منذ خُلقت الأرض والإنسان يبحث عن الله وعن طرق يقربه إليه، لذا يرى المؤمنون بعشرات الأديان المختلفة أن بعض الأماكن المقدسة تقرّبهم أكثر من ربهم، فيعمدون على زيارتها بشكلٍ دوري.
وتقترن بعض الأماكن الدينية في العالم بمعانٍ ودلالات معينة في قلوب الحجاج إليها، وقد شهدت تلك المزارات الدينية قصص وأحداث تاريخية ملهمة بالنسبة لمعتنقي تلك الديانات.
نقدم فيما يلي قائمةً بأبرز المزارات الدينية المقدسة في أرجاء العالم:
1- المسجد الحرام في مكة
يقع الحرم المكي جغرافياً في مدينة مكة السعودية، وهو قبلة المسلمين في العالم، ويتوسط الحرم المكي الكعبة المشرفة، فيما يوجد ملحقات مقدسة في الحرم المكي مثل الصفا والمروة وحِجر إسماعيل وبئر زمزم.
وفي شهر ذي الحجة من كل عام، يبدأ موسم الحج لدى المسلمين، حيث يأتون من كل حدب، وتبدأ شعائر الحج من الطواف حول الكعبة إلى السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات وغيرها، حيث يجاوز عددهم المليون حاج سنوياً.
2- المسجد الأقصى
المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني بعد المسجد الحرام، والأرجح أنه بناه آدم – عليه السلام -، وعمره النبي إبراهيم في العام 2000 قبل الميلاد، ثم تولى المهمة أبناؤه النبيان إسحاق ويعقوب من بعده، كما جدده النبي سليمان حوالي العام 1000 قبل الميلاد.
وكان المسجد الأقصى وجهة النبي محمد في رحلة الإسراء والمعراج، وفي واحدة من أشهر الفتوحات الإسلامية عام 15 للهجرة (636 للميلاد)، جاء الخليفة المسلم عمر بن الخطاب من المدينة المنورة إلى القدس وتسلم مفاتيحها من سكانها في اتفاق مشهور بـ "العهدة العمرية".
يشتمل المسجد الأقصى على عدد من الأبنية والمعالم التراثية يصل عددها إلى 200 معلم، فيما يتحفظ بعض العلماء المسلمون على السماح بزيارته من المسلمين من خارج القدس على اعتبار كون ذلك تطبيعاً مع إسرائيل.
3- مدينة كربلاء
تقع مدينة كربلاء في العراق، ويعود تأسيسها إلى العهد البابلي، فيما تعتبر من إحدى المدن المقدسة لدى طائفة الشيعة وذلك لوجود ضريح الصحابي الحسين بن علي وأصحابه الذين قتلوا معه في واحدة من أعظم المعارك في التاريخ الإسلامي التي تعرف باسم "الطف" يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول من العام 680.
ويسمى هذا اليوم بـ "عاشوراء"، وفي هذا اليوم من كل عام يحيي ملايين الشيعة ذكرى مقتل الحسين بالمدينة العراقية، ويرى الشيعة بأن صيام يوم "عاشوراء" مكروهاً، فيما يكتفون بالامتناع عن الماء تشبهاً بعطش الحسين وآل بيته في ذلك اليوم.
كما يقومون بإشعال النيران والتي ترمز للحرارة العالية فى ذلك اليوم، ويبدأون احتفالاً بتعذيب أنفسهم، وتختلف طرق ذلك فالبعض يكتفي بارتداء اللباس الأسود، وآخرون يضربون بالسيوف على رؤوسهم حتى ينزف بغزارة.
4- كنيسة القيامة في القدس
تقع هذه الكنيسة في قلب القدس وبحسب العقائد المسيحية فهي المكان الذي انتهت فيه آلام المسيح، حيث دُفن "يسوع" بعد صلبه وبُعث في المكان نفسه.
