عانت النساء، على مر التاريخ، التمييز في عدة مجالات، من أبرزها المجال العلمي؛ إذ حُرمت الفتيات من التعليم قديماً، ومن ثم حُرمن من فرصة منافسة الرجال علمياً، حتى مَن حالفها الحظ، وتلقت قدراً لا بأس به من العلم مكَّنها من ابتكار اختراعٍ ما، وجدت نفسها تواجه العديد من العراقيل التي منعتها من نيل المال، أو الشهرة، أو حتى التقدير الذي ناله معظم المخترعين المعروفين.
ولذلك، سنتعرف معاً في هذا التقرير، على نساء عظيمات قدمن اختراعات رائعة لنا، فيما لا يعلم معظمنا أنها من ابتكار الجنس الناعم:
1- آلة صنع الأكياس الورقية
تعد الأكياس الورقية، إلى جانب الأكياس البلاستيكية، أحد أكثر المنتجات استعمالاً في العالم؛ لما تقدمه من دور عملي جداً في حمل المشتريات، والأغراض، فيما يقدر استهلاك الولايات المتحدة الأميركية وحدها من هذا المنتج بأكثر من 10 مليارات كيس ورقي سنوياً.
ولم نكن نحظى بهذا الاختراع المهم لولا العالمة، والمخترعة الأميركية، مارغريت نايت، والتي توصلت إليه في منتصف القرن التاسع عشر.
وفي الواقع، لم تخترع "نايت" آلة صنع الأكياس الورقية تحديداً؛ لأنها كانت شائعة في ذلك الوقت، إلا أن ما اخترعته كان آلة صنع الأكياس الورقية بشكلها الحالي، أي تلك الأكياس التي تملك قاعدة مسطحة تمكّن المشتري من ترتيب بضائعه بشكلٍ أسهل.
وقد أسال هذا الاختراع لُعاب شخص يُدعى شارلز أنان، فسرق فكرة "نايت"، وسبقها ليُسجل الآلة باسمه، وحاز بذلك براءة الاختراع، ومن ثم أصبح من حقه الحصول على أموال طائلة بفضل اختراع قام بسرقته.
بل كانت حجته عندما حاربته "نايت" في المحكمة، هي أنها كاذبة بكل بساطة؛ لأنه لا يمكن لامرأة أبداً أن تكون قادرة على اختراع شيء مماثل، ولكنه خسر القضية بعد أن قدمت المخترعة الحقيقية التصاميم الأصلية للآلة إلى المحكمة، لتتمكن من الحصول على براءة اختراعها في عام 1871.
2- آلة غسل الأطباق
بدأت قصة اختراع آلة غسل الأطباق، والتي سهلت مهمة الملايين من نساء العالم، عندما كسر أحد خادمي المخترعة الأميركية، جوزيفين كوشران، عدداً من الأطباق في أثناء غسلها، وهو الأمر الذي دفع هذه السيدة الغنية إلى التفكير في إمكانية اختراع آلة لغسل الأطباق؛ بغرض مساعدة خادميها، وبالتأكيد، لضمان عدم كسر المزيد من الأطباق الباهظة الثمن.
واستمرت محاولات "كوشران" عدة أشهر دون فائدة، إلى أن اقتربت من فقدان الأمل، إلا أن وفاة زوجها والديون التي خلفها بعد رحيله، أجبرتها على متابعة العمل، لكن هذه المرة بهدف بيع الآلة، وليس الاستفادة الشخصية منها، مستعينةً في ذلك بميكانيكي يدعى جورج باترز، وتمكنت في النهاية من اختراع آلة غسل الأطباق، ثم الحصول على براءة اختراعها سنة 1886.
