في 28 رمضان، فُرضت زكاة الفطر على المسلمين بالسنة الثانية من الهجرة، وبويع الحاكم بأمر الله خليفة للفاطميين في 386هـ، وتوفي المؤرخ الكبير عبد الرحمن ابن خلدون عام 808هـ، هيا بنا نعرف أكثر عن هذه الأحداث التاريخية في هذا الموضوع.
فرض زكاة الفطر
في 28 رمضان 2هـ، فُرضت زكاة الفطر في المدينة المنورة على المسلمين.
خطب النبي قبل عيد الفطر بيوم أو يومين وأمر الناس بإخراج زكاة الفطر، وهي فريضة واجبة على المسلمين، تُدفع قبل صلاة عيد الفطر، أي قبل انتهاء صيام شهر رمضان، وتُفرض على الأشخاص لا على الأموال، حسب المذاهب الفقهية الإسلامية.
وهي واجبة على كل مسلم، وأُضيفت الزكاة إلى الفطر؛ لأنه سبب وجوبها. وتمتاز عن الزكوات الأخرى بأنها مفروضة على الأشخاص لا على الأموال، بمعنى أنها فُرضت لتطهير نفوس الصائمين وليس لتطهير الأموال كما في زكاة المال. ومقدارها صاع من شعير أو تمر أو زبيب أو حليف مجفف.
تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، والسُّنة إخراجها يوم عيد الفطر قبل صلاة العيد. ويجوز تعجيل إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، وقد كان هذا فعل بعض الصحابة.
وفُرضت زكاة الفطر قبل زكاة الأموال، وهي واجبة من القرآن والسُّنة. قال ابن عباس: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين".
بيعة الحاكم بأمر الله الفاطمي
في 28 رمضان 386هـ، تمت مبايعة الحاكم بأمر الله الفاطمي بالخلافة بعد موت أبيه العزيز بالله.
وُلد الحاكم في مصر، واعتُبر آخر الخلفاء الفاطميين الأقوياء، وشهدت فترة حكمه توترات سياسية نتيجة الخلاف مع العباسيين والصراع مع القرامطة.
ولأنه وصل للسلطة في سن مبكرة، فقد كان عرضة لاستغلال أصحاب النفوذ والسلطة، وقامت عليه عدة محاولات للانقلاب ومؤامرات باءت بالفشل، وتمكّن الحاكم من استرداد سلطانه والتخلص من منافسيه، لكنه عُرف كذلك بالعنف والتوسع في القتل والمحاسبة.
وأسس الحاكم دار الحكمة بالقاهرة وحمل الكتب إليها ونصَّب فيها الفقهاء والقراء والنحاة وغيرهم من أرباب العلوم.
ويختلف المؤرخون حول نهاية "الحاكم"، فهناك من يرجح قتله نتيجة مؤامرة قامت بها أخته ست الملك لأسباب شخصية، بعد أن حاول تغيير نظام الوراثة في الحكم وتداوُل السلطة المعمول به لدى الفاطميين.
أوصى الحاكم بولاية العهد لابن عمه عبد الرحيم ابن إلياس، لكن أدى ذلك إلى تنازع انتهى بمقتله، وتقول بعض الروايات إأنه خرج بالليل على حماره إلى جبل المقطم للتأمل ولم يعُد، وخلفه ابنه الظاهر لإعزاز دين الله.
وفاة المؤرخ الكبير ابن خلدون
تُوفي المؤرخ وعالِم الاجتماع الكبير عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون عام 808هـ.
وُلد ابن خلدون في تونس وتخرَّج في جامعة الزيتونة، وانتقل إلى مصر وتولى قضاء المالكية عند السلطان برقوق، وعاش فيها ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406م عن عمر بلغ 76 عاماً ودُفِنَ قرب باب النصر بالقاهرة.
وابنُ خَلدون يعتبر مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد.
التحق ابن خلدون بوظيفة استشارية عند ملك المغرب الأقصى، الذي عيّنه عضواً بمجلسه العلمي في فاس، فدرس على علمائها وأدبائها.
تولى ابن خلدون وظيفة ديوان المظالم عند السلطان أبو سالم في المغرب، وبسبب طموحه سافر إلى الأندلس واستقر بغرناطة في أول سنة 764هـ.
لقي ابن خلدون حفاوة وتكريماً لدى حاكم غرناطة، وعاش هناك في رغد من العيش.
وبعد الانقلاب على حاكم غرناطة، فرَّ ابن خلدون وذهب إلى فاس بالمغرب.
وذهب ابن خلدون مع أسرته، ليكون ضيفاً في أحد قصور "بني عريف" وهو في عمر 45 عاماً، وهناك بدأ كتابة عمله الأهم "كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، والذي صدره بمقدمته الشهيرة التي تناولت شؤون الاجتماع الإنساني وقوانينه.
عاد ابن خلدون إلى تونس مسقط رأسه مرة أخرى، وسافر للحج ليتخلص من ضغوط السلطان عليه، وأقام شهراً بالإسكندرية في طريق الحج، ومنها مر بالقاهرة التي سحرته، ووصفها قائلاً:
"فرأيت حضرة الدنيا، وبستان العالم، ومحشر الأمم، وكرسي الملك، تلوح القصور والأواوين في جوه، وتزهر الخوانك والمدارس بآفاقه، وتضيء البدور والكواكب من علمائه، وقد مثل بشاطئ بحر النيل نهر الجنة، ومدفع مياه السماء، يسقيهم النهل والعلل سيحه، ويحيي إليهم الثمرات والخيرات ثجة، ومررت في سكك المدينة تغص بزحام المارة، وأسواقها تزجر بالنعم…"
التف طلاب العلم حول ابن خلدون في القاهرة وكان منهم تقي الدين المقريزي وابن حجر العسقلاني ، وتولى منب قاضي قضاة المالكية، لكنه فقد أسرته وأولاده وأمواله في حادث غرق أليم تعرضت له السفينة التي أتت بهم من تونس إلى مصر.