الزلازل ظواهر طبيعية تنشأ نتيجة حركة في الصفائح الصخرية وانزلاقات في طبقات الأرض بفعل البراكين، وتتسب في تشقق الأرض وأمواج عالية تحت سطح البحر فيما يعرف بـ "تسونامي".
تصنف الزلازل بحسب مدى قوتها وفقاً لمقياس ريختر؛ إذ يعتبر الزلزال من 1 إلى 4 زلزالاً بسيطاً، ومن 4 إلى 6 زلزالاً متوسطاً، وقد يتسب في أضرار للمنازل والمباني، أما من 7 إلى 10 فيكون زلزالاً مدمراً؛ إذ يصل الأمر لتدمير مدن بأكملها.
منطقة الشرق الأوسط شهدت عبر التاريخ سلسلةً من الزلازل، كان بعضها مدمراً، وخلف الكثير من الخسائر البشرية والمادية، نذكر لكم أبرزها:
إيران
وضعت الطبيعة الجيولوجية إيران في دائرة الدول الأكثر عرضة للزلازل؛ إذ سجل التاريخ سلسلة طويلة من الزلازل التي شهدتها إيران، ففي العام 856، شهدت مدينة دمغان الإيرانية وقوع زلزال مدمر، تسبب في مصرع 200 ألف شخص بحسب موقع "لايف ساينس"، كما تعرضت مدينة أردابيل لزلزال آخر في 23 مارس/آذار من العام 893، أدى إلى مقتل 150 ألف شخص.
وفي مدينة تبريز الإيرانية، في نوفمبر/تشرين الثاني 1727، تسبب زلزال شديد بقوة 7.7 ريختر، في مصرع 77 ألفاً.
ثم في العام 1978، تعرضت مدينة طبس (شرق إيران)، لزلزال قوي بلغ 7.8 بمقياس ريختر، أدى إلى سقوط ما يقرب من 15 ألف قتيلاً، وتدمير المدينة.
وشهد العام 1990 تعرض مدينة جيلان (شمال إيران)، لزلزال بلغت قوته 7.4 ريختر، تسبب في خسائر بشرية وصلت إلى 50 ألف قتيل، و60 ألف مصاب، كما أدى هذا الزلزال إلى تشريد آلاف الأشخاص، بالإضافة إلى الخسائر المادية الهائلة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2003 ضرب زلزال مدمر مدينة بام (شمال شرق مدينة كرمان الإيرانية)، بلغت قوته 6.6 ريختر، وخلف خسائر بشرية ضخمة قُدرت بحوالي 42 ألف قتيل.
وفي أبريل/نيسان 2013 ضرب زلزال بقوة 7.8 ريختر، جنوب شرق إيران، على عمق 80 كم شمال مدينة سارافان، بالقرب من حدود باكستان، أسفر عن وقوع مئات القتلى، كما تسبب كذلك في وقوع عدد من القتلى بباكستان المجاورة، وشعر كذلك سكان دولة الإمارات، والكويت، ومدينة الرياض بالسعودية بالهزة الأرضية، بحسب موقع قناة دويتش فيله.
وفي أغسطس/آب 2012 ضرب زلزالان متتابعان منطقة تبريز، شمال غربي إيران، وبلغت قوته 6.2 بمقياس ريختر، وخلّفا مئات القتلى والجرحى.
مصر
في القرن الـ 19 قبل الميلاد، تعرضت مصر إلى زلزال مدمر وصل من واحة سيوة غرباً إلى بلاد الصعيد جنوباً، ما أدى إلى دمار كثيرٍ من القرى.
وفي أواخر الدولة الوسطى حدث زلزال عنيف وترك أثراً كبيراً على معبد الكرنك وبلاد النوبة، وامتد إلى البحر الأحمر، مما أدى إلى تصدع معبد أمنحتب الثالث والملكة تي، وتماثيل الملك أمنحتب ومباني الرخاسيوم، وفقاً لموقع أرشيف مصر.
