العجائب السبعة الجديدة، بالاتفاق مع شركات هواتف دولية، بتنسيق ترتيبات اتصالات المشاركين الراغبين بالتصويت؛ على أن تتقاسم المؤسَّسة الدخل الناتج عن عملية التصويت مع هذه الشركات.
مواضيع قد تهمّك:
بعد إعلانه عن زواجٍ قريب… "عربي بوست" يكشف عن هوية حبيبة زياد الرحباني!
الممثلة زينة توضح حقيقة اعتدائها على عائلة أميركية في دبي.. وهذا أول فيديو للمشاجرة بين الطرفين