حُلم الكتاب المطبوع يظل يراود أي كاتب، لكنه كثيراً ما يصبح أشبه بحلم مستحيل؛ نظراً إلى الصعوبات التي يواجهها في أول الطريق مع دور النشر التي تطلب مالاً لطبع الكتب.
هنا، يقرر بعض الكتّاب، وخاصة من المبدعين، التراجع عن طباعة الكتاب والاكتفاء بما ينشرونه على صفحات الشبكات الاجتماعية. وقد يتوقف البعض عن ممارسة الكتابة نفسها؛ بسبب تحيز الوسط الثقافي والإعلامي لمشاهير الكتّاب وعدم دعم أي مبدع جديد.
كسر احتكار الوسط الثقافي
وسط تلك الأزمة، فكَّر محمود حجاج، أحد العاملين في مجال حقوق الإنسان بمصر، في تقديم حل يحفظ للكاتب حقوقه الأدبية والمادية، وذلك من خلال طرح مبادرة "1000 كاتب"، التي يقول عنها لـ"عربي بوست": "إن احتكار مجموعة بعينها من المثقفين المشهد الثقافي في مصر، كان دافعاً قوياً لتأسيس المبادرة؛ وذلك من أجل تقديم جيل جديد من المبدعين، خاصةً من لا يجدون فرصة لتسويق أعمالهم وخصوصاً المقيمين خارج العاصمة القاهرة".
ويضيف حجاج: "وجاءت هذه المبادرة بهدف دعم الكتّاب الشباب إعلامياً، واستهداف 1000 كاتب من الكتاب المصريين ومشاركين من الدول العربية، وتشكيل لجنة من كبار المثقفين بالتوازي مع لجنة شبابية من المبادرة، لاختيار أفضل 100 كاتب كل 6 أشهر؛ لدعمهم إعلامياً ودخولهم سوق العمل (سينما مسرح، دراما)، وذلك بعقد مؤتمرات وندوات وموائد مستديرة وحلقات نقاشية ومعسكرات بالمحافظات".
وأشار إلى أن بداية تأسيس المبادرة كان خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2017.
الكاتب أولاً
أكد حجاج أن المبادرة تهتم أيضاً بتوعية الكُتاب، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم؛ وذلك لعدم استغلالهم من قِبل دور النشر، تحديداً التي تهتم فقط بالحصول على المال من الكُتاب دون الترويج لأعمالهم، بالإضافة إلى جعلهم يُحققون أفضل مردود أدبي ومادي من أعمالهم المنشورة.
علاوةً على ذلك، أسست المبادرة عدة لجانٍ تابعة لها؛ من أجل تحقيق أهدافها، ومنها وحدة الدعم القانوني لحفظ حقوق الملكية الفكرية، والسعي بشكل جاد لإصدار قوانين وتشريعات قوية لحفظ حقوق الكاتب، بمشاركة منظمات المجتمع المدني وأعضاء البرلمان.
هذا بجانب وحدة الدعم الإعلامي التي تهتم بتسليط الضوء على الكُتاب وأعمالهم وأفكارهم وتسويقها في الإعلام، سواء المقروء أو المسموع أو المرئي، بالإضافة إلى إقامة ندوات ومؤتمرات في المحافظات كافة؛ حتى يتواصل الكاتب مع القارئ بشكل مباشر.
400 كاتب
رغم عدم مرور عام على المبادرة، فإنها استطاعت -كما يوضح حجاج- أن تصل إلى 400 كاتب ومبدع حتى الآن، سواء في مصر أو المنطقة العربية، تسعى حالياً إلى إدخالهم في الوسط الثقافي من خلال عقد مؤتمرات وندوات وحلقات نقاش وموائد مستديرة وورش عمل بالمحافظات، بين الكُتاب وأصحاب دور النشر.
يعود الفضل لما تم تحقيقه في فترة زمنية قصيرة إلى الداعمين للمبادرة، وعن هذا يقول حجاج لـ"عربي بوست": "إن هناك الكثير من مؤسسات المجتمع المدني على مستوى محافظات مصر تدعم المبادرة، ويأتي في مقدمتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومؤسسة العدل لحقوق الإنسان".
وأضاف حجاج أن مقارّ هذه المؤسسات تعد مركزاً لإقامة الفعاليات، وتسويق فكرة المبادرة وآليات تنفيذها. وعن ذلك، يقول حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن المنظمة المصرية تدعم المبادرة بإمكاناتها كافة، ويسعدها استقبال فعالياتها التي تسعى لنشر الوعي وتقوية الثقافة المجتمعية.
كما أوضح أن الراغبين في التواصل مع المبادرة يمكنهم ذلك من خلال صفحتها الرسمية فيسبوك، إذ يتم استقبال أعمال الكتّاب وتصنيفها ثم التواصل مع أصحابها بعد قراءتها، من أجل إصدارها، مشيراً إلى أن بعض دور النشر رحبت بأفكار المبادرة وقررت أن تشارك فيها، وهو ما سيعلَن عنه قريباً.
دمج للثقافات العربية
"كذلك تهتم مبادرة 1000 كاتب بالتواصل مع الدول العربية؛ لتوضيح أهمية الفن والثقافة، ودورهما في نبذ العنف ومواجهة التطرف ونشر السلام"، حسبما قال حجاج.
وفي هذا الإطار، تم التواصل مع سفارتي دولتي اليمن والسودان؛ لاكتشاف الكُتاب والمبدعين فيهما، وتم توقيع بروتوكول تعاون بين الجانب المصري وهاتين الدولتين؛ من أجل دعم ونشر الثقافة، ووضع مساحة مشتركة للتعاون والحوار بين الشباب العربي؛ لخلق جيل جديد قادر على الحوار وتقبُّل الآخر.