كذلك زلزال الإسكندرية الكبير الذي أدى إلى غرق بعض أحياء الإسكندرية في العصر القديم، والذي اختفى فيه البحر الإمبراطوري ومعبد إيزيس وطريق الأعمدة تحت سطح البحر الأبيض المتوسط.
أما في القرن الخامس قبل الميلاد، فقد ضرب مصر زلزال مدمر أصاب مدناً كثيرة من مدن البحر الأبيض المتوسط القديمة، ويعتقد بعض العلماء أن السبب هو ارتفاع منسوب مياه البحر الأبيض.
وفي العام 1849، خلف زلزال كبير المئات من الجرحى والمصابين والقتلى، بينما وقع زلزال عنيف في العام 1903، وكان من أقوى وأعنف الزلازل التي شهدتها مصر على مر السنين بعد تأسيس مرصد حلوان، وراح ضحيتها 10 آلاف نسمة.
ويعد زلزال 1992 هو الأشهر والأكثر تدميراً في تاريخ مصر الحديث، حيث ضرب القاهرة بقوة 5.9 ريختر لمدة دقيقتين ونصف، ووقع بسببه عدد كبير من الضحايا قُدرت بحوالي 370 شخصاً، وتشريد قرابة 50 ألفاً آخرين، ويعتبر من أسوأ الزلازل التي ضربت مصر في العصر الحديث.
الجزائر
لدولة الجزائر نصيب كبير من الهزات الأرضية عبر تاريخها، والتي خلفت وراءها الكثير من الخسائر المادية والبشرية، ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1887 وقع زلزال بمدينة القلعة، بلغت قوته 6.5 ريختر، وأدى إلى هدم 80 مسكناً، وتحطم مسجد المدينة، كما تعرضت مدينة غورايه بالجزائر إلى زلزال بقوة 7.5 ريختر في يناير/كانون الثاني من العام 1891، بلغ عدد ضحاياه 38 وهدم 53 مسكناً.
وفي يونيو/حزيران من العان 1910، ضرب زلزال مقياسه 6.4 ريختر بلدة الحوش وسور الغزلان، كما شهد العام 1960 زلزالاً وقع بمدينة بجاية بقوة 5.6 ريختر، بلغ عدد ضحاياه 264 قتيلاً و112 جريحاً، إلى جانب هدم عدد كبير من المساكن.
وفي مدينة شلف الجزائرية وقع زلزالان مدمران؛ أولهما كان في سبتمبر/أيلول من العام 1954، والذي كان بقوة 6.5 ريختر، وأدى إلى مصرع 1234 شخصاً، وإصابة العديد من الأشخاص، إلى جانب الخسائر المادية.
أما الزلزال الثاني، فوقع في أكتوبر/تشرين الأول من العام 1980، وكان أشد تدميراً إذ بلغت قوته 7.3 ريختر، وأدى إلى وقوع أكثر من ألفي قتيلاً وآلاف الجرحى، كما يذكر أن هذا الزلزال قد دمر ما يقرب من 80% من مدينة الشلف آنذاك، إلى جانب صدع طوله 36 كيلومتراً بالقرب من منطقة أولاد عباس.
وفي العام 2003، تعرضت مدينة بومرداس شمالي الجزائر التي تبعد 50 كيلومتراً عن العاصمة، إلى هزة قوية بلغت 6.8 ريختر، أدت إلى مصرع 2,266 شخصاً، وإصابة 10 آلاف آخرين، وانهار أكثر من 1,243 مبنى، إلى جانب تضرر البنية التحتية، وتضرر كوابل الاتصال البحرية، حيث قدرت الخسائر المادية بحوالي 100 مليون دولار تقريباً.
سوريا
تقع حلب في الجزء الشمالي من سوريا، وتعتبر جزءاً من فالق تصدع البحر الميت، لذا فلها تاريخ طويل مع الزلازل إذ قُدرت الهزات التي تعرضت لها بنحو حوالي 25 زلزالاً منذ تأسيسها وحتى العام 1900، نذكر هنا أبرزها:
في العام 528، وقع زلزال مدمر في مدينتي أنطاكيا وحلب، وطال الدمار كذلك مدينة القدس، كما شعر به أهل مصر وتركيا وأرمينيا، وحدث انهيار في الأراضي وسقوط الجبال في منطقة الفرات، ويقال إن نهر الفرات غير مجراه نتيجة هذا الزلزال.