وقد بنت الكنيسة القديسة هيلانة والدة قسطنطين الذي حاول أن يجمع بين السلطتين السياسية والدينية، فيما يحمل مفتاح الكنيسة منذ 8 قرون وحتى اليوم عائلتان مقدسيتان مسلمتان، هما آل جودة (آل غضية)، وهم أمناء لمفتاح الكنيسة، والعائلة الثانية هي (نسيبة) الذين يقومون بمهمة فتح الكنيسة وإغلاقها.
فيما يأتي للكنيسة زوار من حول العالم ولا يذهب أي مسيحي إلى القدس دون زيارتها، وتعتبر ذروة الزيارات فى عيد القيامة المجيد وخاصة يوم "سبت النور" حيث يقام قداس كبير في كنيسة القيامة يرأسه بطريرك الروم الأرثوذكس.
حيث يتم تنظيم موكب محاكاة للسياح لتتبع خطوات المسيح في طريق الآلام بالقدس الشرقية ، تنتهي بخروج النار من القبر المقدس (المكان الذي يعتقد أن المسيح دُفن فيه) يشعل منها البطريرك الشمع والقناديل في صحن الكنيسة.
5- كاتدرائية نوتردام بفرنسا
كاتدرائية نوتردام، ترجمتها للعربية كنيسة سيدتنا (مريم العذراء) وهي المبنى الديني الرئيسي في باريس، منذ بنائها في القرن الـ 13، كما تعتبر من أكثر الأماكن الدينية المقدسة في المسيحية.
بنيت الكنيسة مكان بناء أول كنيسة مسيحية في باريس، وهي "بازيليك القديس استيفان" التي بنيت في القرن الرابع، والتي كانت بدورها مبنية على أنقاض معبد "جوبيتير الگالو-روماني".
فيما بنى الكنيسة للمرة الأولى الملك شيلدبرت الأول ملك الفرنجة وذلك في العام 528، وأصبحت كاتدرائية مدينة باريس في القرن العاشر بشكلها المعماري الخلاب من القرون الوسطى .
6- الفاتيكان
تقع مدينة الفاتيكان -وهي أصغر دولة من حيث المساحة في العالم، وقع في قلب العاصمة الإيطالية روما، حيث تحيط بها من جميع الجهات، وتفصل بينهما أسوار خاصة، ورغم صغر حجمها إلا أنها تستنبط أهميتها من كونها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية.
عرفت الفاتيكان بشكلها المستقل في 7 يونيو/تموز 1929، فيما أدرجت على لائحة اليونسكو كأحد مواقع التراث العالمي، وهي الدولة الوحيدة المدرجة بكاملها على تلك اللائحة.
فيما تعد من أهم المعالم فى الفاتيكان كاتدرائية القديس بطرس، وتعرف رسمياً باسم (بازيليك القديس بطرس البابوية)، وبطرس هو أحد التلاميذ الـ 12 ومن المقربين ليسوع، وبحسب العقائد الكاثوليكية فإن يسوع قد سلّمه زمام إدارة الكنيسة من بعده، وبالتالي كان بطرس البابا الأول للكنيسة الكاثوليكية وكذلك أول أسقف لمدينة روما.
بُنيت الكنيسة في أواخر عصر النهضة، فيما تعتبر أكبر كنيسة داخلية من حيث المساحة، وبحسب التقليد الكاثوليكي فهي تحوي ضريح القديس بطرس، حيث يقع الضريح مباشرة تحت المذبح الرئيسي للكاتدرائية والذي يسمى "مذبح الاعتراف" أو "مذبح القديس بطرس".
وتحتوي الكاتدرائية على عدد كبير من القطع الفنية التي تعود لفترة عصر النهضة والفترات اللاحقة لها، ولعل من أهمها أعمال مايكل آنجلو.
كما تشهد مدينة الفاتيكان 8 ملايين زائر سنوياً من شتى أنحاء العالم خاصة فى احتفالات الكريسماس أو في عيد القيامة المجيد.
7- القدس
تعتبر القدس مدينة مقدسة عند أتباع الديانات السماوية الثلاث: اليهودية، المسيحية، الإسلام.
أما بالنسبة لليهود، فقد أصبحت أقدس المواقع لوجود حائط البراق أو حائط المبكى، الذي يعتبره اليهود الحائط الأثري الأخير الباقي من هيكل سليمان.
