لطالما كانت الكتابة مُنتجاً شخصياً، وما إن ينال الكاتب شهرةً واعترافاً عالمياً حتى تبدأ النزعات الشيفونيّة، ليدافع كل بلد عن مسقط رأس الكاتب وينبري مثقفوه بنحله شخصاً ونصاً لأنفسهم.
إلا أن الموضوع يتجاوز الانتماء الجسدي لمكانٍ جغرافي، فالأمر مرتبط بهويةٍ ثقافيةٍ وهوياتٍ مختلطة يجتمع فيها ما هو موروث "بلد الولادة"، وما هو مكتسب "بلد النشأة".
فيما يلي قائمة بأهم الكتاب ذوي الأصول العربيّة والهويات المختلطة، والذين كان لهويتهم هذه أثراُ في منتجهم الأدبي:
1- البير كامو (1913-1960)
حصل الروائي الفرنسي من اًصول جزائرية على جائزة نوبل للآداب، وهو من الكتاب المؤثرين في القرن الـ 20، وخصوصاً فيما يتعلق بنظريات العبث واللاجدوى.
إلا أن الأخير تناول في روايته "الغريب" جريمة قتل يرتكبها الفرنسي بحق عربي لا نعرف اسمه، ما أثار الكثير من الجدل. فكامو – لا كروائي بل كصحافي -، كان من الناشطين من أجل حصول الجزائر على كافة حقوقها السياسية، إلا أنه لم يتحدث عن استقلالها، ما أثار لغطاً حول علاقته بموطنه حتى الآن.
بل إن الروائي كمال داوود أصدر مؤخراً رواية "معارضة الغريب" ليروي وجهة نظر العربي الذي قتله مورسو ومعاناة أسرته، بعدما تركهم كامو مجهولين.
2- ادوارد سعيد (1935-2003)
يعتبر الكاتب الفلسطيني – الأميركي من أشهر أنصار القضية الفلسطينية والمنظرين لها.
وبرغم الاتهامات التي كالها المفكر السوري صادق جلال العظم ضده كعميل للاستخبارات الأميركية، لا يمكن إنكار فضل سعيد على القضية. إذ يعد كتابه "الاستشراق" من دعائم الدراسات ما بعد الكولونياليّة، وفيه يؤسس سعيد لنظريته حول صورة الشرق التي خلقها الغرب، والجوهر السلبي لهذه الصورة. وبالرغم من أن سعيد يكتب بالإنكليزيّة، إلا أنه علاقته مع بلاده الأصل كانت أساس مشروعه الفكري.
3- جاك دريدا (1930-2004)
يعتبر الفيلسوف والمفكر الفرنسي جاك دريدا مؤسس المذهب التفكيكي في النقد والفلسفة. وصلت شهرته حد العالمية لعمق أفكاره من جهة وصعوبتها، ما جعل منه علماً من أعلام القرن الـ 20 والتفكير ما بعد الحداثي.
لكن دريدا جزائري الأصل لأسرة يهودية هاجرت إلى فرنسا، وشكلت صدمة طرده من المدرسة بوصفه "الأسود الصغير والعربي اليهودي" – إلى حد ما – جوهر عمله التفكيكي.
فانتمائه للـ "هامش"، جعل أغلب دراساته تنصب على تفكيك المركزية الأوروبيّة، والانتصار لهذا الهامش بوصفه يكتسب مركزه "الأدنى" من موقع تقييم يمتلكه "المركز"، وهذا ما لا يراه دريدا صحيحاً. كما نرى أثر نظرياته في كتبه كـ"استراتيجيّة التفكيك"، و"أحاديّة الآخر اللغويّة".
4- ايتيل عدنان (1925- الآن)
عدنان المقيمة في باريس تعتبر من أشهر الأعلام اللبنانية – الأميركية ورواد الحركة الشعرية المعاصرة.
نالت شهرة عربية لعملها في الصحافة الثقافية كمحرر ثقافي في جريدة "الصفاء" الناطقة بالفرنسية والصادرة من بيروت. وإلى جانب نشاطها الأدبي، فهي فنانة تشكيلية عالمية، ومؤخراً منحتها الحكومة الفرنسية لقب فارس الفنون والآداب في 2014.
5- محمد اركون (1928-2010)
يوصف الكاتب والمفكر الفرنسي ذو الأصول الجزائرية، بأهم الأسماء التي أثرت في التفكير والثقافة الإسلامية.
تتناول أبحاثه العلاقة بين الإسلام ومفاهيم المعاصرة، إلى جانب محاولته لجعل الإسلام تنويراً عبر البحث وإعادة إنتاج التراث الإسلامي.
تتوفر أعمال بالعربية والإنكليزية والفرنسية، وقد نال في العام 2003 جائزة ابن خلدون للتفكير الحر في برلين.
6- رفيق الشامي (1946-الآن)
الكاتب السوري – الألماني من الأصوات المميزة في القصة القصيرة المعاصرة، إلى جانب عمله كناقد أدبي.
يبحث الشامي في الثقافة الشعبية السورية وتقنيات السرد المرتبطة بالحكواتي وحكاياته المترابطة.
نال الشامي الكثير من الجوائز الأدبية عن فئة القصة القصيرة، وصدر له عدد من الترجمات باللغة العربيّة كـ"حكواتي الليل" و"الجانب المظلم من الحب".
7- أمين معلوف (1949-الآن)
يعتبر الكاتب اللبناني – الفرنسي من أكثر الكتاب العرب شهرة بالرغم من أنه يكتب بالفرنسيّة. فأعماله التاريخية المتخيلة، سواء تلك التي تعود إلى التاريخ الإسلامي كـ "سمرقند" أو التي تتناول التاريخ المعاصر للبنان كـ "الهويات القاتلة"، موجودة في مكتبة كل من يهوى الكتب.
انتُخب معلوف في العام 2011 لينال مقعداً في الأكاديمية الفرنسية، ليصبح أول كاتب من أصل لبناني ينال هذه الميزة.