هيفاء البيطار.. هل تكشف سوءة المرأة العربية أم تدافع عنها؟

التحلل التام والانعتاق من كل قيد من قيود الدين والأخلاق والأعراف هي تسميها حرية.. والتي يسميها كل عاقل تحلل من الضوابط التي تضبط إنسانية الإنسان..

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/02 الساعة 04:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/02 الساعة 04:55 بتوقيت غرينتش

أنا من متابعي موقع "الجزيرة نت"، وأرى هذا الموقع من المواقع التي استطاعت كسب الثقة على المستوى العربي، لمصداقيتها ومواكبتها للحدث، وفي إتاحتها لوجهات النظر المتغايرة للظهور للعلن؛ ليوضح كل منها أفكاره وما يراه ينطبق عليها، ولا يتعصب هذا الموقع لجهة دون أخرى.

ولكن موقع الجزيرة نت بدأ بتنفيذ فكرة قبل فترة، وهي استطلاع آراء مثقفي العالم العربي حول الربيع العربي في زاوية ثقافة وفن، وفي الحلقة الثانية منه، أجرى الموقع مقابلة مع هيفاء البيطار الروائية السورية، والتي كان عنوان مقابلتها هو: "الربيع العربي عرى المثقفين المقاولين"، تحدثت في المقابلة عن الدور الضئيل للمثقفين في الربيع العربي، ووصفتهم بالمنافقين وفندت أدوارهم التي لعبوها في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العالم العربي؛ لتتراوح ما بين الصمت التام على ما يجري، أو الهروب إلى الخارج وإطلاق عبارات رنانة وانتقاد ما يجري، إلى اللجوء إلى ممالأة الأنظمة على ما هي عليه، أو الانتفاع من الثورات التي انطلقت.

ورغم أنني قارئة نهمة، إلا أنني وحتى وقت قريب لم أكن أعرف شيئاً عن هذه الكاتبة التي أخجل أن أقول بأنني عرفتها لاحقاً، وما دفعني للبحث عنها والاطلاع على كتاباتها هو كثرة تعثري باسمها في مواقع الإنترنت والـ"الزيطة" التي رافقت صدور روايتها "امرأة في الخمسين".. ما دفعني إلى تنزيل إحدى رواياتها عن الإنترنت، رواية "امرأة من طابقين" وبدأت أطَّلع عليها…

حقيقة لم أستطع إكمال قراءتها، وقفزت بشكل سريع لنهايتها لأجد الكاتبة تصف بطلة روايتها بعد تنقلاتها في أحضان العديد من الرجال، وتصف من يرفض السقوط معها في علاقة جنسية "بالمخصي"، تصف هيفاء البيطار بطلة روايتها في النهاية بأنها عادت نقية بعد فشلها في تحقيق النجاح والشهرة ككاتبة، رغم أن القارئ يستطيع رؤية البطلة التي تدَّعي صاحبتها نقائها أنها تريد تسلق سلم الشهرة والمجد بمغامرات الإغراء الكثيرة التي أبدعت فيها البطلة "النقية" وأبدعت الكاتبة في وصفها بدقة منتاهية، والتي كان آخرها قبل نهاية الرواية مع ناشر مرشح لكتاباتها..

قمت بقذف الرواية في سلة المحذوفات بعد أن سيطر الاشمئزاز على نفسي.. لا أخفي أن الأسلوب الأدبي للرواية جميل جداً يجذبك لتتابع القراءة، ولكن تكمن الكثير من الأفكار المشوهة المقرفة لأبعد الحدود خلف ذلك التنميق الأدبي.
التركيز الأكبر لدى هذه الكاتبة كان أن المرأة جسد، تستغله صاحبته لتحقيق شهواتها المستعرة للوصول لمأربها وتحقيق النجاح والشهرة من خلاله.. ورغبات متصارعة ترضخ صاحبتها لتلبيتها…

ما أثار استغرابي جداً أن هيفاء البيطار انطلقت في لقائها مع الجزيرة نت تنتقد دور المثقفين العرب في ثورات الربيع العربي، وتدَّعي بأن هذه الثورات قد عرتهم وأسقطت ورقة التوت عن سوءاتهم؛ لأن دورهم لا يكاد يذكر في تعرية الأنظمة المستبدة، هيفاء البيطار التي تتعرى في كتاباتها من الدين والخُلق وكل ما اتفق عليه المجتمع العربي الإسلامي من الثوابت التي تميزه.. وتتمرد الكاتبة وتحارب أي قيد يقيد حرية الإنسان من الانطلاق كالبهائم في هذا العالم، تطالب دوماً وبإصرار بالحرية الجنسية التامة للمرأة، وفي ذات الوقت تدَّعي بأنها تدافع عن حق المرأة وحريتها…

التحلل التام والانعتاق من كل قيد من قيود الدين والأخلاق والأعراف هي تسميها حرية.. والتي يسميها كل عاقل تحلل من الضوابط التي تضبط إنسانية الإنسان.. تخيلوا معي لو أن الكون يسير بشكل فوضوي دون ضوابط تنظمه وتنظم العلاقات والارتباطات التي تدور فيها الأشياء الكثيرة جداً التي لا يمكن على بشر إحصاؤها، كيف سيكون الحال حينها يا تُرى؟ هل ستستمر حياة؟ ولو افترضنا جدلاً بأنها استمرت، هل بإمكانها أن تتطور وتتقدم وتصل إلى ما وصلت إليه الآن؟

هيفاء بيطار لمن لا يعرف كتاباتها تثور على الذكورية في المجتمع العربي، التي تفرض القيود على الأنثى وتترك سقفاً عالياً من الحرية بالمقابل للذكور، وفي نفس الوقت تعتبره ظلماً (تعبر عنه في رواياتها كالرواية التي تحدثت عنها في بداية مقالي) للأنثى أن تُمنع من الاقتراب من الذكور وإقامة علاقات معهم بغض النظر عن الصلة التي تربطها بهم…

وبعد كل هذه الأفكار الشوهاء التي تبثها هيفاء بيطار، تراها تعتبر نفسها صاحبة رسالة لكسر صمت النساء (كما قالت في أحد اللقاءات مع الجزيرة نت).
تتبعت سيرة هيفاء البيطار عساني أجدها تقف في وجه النظام المستبد ضد اغتصاب النساء وتعذيبهن في السجون وإلقاء جثثهن عارية تحمل أرقاماً مكتوبة على الجلد (كالصور التي كثيراً ما سُربت وشاهدها العالم من شرقه إلى غربه)، ولكني لم أرها تقف في وجه طغيانٍ رمَّل المرأة وشردها واضطرها للجوء إلى دول غربية اجتازت بحاراً ومناطق ثلجية وتعرضت خلال ذلك للتحرش والاغتصاب والموت غرقاً في أحيان كثيرة فقط لتنجو بحياتها ولتحصل على كسرة خبز تسد رمقها.

ما أعوزنا لامرأة تدافع عن حقنا -نحن النساء- في العيش بكرامة وعزة ونقاء وطهر، عزيزات مكرمات، تكتب عن همومنا وليس امرأة تعين الفاسدين من الرجال ممن يدَّعون أنهم مثقفون لإظهارنا على أننا جسد ومتعة، وسلعة رخيصة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد