مع كل صورة لتصاعد أعمدة الدخان الناتجة عن غارات جوية أو تفجيرات مفخخة في المدن اليمنية، تبدأ الفنانة سبأ غلاس في تحويل تلك الصور إلى لوحاتٍ فنيةٍ، لتصنع قصصاً من الأمل والحياة وتطلق دعوةً للسلام والمحبة والتفاؤل.
بدأت الفتاة العشرينية طالبة الأدب الفرنسي، في جمع الصور التي يلتقطها مصورون محترفون وهواة للغارات التي تشنها مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية ضد مواقع الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وما تلبث تلك الصور أن تتحول إلى لوحات فنية منشورة عبر صفحتها على فيسبوك.
تقول غلاس لـ "عربي بوست"، إنها تجد في اللوحات تعبيراً عن إنسانيتها وتفاؤلها المطلق، "فكل الحكاية أني إنسانة متفائلة إلى أبعد حد وثقتي في الله مطلقة، وأرى أن الحل يكمن في أن يحب بعضنا بعضاً، لذلك حرصت من خلال لوحاتي أن أبرز ولو جانباً صغيراً من الجمال خلال هذه الحرب".
تضيف غلاس "أحببت فكرة الدعوة إلى السلام والمحبة من خلال أعمالي، لأنني أؤمن أن الفن مرتبط بالإنسانية وبحياة المدنيين الذين يكتوون بنيران الحرب القائمة منذ نحو عام".
وكانت أول لوحة للفنانة اليمينة سبأ غلاس محاكاة للوحات فنية لفنانين فلسطينيين حولوا صوراً لأعمدة الدخان المرتفعة من الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف في مدينة غزة خلال الحرب الأخيرة.
لوحات الفنانة اليمنية لقيت رواجاً كبيراً على الشبكات الاجتماعية وبرنامج المراسلات الفورية "واتس آب WhatsApp"، لما قدمته من أسلوب جميل للتماهي مع الحرب الدائرة في اليمن السعيد.
وفي ردود الفعل حول الفن الناشئ من ركام الحرب، تقول المدونة شيماء عايش عبر فيسبوك، "بينما يبحث آخرون عن صور الدمار ليدموا بها قلوب البشر، تعمل سبأ على جمع الصور لتجعل الجمال يستبيح القبح ويرسم الفرح بدلاً من الحزن".
يتفق عبدالجليل المساوي مع شيماء ويسجل تعليقاً بأن تلك الصور كانت أحد مظاهر الفرح بعيد الأضحى الذي كثفت فيه مقاتلات التحالف من غاراتها على العاصمة صنعاء، وقال "رغم الأوجاع والمآسي والحروب فإن غلاس تقوم بعمل بديع، بعد أن حولت مآسي الصور المخيفة والقصف الجوي في اليمن الى آمال وواحة للتأمل".
أنثى تدعو لوقف الحرب:
الفنانة اليمنية تركز في لوحاتها التي تخطى عددها الـ 20 لوحة، على إبراز المرأة اليمنية في كل لوحة سواءً كانت طفلةً أو أماً، موجهةً دعوة صريحة لإنهاء مسببات الحرب المستعرة في البلاد، وداعيةً العالم إلى بذل المزيد من الجهود لحلّ الأزمة الإنسانية الناجمة عنها.
وفي إحدى اللوحات تظهر فتاة صغيرة تعزف على آلة الكمان فوق أنقاض غارة، فيما تعكس لوحة أخرى امرأة تتزين باكسسوار من الموروث الشعبي اليمني، وتربت على وليدها بحنو بالغ، وكأنما تقول للعالم إن جيلاً جديداً سيتربى على هذه الأرض.
وتشكل لوحات غلاس مساحةً للأمل والجمال، كما تبعث رسالةً بأن الشعب اليمني يمقت الحرب ويحب الحياة، على عكس ما يُصوره الجماعات المسلحة.