بدأ الأمر كصدقةٍ جاريةٍ على روحٍ صالحة، ثم ما لبث أن تحول إلى مبادرةٍ تحاول إعادة "أمة إقرأ" إلى حقول القراءة الوارفة، حيث تربى بيغوفيتش واحتسى شرابها العذب أبو حامد الغزالي وابن خلدون وابن رشد.
اتخذت المبادرة شعار "خير جليس" عنواناً لتدشن أولى جلساتها باجتماع مجموعةٍ واحدةٍ فقط من نخبةٍ ثقافيةٍ نسائيةٍ متنوعة الجنسيات بدولة قطر.
إحياء ثقافة القراءة
تقول نادية الدبشة – إحدى مؤسسات مبادرة "الكتاب خير جليس" – لـ "عربي بوست" إن مجموعة المؤسسة "اتفقت على الرؤية والرسالة والأهداف، وانطلقت المبادرة لتشق طريقها لنشر ثقافة الوعي بأهمية القراءة حتى تكون القراءة اُسلوب حياة، ومن هنا كان اللقاء الأول والكتاب الأول والنقاش الأول".
وتوضح الدبشة أن مجموعات النادي متنوعة ما بين مجموعات أدبية تقرأ الكتب الأدبية، واُخرى متنوعة تقرأ الفكر والأدب والسياسة، فيما يطالع آخرون باللغة الإنكليزية لاحتواء للثقافات المتنوعة بدولة قطر.
نصف كتاب سنوياً
الدبشة دقت ناقوس الخطر بمعدل القراءة في الوطن العربي عبر تقرير منظمة الـ "يونيسف"، فقد أوضح التقرير أن المواطن العربي يقرأ نصف كتاب سنوياً؛ مؤكدة أنها مشكلة يجب أن تنتبه لها الحكومات.
وشددت على أهمية الاهتمام بزرع عشق القراءة في قلوب وعقول الأطفال الصغار- الجيل الجديد -، متمنيةً أن تنتهي أزمة اللا قراءة التي تعاني منها المجتمعات العربية.
أهداف النادي
أما المتحدثة الإعلامية للنادي ريما محيسن، فتقول بدورها إن "خير جليس" بدأ بمجموعةٍ واحدةٍ من النساء، "ووصلنا الآن إلى 30 مجموعة، تتراوح أفراد المجموعة الواحدة ما بين 10 إلى 12 عضواً"، مؤكدةً أنها مع توسيع المبادرة وانتشارها لتضم الرجال أيضاً.
وأوضحت محيسن أهداف النادي التي تتمثل في إيجاد بيئة مثقفة ومتناغمة ثرية فكرياً؛ تحث القٌراء وتقوي عزمهم على مواصلة القراءة، إلى جانب تنمية مهارات القراءة كمهارة انتقاء الكٌتب ومهارة التفكير النقدي.
كما يهدف النادي لإتاحة الفرصة للتواصل مع الكتاب والمؤلفين وتبادل النقاش معهم حول مؤلفاتهم والاستفادة من خبراتهم الحياتية.
وتشير المتحدثة الإعلامية لـ "خير جليس" أن للنادي قوانين، منها أن العضوية تبدأ من سن الـ 17، كما تنص على اختيار الكتب بالديمقراطية والتصويت الحر المباشر عبر تطبيق WhatsApp كوسيلة للتواصل.
وتنص القوانين أيضاً على احترام الأفكار والثقافات المتعددة والمذاهب الدينية المختلفة لباقي المنتسبين للنادي.
وتضيف ريما أن المجموعات تجتمع مرة شهرياً لمناقشة الكتاب المتفق عليه، "وتدوم مدة النقاش غالباً لساعتين، فنختار مديراً للجلسة من أعضاء المجموعة، وهذا أمر مقصود لتشجيع الجميع على إدارة الجلسات والتحدث بحرية أمام الجميع، فهدف المبادرة ليس صناعة القارئ المنطوي على ذاته، بل القارئ المنفتح على المجتمع الذي يفيد بقراءته محيطه من أسرة ومجتمع".
وتؤكد محيسن أن النادي يسعي إلى تنظيم فعاليات متنوعة تخدم أهداف النادي وتسعى لاستقطاب الأعضاء الجدد، وتفعيل دور القراء المنتظمين والاستفادة من خبراتهم، "فمثلاً قمنا بتنظيم أمسية شعرية للشاعرة ديمة الخطيب، وندوة لمناقشة رواية حجي جابر (سمراويت) وفعاليات أخرى تخدم أحياء ثقافة القراءة".
وتختم، "ننظم دورات بالتعاون مع مؤسسات ثقافية هنا في قطر لدعم القراءة، ونحرص كل الحرص على المشاركة السنوية بمعرض الدوحة الدولي للكتاب تتضمن نشاطات عدة منها أنشطة للأطفال".
القراءة ممحاة للهموم
تصف إيلين – إحدى أعضاء مجموعة مرفأ -، المبادرة بأنها رائعة وتستحق الاهتمام والتقدير والحث على الانتشار، "فالقراءة عشق وأسلوب حياة، عندما أجد نفسي مهمومة، أهرع إلى الكتب لأستنشق عبيرها".
ايلين "تهدي" نصيحةً لمن أراد أن يعود بآلة الزمن إلى الوراء، "فليمسك بكتاب ويقرأ عن عصور الظلام في أوروبا ويغوص في أعماق الوصف، فيشعر المرء أنه أحد مفردات هذا العصر، وليعود بآلة الزمن أيضاً ليعايش – سير التراجم – رجال عظماء أناروا البشرية، وأطفأوا الحروب وعمروا البشرية، نقشوا أسمائهم بين جنبات التاريخ بماء الذهب، أناسٌ أناروا قصور الحمراء وعمروا أرجاء الهند ونشروا الأخلاق في أجل صورها".