ولكن على غير المتوقع، لم ينل الاختراع اهتمام ربات البيوت، لكنه لقي إقبالاً من طرف المطاعم والفنادق، وهو الأمر الذي حقق أرباحاً مكّنت "كوشران"، من تأسيس شركة Cochrane's Creatio المتخصصة في بيع آلات غسل الأطباق، وهي الشركة التي أصبحت فيما بعد تحمل اسم Whirlpool الشهير، بعد أن اشترتها شركة Hobart، عام 1916.
3- ماسحة زجاج السيارة
قد نتفق جميعاً على أن دور ماسحات زجاج السيارات، يتعدى كونها أداة لتنظيف الزجاج إلى كونها واقية للسائقين من خطر حوادث الطرق؛ لما تزيله هذه الماسحات من أمطار، أو ثلوج قد تعيق رؤية السائق وتتسبب في حدوث ما لا يحمد عقباه.
إلا أن هذا الاختراع الهام لم يكن له وجود عند بداية ظهور السيارات، فقد كان السائقون يخرجون أيديهم من النافذة، ويسمحون الزجاج بأنفسهم في أثناء القيادة، وهو الأمر الذي لاحظته المخترعة الأميركية، ماري أندرسون، فقررت ابتكار أداة قادرة على القيام بهذه المهمة.
وتمكنت "ماري"، بالفعل، من اختراع أول ماسحة آلية لزجاج السيارات، صنعتها باستخدام الخشب، والمطاط، وحصلت على براءة اختراعها عام 1903، إلا أن ابتكارها قوبل بالرفض، والسخرية من طرف شركات تصنيع السيارات، وقلل السائقون من شأنه، معتبرين وضع جسم كهذا على زجاج سياراتهم، سيشتت انتباههم أكثر من أن يساعدهم.
فيما لم يبدأ الاهتمام الحقيقي بهذا الاختراع إلا بعد 10 سنوات، أي ابتداءً من عام 1913. ولكن للأسف، كانت مدة صلاحية شهادة حق الملكية قد انتهت، ولم تجددها "ماري" بعد أن اقتنعت بأن اختراعها عديم الجدوى، ومن ثم لم تستطع الحصول على أية أرباح من المبيعات التي حققتها الماسحات، بعد أن اكتسبت شهرة واسعة.
4- الكيفلار
تمكنت الباحثة الكيميائية الأميركية، ستيفاني كوليك، في بداية الستينات، من ابتكار مادة عظيمة، وهي مادة "الكيفلار"، والتي تعد من أقوى المواد على كوكبنا؛ ويُصنع منها ذلك النسيج الخفيف، والذي يعد أقوى من الفولاذ بـ5 أضعاف، بالإضافة إلى كونه قادراً على تحمّل أقسى درجات الحرارة، والبرودة.
وتُستخدم هذه المادة في عدة مجالات؛ نذكر منها صناعة البذل الواقية من الرصاص، والسيارات، والقوارب، وحتى في صناعة بذل الفضاء.
5- جدول "أبغار"
يعتبر جدول "أبغار" أول فحص طبي يخضع له الإنسان عند ولادته، ويساعد الأطباء على تقييم الحالة الصحية للمولود بشكل سريع جداً، ويرجع اكتشاف هذا الجدول إلى طبيبة تخدير أميركية تُدعى فيرجينيا أبغار، والتي ابتكرت هذا الاختراع العظيم في بداية الخمسينات، بعد فترة كانت نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة فيها مرتفعة جداً.
وكان الهدف من صنع هذا الجدول، الذي يُستخدم حالياً في جميع أنحاء العالم، هو تحديد الوضع الصحي للمولود بشكل سريع، يمكّن الأطباء من التدخل لإنقاذه قبل فوات الأوان؛ إذ يتكون الجدول من 5 معايير؛ هي: التنفس، والمظهر، ورد الفعل، والنشاط العضلي، ومعدل النبض. ويُرصد لكل معيار من هذه المعايير درجات من صفر إلى اثنين، ثم يُجمع عدد الدرجات النهائي؛ للتعرف على الوضع الصحي للطفل.