ويذكر التاريخ أنه في العام 551 ضرب زلزالٌ آخر مدينة حلب، وألحق بها الدمار وخربها ووصل عدد ضحاياه إلى 40 ألفاً كما حصل دمار وخراب في أنطاكيا وبيروت.
وفي العام 634، تهدمت حلب وانهارت منازلها ومآذنها وأبراج قلعتها، كما ذكرت كتب التاريخ، كما حدث دمار بشمال غرب سوريا في العام 678 نتيجة زلزال آخر.
وفي العام 860، دمّر زلزال مدينة أنطاكيا بالكامل وتأثرت حلب بشكل كبير، ووصل تأثيرها إلى مكة في السعودية ومصر وتركيا وأرمينيا والقدس.
كما حدث زلزال في العام 951 في حلب، ووقع عدد كبير من الضحايا وتهدم عدد من المنازل وجزء من قلعتها الأثرية الشهيرة.
وقد ذكر النويري في مخطوطه "نهاية الأرب في فنون الأدب" إن الزلازل توالت في سنة 43 للهجرة أياماً متتاليةً، وخسف ببعض القرى وهلك من كان بها.
وقال ابن تغري بردي، "وفيها كثرت الزلازل بحلب والعواصم ودامت 40 يوماً وهلك خلق كثير تحت الردم وتهدم حصن رَعْبان ودلوك وتل حامد وسقط من سور دلوك ثلاثة أبراج".
ويقول ياقوت عن رعبان عن حلب، "وهي مدينة بالثغور بين حلب وسميساط قرب الفرات معدودة في العواصم وهي قلعة خربتها الزلزلة في سنة 340 للهجرة فأنفذ إليها سيف الدولة أبا فراس بن حمدان في قطعة من الجيش فأعاد عمارتها في 37 يوماً".
وفي العام 1138، كانت حلب مركزاً لهذا الزلزال وتعاقبت سلسلتان من الموجات الاهتزازية وكان عددها كحد أدنى 80 هزة، وقدرت قوته بـ 8,5 ريختر، وصل فيها عدد القتلى إلى 230 ألفاً تقريباً.
وبحسب كتب التاريخ فقد وصف ابن القلنسي هذا الزلزال قائلاً، "هذا الزلزال تمركز في حلب وجوارها وفي هذه المناطق كان أشد تأثيراً وحصل الدمار والخراب وانهارت المباني وحصلت الحرائق وتهدمت البيوت على رؤوس أصحابها، وأهالي حلب هجروا بيوتهم وديارهم بذعر وحصل 100 هزة وكان عدد ضحايا هذا الزلزال 130 ألف ضحية".
كما شهد العام 1156 زلزالاً شديداً كان عبارة عما يقرب من 40 هزة على فترات متقاربة، في محيط مدينتي حلب وحماة، وهُدِم كثير من الأماكن منها أحد أبراج أفاميا، وخلف الزلزال دماراً كبيراً.
وفي العام 1157، ضرب الزلزال مدينة دمشق وكان مروعاً، ووصلت تبعاته إلى مدن حمص وحماة وحلب.
أما في العام 1170، فشهدت مدينة حلب زلزالاً مروعاً، خلف حوالي 80 ألف ضحية ما بين قتيل وجريح، وقد تأثرت بهذا الزلزال مدن كثيرة مثل شيزر وأنطاكيا وبعلبك وطرابلس وحمص وحماة ودمشق وفلسطين واللاذقية.
كما جاء في وصف ابن واصل في كتب التاريخ، "أما في حلب فقد تهدمت القلعة وأبراجها ومآذن مساجدها وبيوتها ووجد عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض من المستحيل إحصاؤهم. ويذكر ابن واصل أن ضحية واحدة قتلت في دمشق بسبب سقوط حجر على رأسها؛ لأن السكان كانوا قد هجروا بيوتهم والتجأوا إلى الصحراء، وقد دامت الهزات عدة أيام ثم عاد الهدوء إلى ربوع حلب وجوارها".