في رأي أغلبية الحاخامين اليهود، يكون الدخول إلى الحرم القدسي محظوراً على اليهود منذ خراب الهيكل، فلذلك الحائط هو أقرب نقطة من مكان الهيكل التي يمكن لليهود الصلاة فيها حسب الشريعة اليهودية العصرية.
لذا فهم يعتبرون هذا المكان قبلة صلاتهم الأخيرة ويؤدون طقوس الصلاة والحداد أمام ذلك الحائط ، ويكون من ضمن تلك الطقوس إظهار الندم و التباكي حداداً على هيكل النبي سليمان عليه السلام.
8- مدينة فاراناسي بالهند
تقع مدينة فاراناسي على ضفاف نهر الغانغ في الولاية الهندية اوتار براديش، وتعتبر من المدن المقدسة لدى البوذيين والهندوس والجانيين، إذ أنها واحدة من أقدم المدن الهندية ويعود تاريخها إلى آلاف السنين، وكثيراً ما يشار إليها بمدينة المعابد والعلم.
ويعتبر نهر الغانج من أكثر المناظر جاذبية في مدينة فاراناسي ويأتي إليه الهندوس من مختلف أجزاء الهند بغرض الزيارة والاستحمام بمائه المقدس، ما قاموا بتشييد دَرَج على طول نهر الغانج يُدعى غاتس، وذلك .للاستحمام قبل أداء صلواتهم اليومية، كما تشتهر المدينة بمعابدها الكبيرة والأديرة والقصور
فيما يذهب للمدينة حوالي مليون زائر سنوياً، وذلك بسبب إيمانهم بأن إحراق جثثهم فيها سيحرر أرواحهم، ويجعلها جزء من الروح الإلهية الخالدة في النعيم.
9- المعبد الذهبي في الهند
يعد المعبد الذهبي في الهند مزار السيخ الأول والأقدس، إذ يحتفظون فيه بمخطوطاتهم وآثارهم الدينية، يقع في مدينة أمريتسار في ولاية البنجاب الهندية.
وتكمن أهمية المعبد الدينية من الحوض الذي يحيط بالمزار المركزي المسمى "أمريت ساروفار"، والذي اكتسبت مدينة أمريتسار اسمها منه، وقد تم اكتشافه على يد زعيم الطائفة الرابع رام داس عام 1577.
ويحيط بالحوض ممر رخامي يقدسه السيخ، لاعتقادهم بأن مياهه مقدسة ولها قوة شافية، وبالإضافة إلى قدسية هذا المعبد فإنه يعد أكبر مطعم في العالم حيث توجد داخله العديد من المطابخ، ويتم فيه تقديم الطعام لجميع الزوار من خلال التبرعات والمتطوعين الذين يعملون على إطعام 100 ألف شخص يومياً.
10- الحدائق البهائية
في شمال فلسطين، يوجد ضريحين لأبرز رجال الدين البهائي لذا فهي تعد من أهم القبلات لمعتقدي الدين البهائي، وتعتبر حدائق البهائيين من أقدس المناطق البهائية التي يزورها قرابة نصف مليون شخص سنوياً.
ويحج البهائيون سنوياً إلى المركز العالمي البهائي في عكا وحيفا والسبب في هذا الحج أنه تم نفي بهاء الله من بغداد إلى اسطنبول، ووصول إلى فلسطين حيث سُجن في قلعة عكا، ويقصد البهائيون في حجهم مدفن البهاء بعكا.
11- لومبيني
تعتبر لومبيني في نيبال من أقدس الأماكن البوذية، حيث أنها مسقط رأس المعلم الأعظم بوذا في النيبال، وأيضاً المكان حيث جائه الوحي أو التنوير للمرة الأولى.
وتتميز طقوس الحج في البوذية بقطعهم مسافات طويلة متعبدين مشياً على الأقدام وبشكل جماعي، ويقومون بالتأملات الطويلة خلال رحلتهم، إضافة إلى الأناشيد الروحية من دون موسيقى.
