"بلغت من العمر 70 عاماً ولم أتزوج سوى هذه المقتنيات".. بهذه العبارة التي تعبر عن مدى شغفه بنوادر الكتب والمخطوطات، بدأ اللبناني بدر الحاج حديثه عن مقتنياته التي عرضها في معرض الرياض للكتاب.
وقال الحاج لـ"عربي بوست"، إنه شغوف باقتناء تلك المخطوطات منذ 25 عاماً، ويحضر لأول مرة إلى السعودية للمشاركة في المعرض.
"الحاج"، المقيم بشكل شبه دائم بلندن، جاء لأول مرة للسعودية عارضاً مخطوطات نادرة؛ بل يقول إن البعض منها بالكاد لا يوجد منه نسخة أخرى بأي مكان آخر في العالم.
ولفت إلى أنها حظيت بإقبال كبير من مرتادي المعرض، ليس بغرض اقتنائها وشرائها؛ بل إعجاباً في الأساس بعراقتها واستغراباً من أسعارها الخيالية.
ورأى الحاج أن اندهاش الناس من أسعار معروضاته سببه أنهم اعتادوا الكتب الحديثة وأسعارها الزهيدة.
وقال: "العكس يحدث في أوروبا، فهم اعتادوا نوادر الكتب والمخطوطات، لكن السعوديين لديهم شغف كبير بمعرفة تاريخ هذه المعروضات ولديهم أسئلة كثيرة حول التاريخ، خصوصاً تاريخ شبه الجزيرة العربية".
الحاج باع عدداً لا بأس منه من معروضاته النادرة في الرياض، وبلغ سعر أعلى كتاب باعه 10 آلاف جنيه إسترليني؛ أي ما يعادل نحو 45 ألفاً و600 دولار ريال سعودي، وكان الكتاب يتحدث عن تاريخ شبه الجزيرة العربية ويعود تاريخه للقرن التاسع عشر.
للتصوير فقط
"أكثر السعوديين يأتون للتصوير فقط!"، كان هذا ما قاله السبعيني اللبناني، وعزا ذلك إلى أن أسعار مقتنياته تعتبر بالنسبة لهم باهظة جداً؛ وكذلك لأنهم غير مهتمين باقتناء نوادر الكتب.
واستدرك قائلاً: "لكن ثمة فئة قليلة جداً تهتم بها وقامت بشرائها وهم "الأثرياء والمهتمون بالمتاحف".
ويأتي ضمن نوادر المخطوطات التي حرص السعوديون على تصويرها وتعد أغلى ما عُرض للبيع في معرض الحاج بدر، مخطوطة للسجاد الشرقي وتعود لما قبل سنة 1800 لـ"فريدريك مارتن" صانع ومصمم الغيتارات الأميركي الألماني المولد، وكُتب عليها نسخة محدودة ومرقمة، ويبلغ سعرها 318 ألف ريال سعودي؛ أي ما يعادل نحو 84 ألفاً و916 دولاراً أميركياً.
المخطوطات النادرة لدى "الحاج" مختلفة من حيث ميولها وأزمنتها وكذلك أسعارها، فثمة مصحف وُسم بعنوان روائع المخطوطات القرآنية يعود لعام 2002، ومجلد آخر يعود لعام 1850 وهو يهتم بتاريخ العرب في الأندلس ويُعتبر سعره باهظاً للغاية؛ إذ عُرض بـ88 ألفاً و182 ريالاً؛ أي نحو 23 ألفاً و500 دولار أميركي.
كتاب غير متوقع
وما لم يكن متوقعاً للكثيرين من مرتادي المعرض، أن كتاب العالم المسلم جابر بن حيان (أبحاث في علم الكيمياء) سيكون متاحاً أمامهم على الطبيعة وبإمكانهم كذلك التصوير معه، حيث حظي بإقبال كبير؛ نظراً لعراقته وكذلك لسعره المرتفع، وتبلغ قيمته 93 ألفاً و192 ريالاً سعودياً (الدولار يساوي 3.748 ريال)..
هذا ما اشتراه السعوديون
" تاريخ الجزيرة العربية ومعرفة أحداثها، كان هو الشيء الذي حرصوا على اقتنائه"، هذا كان جواب "الحاج" عن سؤال بشأن ما ابتاعه السعوديون من المخطوطات والكتب العتيقة.
وأوضح أن أسعار هذه الكتب مناسبة جداً للمهتمين؛ إذ تتراوح ما بين 2000 إلى 5000 ريال سعودي.
الرجل السبعيني الشغوف بجمع الكتب والمخطوطات القديمة والأثرية، يقول إنه أتى من لندن بـ184 عنواناً تهتم بالتاريخ الإسلامي والجغرافيا والأدب، كان قد حازها عبر المزادات التي تقام في ألمانيا وفرنسا وببلدان أخرى.
فهد حمد المطيري، أحد الذين حرصوا على التصوير مع هذه المخطوطات، وهو زائر كان قد أتى من مدينة الزلفي التي تبعد عن العاصمة الرياض بنحو 300 كم، يقول لـ"عربي بوست" إنه لم يكن يتوقع أن يصل سعر تلك المخطوطات لهذا الرقم.
وتابع ضاحكاَ، بعد تصوير أحد الكتب والذي يتناول تاريخ المسلمين في الأندلس: "قيمة الواحدة منها قد تكون كفيلة بتوفير تكاليف زواجي ومنزل العمر".