وفي العام 1408، وقع زلزال في حلب وطرابلس وحمص وقلعة المرقب وحصل شق أرضي بطول 1000 متراً بالقرب من حلب.
وفي العام، 1822 تهدم ما بقي صامداً من الزلازل السابقة، ووصل عدد الضحايا إلى 20 ألفاً، قال الغزي في كتابه "نهر الذهب في تاريخ حلب"، "ومئذنة جامع العثمانية متقنة معقودة حجارتها بكلاليب الحديد والرصاص كبقية منارات حلب. دليل على إتقان بنائها أنها مر عليها عدة زلازل لم يتصدع منها شيء سوى زلزلة 1822، اندفع منها هلال المنارة فسقط على قبة القبلية فخرقها".
تركيا
تعرضت تركيا إلى زلزال شديد في أغسطس/آب 1999، استمر حوالي 45 ثانية بقوة 7.4 ريختر بمنطقة مرمرة (شمال تركيا)، تسبب في مصرع 17 ألفاً و480 مواطناً، كما خلف عشرات الآلاف من الجرحى، إلى جانب خسائر فادحة في الممتلكات في عدة مناطق شملت ولايات اسطنبول وكوجالي ودوزجه وصقاريا ويالوفا.
كما تسبب الزلزال في انهيار وإصابة 35 ألف منزل، و5 آلاف و770 محلاً تجارياً بخسائر كبيرة، وقُدرت الخسائر المادية بـ11 ملیار دولار.
وقد وصل عدد الضحايا في ولاية كوجالي وحدها إلى 9 آلاف و477 شخصاً فيما بلغ عدد الجرحى فيها 9 آلاف و881 شخصاً.
كما تعرضت تركيا أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 إلى سلسلة هزات أرضية شعر بها سكان اسطنبول، وصلت أصداؤها إلى اليونان، وبلغت قوتها 6.7 بمقياس ريختر.
كذلك تعرضت مدينة اسطنبول إلى زلزال في يوليو/تموز من العام 2016، شعر به سكان منطقة مرمرة، بلغت قوته 4,4 درجة حسب مقياس ريختر، ولم يتسبب في وقوع أي خسائر.
فلسطين
وقع زلزال مدمر في مدينة نابلس 1927، وبلغت شدته 6.2 درجة على مقياس ريختر، كان مركزه في غور بالأردن، قرب جسر دامية، على بعد حوالي 25 كيلومتراً شرق نابلس.
وقد دمر الزلزال 300 منزلاً ومبنى في المدينة القديمة في نابلس، من ضمنها جامع النصر التاريخي وأجزاء من الجامع الصلاحي الكبير، وقد شعرت به مناطق بعيدة عن مركز الزلزال مثل صفد ، والجليل وحتى لبنان.
اليمن
شهد تاريخ اليمن عدداً من الزلازل المدمرة، إلا أن أول زلزال يقاس بدقة في اليمن كان في ديسمبر/كانون الأول من العام 1982، وكان مركزه قرب مدينة ذمار شمال شرق البلاد، والذي تكون من هزتين متتاليتين فصلت بينهما 12 ثانية، وبلغت قوة كل منهما 6 درجات على مقياس ريختر.
وقد ذكرت هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية أن سكان صنعاء ونجران في السعودية شعروا بالزلزال، وأنه تسبب في وقوع قرابة 2,800 ضحية، وشرد 700,000 شخص، كما دمر كلياً أو جزئياً 300 قرية يمنية بحسب موقع "أخبار اليمن".
وقد حدثت هذه الهزة على بعد مئات من الكيلومترات من طبقة أرضية جيولوجية معقدة تتضمن براكين نشطة ونتوءات جبلية في قاع البحر، في منطقة مكتظة سكانياً على بعد 70 كيلومتراً (43 ميلاً) جنوب صنعاء، وتضررت القرى بشكل كبير حيث تعرضت لانهيارات صخرية وأرضية كبيرة.