الإعلام الجديد يحد من تدخل حارس البوابة The Gate Keeper.

ثمة قناعة لا يمكن أن يختلف فيها المتتبعون والفاعلون في الحقل الإعلامي التقليدي والجديد على حد سواء؛ وهي أن كل النظريات التي أطّرت الإعلام التقليدي وصنعت هالته ووجهت الرأي العام وهَنْدَستْ أشكال الوعي والفكر والقيم العامة والأفكار والآيديولوجيات... كلها تهاوت أمام الإعلام الاجتماعي الجديد،

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/09 الساعة 23:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/09 الساعة 23:56 بتوقيت غرينتش

ثمة قناعة لا يمكن أن يختلف فيها المتتبعون والفاعلون في الحقل الإعلامي التقليدي والجديد على حد سواء؛ وهي أن كل النظريات التي أطّرت الإعلام التقليدي وصنعت هالته ووجهت الرأي العام وهَنْدَستْ أشكال الوعي والفكر والقيم العامة والأفكار والآيديولوجيات… كلها تهاوت أمام الإعلام الاجتماعي الجديد، ولعل أشهر نظرية عششت في أذهان المشتغلين بالإعلام مثلما مورست على أرض الواقع، خصوصاً في الدول الغربية التي انتهجت أسلوب التأثير السلوكي في الأخبار والقصص والقضايا الاجتماعية والسياسية والحربية والفنية، هي نظرية حارس البوابة The Gate Keeper، وهي النظرية التطبيقية التي اعتمدتها غالبية الوكالات الإعلامية المشهورة خلال القرن العشرين، وهي تقضي في معناها بضرورة فلترة وتنقية وتصفية المصادر الخبرية حسب الرؤية التي تراها المؤسسة الإعلامية وتبعاً لخطها التحريري أو تبعاً للروح السياسية التي تحرك المؤسسة الإعلامية في الخفاء.

فوجود" #حارس_البوابة"، إذن يشكل حاجزاً إعلامياً لتلافي كل القصص والأخبار التي يمكنها أن تؤدي إلى التأثير المعكوس الذي تتوخاه #المؤسسة_الإعلامية، ووظيفته إذن هي وظيفة انتقائية بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ إذ إنها تنتج ما يمكن الاصطلاح عليه بـ"الطّبَقِيّة الإعلامية"، تشبه مثيلتها الطبقيّة الاجتماعية التي تصنف فيها المجموعات البشرية تبعاً لطبيعة إنتاجها وموقعيتها من الإنتاج الاقتصادي، فكذلك طبقية الإعلام والمعرفة والتواصل التي تنتجها نظرية حارس البوابة، وبما يسمح للمؤسسات الإعلامية المتنفذة من توجيه الرأي العام مثلما يفعل الساحر بتوجيه يديه إلى غير ما يفعله!

وانطلاقاً مما أسلفنا في التدوينة السابقة "الإعلام الجديد.. يكذّب نبوءات مدرسة فرانكفورت الفلسفية!" بكون أنه ومع تغير الباراديجمات العلمية والتكنولوجية خلال القرن الـ20 وبدايات القرن 21، وبالضبط مع إعلام New Media أول عقود القرن الـ21 الذي حول "المجتمعات المتشكلة افتراضياً" إلى طبقات واعية بموقعيتها من الإنتاج التواصلي وهامشيتها ضمن "حركية المعلومات"، مثلما سمح بالتحول من الإعلام التقليدي مع استمراره إلى إعلام، يفتح كل الزوايا زوايا وأوجه الحقيقة ويكشف الأبعاد والخطوط المحرّمة في الإعلام التقليدي، وهي الأبعاد المتحكم فيها من طرف – حارس البوابة، ومن هنا لم يعد بوسع المؤسسة الإعلامية أن تحتكر المواد الإعلامية؛ لأن الشبكات الاجتماعية للتواصل التي تتابع الواقع والتي تقوم على حرية العرض أفضت نوعياً إلى التجاوز والتقليل من رقابة حارس البوابة ولثقافة الترخيص، ويبدو هذا من خلال شكل الصحافة الإلكترونية والتدوين، ومثال ذلك أيضاً قابلية "هافينغتون بوست" لاستيعاب كل الأقلام وكل الأفكار والتوجهات الفكرية والدينية.

إن هذا التناهي الذي شاب نظرية حارس البوابة يرجع في الحقيقة إلى عاملين أساسين حاسمين؛ أولهما الانفجار التكنولوجي الآلي المتمثل في الأجهزة الذكية اللوحية والهواتف الذكية والشاشات الذكية، وبالموازاة معه تطور البيئات البرمجية كالـ: HTML5، JAVA، C SHARP، وغيرها، وكذلك في أنظمة التشغيل الأكثر شهرة ANDROID، IOS، WINDOWS MOBILE، هذا فضلاً عن تنامي مفاهيم كالشفافية والمهنية الصحافية، وصحافة المواطن وصحافة النشطاء، وهو لا يزعج أكثر ما يدعم المؤسسات الإعلامية المنفتحة، هذا فضلاً عن أننا نجد ترحاباً لدى كل المؤسسات الإعلامية سواء على أرض الواقع أو الواقع الافتراضي، ترحاباً بمطلب الواقعية والشفافية التي تصاحب الإنتاج الإعلامي للمواطن؛ لأنه خلف المنتج الاجتماعي قضايا تتقاطع مع توجهات مختلفة تنبع من قناعة القناة بضرورة الاختلاف _ الرأي والرأي المضاد_ سواء من خلال التدوين أو على منصة Youtube أو ضمن تفاعلات FacebookوTwitter، على أن – الحراس – الصحافيين الجدد وهم الناشطون الجدد – الذين يتناقلون المواد الصحافية، نجحوا في قلب مفهوم الانفعالية الصحافية، التي نقصد بها ذاك الانصياع وراء توجهات آيديولوجية أو خطوط تحريرية في المؤسسات الإعلامية ذات التبعية للسلطة أو الحزب السياسي، حيث الصحافي فيها يعد مجرد مفعول به وليس فاعلاً، وهي الوضعية التي كرستها نظرية حارس البوابة إلى فاعلية أساسها ديمقراطية التعبير والنشر ومشاعية الخبر الذي جاء به الإعلام الجديد ضمن عالم الويب.

ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد