"ساول تامازيغت"، عبارة أمازيغية تتكرر كثيراً داخل البرلمان المغربي، وتعني بالعربية "تكلم الأمازيغية"، حيث يطالب نواب برلمانيون بحقهم في الحديث باللغة الأمازيغية وطرح الأسئلة بها على المسؤولين خلال الجلسات، كوسيلة للضغط على الحكومة للتعامل مع لغتهم كلغة رسمية للبلاد، كما أقرها الدستور، وهو ما يحوّل البرلمان المغربي، في مرات عديدة، إلى حلبة صراع.
جلسة يوم الثلاثاء 5 يناير/كانون الثاني 2016 بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي)، تحوَّلت إلى شد وجذب، حين طرح مستشار عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارض) سؤالاً له على وزير التشغيل باللغة الأمازيغية، ليجيب الوزير هو الآخر بنفس اللغة كونه يتقنها، على خلاف بعض الوزراء والبرلمانيين الذين يقفون مصدومين حين تُطرح عليهم أسئلة بالأمازيغية.
جدل بين البرلمانيين
عبد العزيز أفتاتي، برلماني عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة، اعتبر أن تعميم اللغة الأمازيغية في البرلمان وباقي المؤسسات "مسألة وقت فقط"، مشيراً في تصريحه لـ "عربي بوست"، إلى أنه "لا يجب أن يبقى التعامل مع الموضوع على أنه إشكالية وقضية كبرى، لأن الأمر يتعلق بالوقت فقط".
وأضاف أفتاتي أنه "خلال طرح أحد البرلمانيين سؤالاً باللغة الأمازيغية، يجب أن تتم الترجمة كي يتم استيعاب السؤال من طرف المسؤول الحكومي الذي يجيب عن السؤال، لأن هناك وزراء لا يفهمون اللغة أو لم يتعلموها".
وأكد ذات المتحدث في تصريحه على أنه في مثل هذه الحالات، فإن البرلماني "يمكنه طرح السؤال باللغة الأمازيغية على أن يتم بعث السؤال الكتابي إلى الوزير كي يجيبه عنه".
عبد الحميد الفاتيحي، مستشار برلماني عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وهي نقابة عمالية بالمغرب، اعتبر أن المشكل ليس في الحديث بالأمازيغية في البرلمان، وإنما "فيما إن كان لدينا تصور متكامل لهذه اللغة الرسمية".
وحمل الفاتيحي في حديثه لـ "عربي بوست" حكومة عبد الإله بن كيران، مسؤولية "عدم إخراج قانون تنظيمي للغة الأمازيغية كما ينص على ذلك الدستور المغربي، ما يجعلنا نسقط في هذا النقاش البيزنطي" على حد تعبيره، داعياً في حالة إخراجه، إلى "عدم إفراغه من محتواه، حتى تصير الأمازيغية مماثلة للعربية".
أمازيغ : يجب الحديث بالأمازيغية في البرلمان
بوبكر أونغير، رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، انتقد البرلمانيين عن حزب العدالة والتنمية، بسبب مقاطعتهم لزملائهم الذين يطرحون أسئلتهم باللغة الأمازيغية، حيث قال إن الحكومة المغربية "مستمرة في تعنتها تجاه إخراج القوانين التنظيمية الخاصة بالأمازيغية كما أنها ما تزال ترفض استعمالها في المؤسسات العمومية، والدليل تهجم أعضاء من حزب العدالة والتنمية على البرلمانيين والأمازيغ الذين يريدون التعبير عن آرائهم باللغة الرسمية الأخرى، أي الأمازيغية".
ونوَّه أونغير في تصريحه لـ"عربي بوست"، بـ"المبادرة الفردية للنواب البرلمانيين والمستشارين لكسر الحصار عن استعمال الأمازيغية"، داعياً مجلس النواب ومجلس المستشارين إلى "استعمال اللغة الأمازيغية في مداولاتهما ما داما يخاطبان شعباً مغربياً غالبيته العظمى أمازيغ".
كما أكّد المتحدث نفسه على أن "استعمال الترجمة الفورية أمر ضروري وممكن، لكن الحكومة الحالية لا تريد تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتسعى بكل جهدها لإقصائها من الحياة العامة".
برلمانيون أحرجوا الوزراء بالأمازيغية
وكانت النائبة البرلمانية فاطمة تابعمرانت، أول نائبة تتقدم بسؤال باللغة الأمازيغية داخل البرلمان المغربي، وهو السؤال الذي أثار ضجة حينها في الأوساط السياسية، خاصة أنه أتى مباشرة بعد ترسيمها دستورياً كلغة رسمية للمغرب، إلى جانب العربية، وهو الأمر الذي أربك المؤسسة التشريعية، ولا سيما وأنها لا تتوفر على وسائل لوجيستيكية للترجمة إلى اللغة العربية.
وعادت النائبة المذكورة، وهي فنانة مغنية أمازيغية معروفة في المغرب، شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لطرح سؤال بالأمازيغية على وزير الداخلية، وهو الذي رد عليها حينها باللغة الأمازيغية، قبل أن يجيب من جديد باللغة العربية، "كي يفهمني الجميع"، على حد تعبيره.
كما عاد البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض محمد أبركان، ليثير الجدل بسؤاله بالأمازيغية، حين خاطب لحسن الداودي، وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، بخصوص إنشاء جامعة مستقلة عن جامعة محمد الأول بمدينة وجدة، على الحدود المغربية الجزائرية.
وزير لبرلماني: عليك أن تدرس الأمازيغية
وفي واحدة من الجلسات التي أثارت الجدل بمجلس المستشارين، كان وزير التشغيل المغربي، عبد السلام الصديقي، قد دعا أحد المستشارين إلى تعلم اللغة الأمازيغية.
الوزير الذي كان يتحدث حينها باللغة الأمازيغية عن الجالية المغربية المقيمة في هولندا، خاطب أحد المستشارين بعد أن قاطعه ودعاه للحديث بالعربية عوض الأمازيغية، بدعوى أنه لا يجيدها، قائلاً له "اذهب لتعلمها إن كنتَ لا تتقنها"، وهو الأمر الذي حوَّل الجلسة إلى حلبة صراع.